استعادت الولاياتالمتحدة نهجها القديم ولكنها خرجت به عن المجال السياسي، إلي غيره فيما يمثل منحي خطيرا يزداد سوءا مع صمت الجميع خوفا أو تواطؤا، حيث تذهب للانتقام من أي جهة لا تمنحها ما ترغب فيه باستخدام طرق يدعون أنها قانونية والقانون برئ منها، فيهاجمون بشرطتهم أي مؤسسة في أي مكان، والتهمة الحاضرة سواء كانت صحيحة أم لا، هي الفساد، والدور علي ماليزيا. بعد عدة أشهر من مهاجمة الشرطة الأمريكية لمكاتب الفيفا "الاتحاد الدولي لكرة القدم" المختلفة بحجة الفساد، رغم أن رائحته منبعثة منذ سنوات طويلة حتي أنها كادت تلهب الأنوف من شدتها، ولكن الاستنتاج اليقيني الذي أدركه الجميع أن ما قامت به الولاياتالمتحدة كان هدفه الرئيسي الانتقام من الفيفا التي منحت تنظيم كأس العالم لقطر علي حسابها، رغم أنها سبق وأن نالت شرف هذا التنظيم عام 1994 وهناك غيرها يستحق ولم يحصل عليه. ها هي مؤسسات أمريكية أخري في مجال مغاير تسير في ذات الاتجاه، وهذه المرة تخلط بين السياسة والاقتصاد والفنون في آن واحد، فبعد فسخ عدد من الاتفاقات الاقتصادية الموقعة بين البلدين وانتهاء البعض الآخر محدد المدة دون تجديده بناء علي رغبة الحكومة الماليزية، بدأت الولاياتالمتحدة انتقامها بدعوي قضائية تتهم فيها إحدي المؤسسات المالية الكبيرة هناك بالفساد وغسيل الأموال، واعتبروا أن ذلك يخول لهم مداهمة بعض المقرات وتفتيشها، ومن ثم ضرب سمعة ماليزيا الاقتصادية لتكون عبرة لغيرها. واستمرارا لعودة نهج قانون الغاب، قامت الشرطة بتفتيش أحد الصناديق الخاصة بالحكومة الماليزية والمرتبطة بهذه المؤسسة، ومصادفة وجدوا ثلاث لوحات يعتقد أنها أصلية مسروقة واحدة لفان جوخ واثنتان لكلود مونيه، مما يعني توجيه تهمة السرقة وتهريب قطع فنية وأثرية للحكومة الماليزية، والتي بدورها رفضت التعليق علي ذلك. المدهش في الأمر أن هذه اللوحات الثلاثة تحديدا مدرجة ضمن دعوي أخري مرفوعة في محكمة اتحادية في كاليفورنيا، وعلي الأغلب فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستحاول الزج باسم رئيس وزراء ماليزيا "نجيب عبد الرزاق" في السرقة دون سواه لزيادة الضغوط عليه وإجباره علي الانصياع لرغبتهم أو الرحيل عن الحكومة، بل وجعله عبرة لغيره ممن يحاولون حماية بلادهم وحقوقها السياسية والاقتصادية.