بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مركز منوف بمحافظة المنوفية    استقرار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة.. البطاطس ب 12 جنيهًا    مصر تجدد قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلى وتحذر من عواقبه    "الطاقة المستدامة": مصر تنتهي من تنفيذ 80% من محطة طاقة بنبان الشمسية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 46 ألف جنيه    رئيس حزب الاتحاد: أمريكا تواصل دفاعها الأعمى عن الاحتلال وتتجاهل حق الشعب الفلسطيني    أول تعليق لوزير الخارجية الإيراني بشأن الهجوم الإسرائيلي على أصفهان    الهجوم على مرحلتين| قناة إسرائيلية تكشف تفاصيل اجتياح رفح الفلسطينية.. هل إيران متورطة؟    خبير استراتيجي: الضربات العسكرية المتبادلة بين إيران وإسرائيل تمت باتفاق مع أمريكا    قبل مواجهة مازيمبي| الأهلي يشكر سفير مصر في الكونغو    تشكيل النصر المتوقع أمام الفيحاء.. غياب رونالدو    الأهلي يعلن موعد الاجتماع الفني لمباراة مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    عاجل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة القادمة    الحكومة توضح حقيقة قرار عودة عمل الموظفين بنظام ال«أون لاين» من المنزل أيام الأحد    القبض على عاطل سرقة مبلغ مالي من صيدلية بالقليوبية    100 سنة غنا.. تجارب سابقة وإضافات جديدة: كواليس حفل علي الحجار فى الليلة الثانية    موعد ومكان صلاة الجنازة على الفنان صلاح السعدني    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    بسبب سرعة الرياح.. وقف رحلات البالون الطائر في الأقصر    الإسكان: 900 حملة لمنظومة الضبطية القضائية للتأكد من المستفيدين لوحداتهم السكنية    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بفستان قصير.. والجمهور يغازلها (صورة)    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    "التعليم": "مشروع رأس المال" بمدارس التعليم الفني يستهدف إكساب الطلاب الجدارات المطلوبة بسوق العمل    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء فتاة حياتها بحبة الغلة في أوسيم    استشهد بمواجهة مدريد وسيتي.. دي روسي يتحدث عن فوز روما على ميلان    تعديلات على قانون المالية من نواب الحزب الديمقراطي    إصابة جنديين إسرائيليين بجروح جراء اشتباكات مع فلسطينيين في طولكرم بالضفة الغربية    20 مدرسة فندقية تشارك في تشغيل 9 فنادق وكفر الشيخ وبورسعيد في المقدمة    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    مجلس الناتو-أوكرانيا يعقد اجتماع أزمة حول الدفاع الجوي في كييف    الدولار على موعد مع التراجع    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    محمود عاشور: لم أكن أعلم بقرار إيقافي عن التحكيم.. وسأشارك بأولمبياد باريس    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السنديانة الحمراء رؤية دكروب التاريخية‮ ‬

‮ ‬كانت لديهم من الشجاعة ما يكفي لرصد آلام ووجيعة الثقافة العربية،‮ ‬محمد دكروب واحد من هؤلاء الشجعان الذين سلكوا دروب وممرات وعرة في سبيل الثقافة القومية،‮ ‬نحن نقرأ له كتابه جذور السنديانة الحمراء الذي يحكي فيه حكاية نشوء الحزب الشيوعي اللبناني،‮ ‬فمنذ اللحظات الأولي يُقيم رؤية تاريخية تتسم بالتحرر والديمقراطية والمرونة القابلة لتجاور الألوان المتنافرة دون تزيين أو تجميل،
‮ ‬هذه المعادلة الصعبة يقرر الرجل أن يخوض تجربتها ليُسجل اسمه بين المتفردين بالرؤية الواعية الناقدة‮.‬
ماذا كتبت عن الحزب يا دكروب؟
نحن نعرف هذا التاريخ،‮ ‬ففي كل مؤتمر للحزب أو ندوة ثقافية سوف نجد من يقرأ لنا أوراقا من تاريخ الحزب،‮ ‬وسوف نستلهم أبطاله في معاركنا الجديدة طالبين منهم المدد وروح الكفاح،‮ ‬فما كان منك إلا أن جمعت هذه الأوراق ونسجت المعروف وأخرجت لنا كتابك عن الحزب‮.‬
هل هذا ما فعله الرجل؟
في الحقيقة لم يفعل هذا،‮ ‬واختار الدخول في المناطق الجبلية الصعبة،‮ ‬وأن يمارس النقد الذاتي‮.. ‬عندما يختار الحزب شخصية الأمين العام فعليك أن تعرف أن مرحلة جديدة قد بدأت،‮ ‬فيها آمال كثيرة،‮ ‬ومخاوف أكثر‮.. ‬ولكن‮: ‬ما هي المخاوف التي تقلقك يا سيد دكروب؟ كانت لديه مخاوف حقيقية من اتجاه الأقلام ناحية الأمين الجديد،‮ ‬تُبدِّل شعارات الحزب بشعارته،‮ ‬وتمحي مقولات السابقين لتكتب مقولاته،‮ ‬سوف تتضخم شخصيته وتسيطر علي الآخرين في المقابل تتضاءل شخصيات،‮ ‬وتذوب أدوار قد ساهمت في السابق بصورة كبيرة،‮ ‬لقد فضح دكروب ديكتاتورية الأمين العام في الأحزاب الشيوعية التي ينتج من وراءها طمس الآخرين‮.. ‬دكروب لم يختر السهل،‮ ‬وسلك الدروب الوعرة،‮ ‬لقد لاحظ دكروب أن أبناء الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين نالهم التهميش وضاعت فترة كبيرة من عمر الحزب في طيات الصمت‮. ‬وفي اللحظة التي طلبوا منه أن يكتب شيئا عن تاريخ الحزب قال إنه سيكتب عن المنسيين والأدوار البارزة الخفية‮. ‬في الواقع داخلته شكوك،‮ ‬لم يكن يتخيل أن يُسمح له أن يذكر شخصيات مثل فؤاد الشمالي‮ -‬القادم من وسط الحركة العمالية‮- ‬ويوسف إبراهيم يزبك‮ -‬القادم من الوسط الديمقراطي للمثقفين‮- ‬اللذان أسسا الحزب،‮ ‬وكانا في الطليعة‮. ‬وأصبح من الظاهر الآن أن الحركة التقدمية اليسارية في البلدان العربية تراجعت بصورة كبيرة عن وهجها الأول،‮ ‬ساهم في ذلك حجب التساؤل ومحاولات نشر الرؤية المغايرة والانتقاد القاسي،‮ ‬فكانت هذه الحركة بحاجه لممارسة النقد الذاتي وبحاجة لدكروب يضع يده فوق الألم‮.‬
نال الرجل حريته كاملة كما باح بذلك،‮ ‬وأراد أن يكتب عن نشوء الحزب الشيوعي اللبناني ليبرز دور الطليعة المنسية،‮ ‬والتي يتجاوزها كل حديث،‮ ‬وينساها كل احتفاء،‮ ‬تلك الأعوام التي مرت بين العام‮ ‬1924م والعام‮ ‬1931م‮.‬
هل عرفت الوجع يادكروب؟ نعم‮.. ‬عَرِفَ‮ ‬الرجل‮.. ‬إن الأحزاب هذه التي تنادي بالحرية والمبادئ بحاجه إلي التعامل الديمقراطي فيما بينها أولا كي تتمكن في أي وقت أن تكتب تاريخا صادقا‮.. ‬تاريخ صادق؟ هذا شيء صعب‮.‬
‮ ‬إن سؤال دكروب حول إمكانية كتابة تاريخ أو تواريخ لهذه الأحزاب الشيوعية العربية في زمننا هذا من منطلق الموضوعية والتعامل الديمقراطي يفضح الكثير من المنظمات اليسارية التي تقع في الازدواجية،‮ ‬ويري أن الكثير من الأبحاث والفصول التي كتبت كانت تعتمد علي الانتقائية لا الموضوعية فأبرزت البعض وأغفلت البعض،‮ ‬وهنا طرح سؤالا أعم علي مفكري هذه الأحزاب قائلا‮: ‬لماذا لم يتح لمفكرينا أن ينجزوا إسهامًا جديًا في النظرية الماركسية؟ ورأي أن الخوف من الوقوع في الخطأ،‮ ‬والشجاعة لم تأت للبعض كي يكتب ويساهم في نظرية لم تنشأ علي أرضه أو بين مفكريه‮. ‬وأعتقد أن وراء كل هذا أيضا سرا وهو كبح المحاولات الجريئة والمنفتحة والتي توصلت لأراء مغايرة من قبل القيادات الحزبية لكونها قد تخالف رؤية القيادة أو تنتقدها‮.‬
ودكروب من الشخصيات الشجاعة التي لا تحب مفهوم‮" ‬صيغة نهائية للتاريخ‮" ‬هل هناك صيغة نهائية للتاريخ؟ هذه فكرة قديمة صارت عليها الدول قديمًا،‮ ‬عندما كانت السلطة أو الأنظمة المتغلبة هي التي تكتب التاريخ،‮ ‬فلم نجد أصداء الحقيقة إلا في الكتابات الهاربة من تحت سلطات الدول،‮ ‬وما كانت الحقيقة في كتابات السلطة ولا كانت أبدا في الكتابات الهاربة ولكنها تقبع وحيدة تحتاج إلي عقول ناضجة تقارن الوثائق والنصوص وتبحث عنها بشغف ومحبة‮.‬
أيقن أنه يستحيل أن ينحصر التاريخ في صيغة نهائية،‮ ‬فهو مفتوح أمام القراءات،‮ ‬مفتوح أمام إعادة النظر في جوانبه ومراحله لأكثر من مرة،‮ ‬التاريخ صفحة مفتوحة أمام الأجيال القادمة للبحث فيه بموضوعية لا ينطلق فيها الكاتب من توجه الحزب أو الدولة إنما ينطلق من ذاته التي تقرأ وتناقش وتحلل،‮ ‬وسوف تأتي الأيام القادمة ولديها قدرة عجيبة علي كشف صدق نظريات وسقوط أخري،‮ ‬وكشف وثائق ومعارف وتحليلات تغير تفسير التاريخ،‮ ‬ولقد اعتمد دكروب علي رؤية نقدية للفكر الذي أنتجه الحزب ومثقفوه،‮ ‬ولعبت لديه الجرائد والمجلات التي كانت تصدر في الوقت الذي عاد إليه وأراد أن يبعثه من جديد برؤيته الذاتية والجديدة علي صفحات كتابه جذور السنديانة الحمراء‮.‬
هل كتب التاريخ في شكله المعروف؟ هل كان الرجل مؤرخا أم كان قاصا وروائيا في كتابه؟ لقد كتب التاريخ وأراد التاريخ علي الحقيقة،‮ ‬لكنه لم يخرج في الصورة النمطية لكتابة التاريخ،‮ ‬تحرر من الشكل،‮ ‬واستفاد من العمل الأدبي ليقترب من القراء،‮ ‬استفاد من مرونة السرد والحكي محاولا الإفلات من صرامة التاريخ،‮ ‬أخذ حرية التنقل داخل إطار الزمن ليقطع السرد فجأة قافزا للماضي أو إلي المستقبل،‮ ‬واستفاد من الخيال دون أن يُدخله في الأحداث أو في حقيقة الأشياء،‮ ‬ورسم به الخلفية والأرضية اللازمة للصورة،‮ ‬فهو تاريخ علي الحقيقة لكنه مغاير علي مستوي الشكل والصورة‮. ‬
مضمومة‮ (‬1‮)‬
جذور السنديانة الحمراء‮: ‬كتاب ألفه محمد دكروب بناءً‮ ‬علي طلب من الحزب الشيوعي اللبناني ليصدر في مناسبة احتفال الحزب بعيده الخمسين،‮ ‬صدر الكتاب في سنة‮ ‬1974م في طبعته الأولي بمقدمة‮ "‬كلمات في الشكل كلمات في المضمون‮" ‬للكاتب نفسه،‮ ‬وكتب مقدمة ثانية أثناء صدور الطبعة الثانية للكتاب عام‮ ‬1984م بعنوان‮ "‬كلمات بصدد تاريخ الحزب وصيرورته موضوعًا للمعرفة‮" ‬ومقدمة ثالثة بمناسبة صدور الطبعة الثالثة عام‮ ‬2007م بعنوان‮" ‬قضايا وإشكالات للمناقشة‮.. ‬في رحلة كتابة هذا الكتاب وكيف يمكن أن أكتبه لو كُلفت الآن بكتابته؟‮" ‬وهي مقدمة جريئة جدا ورائعة وصلت للخمسين صفحة تظهر مدي إيمان دكروب بالحرية والديمقراطية وطريقته في الكتابة‮.‬
مضمومة‮ (‬2‮)‬
ولد محمد دكروب في صور سنة‮ ‬1929‮ ‬،‮ ‬التحق للعمل بدكان والده ثم امتهن السمكرة في دكان أخيه‮.. ‬نُشرت أول كتاباته في صحيفة التلغراف‮.. ‬كان علي صلة بالمفكر حسين مروة ونقولا الشاوي وفرج الله الحلو‮.. ‬عمل في مجلة‮ »‬‬الثقافة الوطنية‮» ‬من سنة‮ ‬1952‮ ‬حتي احتجابها سنة‮ ‬1959‮ ‬،‮ ‬عمل في مجلة‮ «الأخبار‮»‬ ‬الأسبوعية وجريدة‮ «النداء‮»‬ ‬اليومية ثم في هيئة تحرير مجلة‮ «الطريق‮»‬ ‬الشهرية منذ أواسط الستينات التي شغل منصب رئيس تحريرها‮.. ‬توفي‮ ‬2013م وهو يصدر مجلة الطريق بشكل متقطع‮. ‬ومن مؤلفاته‮: ‬الذاكرة والأوراق قراءات في وجوه‮ ‬المبدعين،‮ ‬وجوه لا تموت،‮ ‬الأدب الجديد والثورة‮. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.