يجب أن يتم إغلاق مدرسة البرامج الفضائية التي تهدف إلي »التوليع» وزيادة حجم الجدل في الشارع، لأجل كسب أعداد أكبر من المشاهدين أو جذب الإعلانات، كما هو الهدف لأصحاب القنوات، الذين يعتقدون أن الطريق إلي الفوز بالأموال، لابد له أن يمر عبر »الخناقات».. والمهاترات. لم يكن وائل الإبراشي موفقاً عندما اختار المعلق أحمد الطيب ليكون ضيفاً في برنامجه »العاشرة مساء»، لأنه حتماً كان سيدافع عن وجهة نظره التي أشار فيها إلي أن جمهور الزمالك من الفنانين هم هاني شاكر ومحمد منير وعمرو دياب.. بينما يشجع الأهلي شعبان عبدالرحيم وعبدالباسط حمودة وسعد الصغير. وعندما يتوقع المشاهد أن الطيب ربما يذهب إلي الإساءة لشوبير كنوع من أسلحة الدفاع عن النفس، تصبح جدوي الهدف من البرنامج قد تحققت.. وستتحقق أكثر عندما لا يدخل شوبير علي التليفون، وإنما سيندفع إلي ستوديو الإبراشي ليبرهن علي سلامة موقفه من اتهامات الطيب له.. وعن سلامة اتهاماته للطيب. إذن.. المشهد المحزن الذي انتهي به برنامج العاشرة مساء كان محتملاً.. ومتوقعاً.. ربما ليس بهذا السوء.. ولكن علي الأقل بتراشقات وخلافات وأزمات.. كما يحدث عادة في مثل هذه البرامج التي ينبغي التصدي لها.. مع كل الاحترام لوجهة نظر وائل الإبراشي القائمة علي أسلوب التحقيق الصحفي الذي عادة ما يتوصل في نهايته إلي حلول.. ولكن للأسف في أغلب الأحيان لا يحدث ذلك. كلهم أخطأوا.. ليس في حق أنفسهم فقط.. وإنما في حق المشاهد الذي يحتاج دائماً لمن يخفف عنه.. لا أن يزيد غضبه علي الإعلام المفترض فيه النزاهة والنظافة. كم أنا حزين.. أن يخسر نجوماً لأنهم لا يدركوا أنهم يمثلون قدوة عند الكثيرين. وكم أتمني.. أن تمتد الخسارة لأن يغيب هؤلاء النجوم عن الساحة. وبين الحزن.. والتمني.. أري أهمية أن تعود رسالة الإعلام بكل أشكاله إلي ما كانت عليه في الماضي.. رسالة تبني وتعلم وترشد.. لا أن تهدم قيماً أو تدمر وجدان مواطن. كلاهما.. شوبير والطيب.. يجب أن يتخذ من الخطوات ما يخفف حدة التوتر الذي لم يصبهما فقط.. وإنما أصاب المجتمع كله. ستجد في الأيام القادمة من يشمت في شوبير.. وهؤلاء يدخلون في دائرة الأندال الذين يتواجدون بكثرة.. وستجد من سيذبح أحمد الطيب.. خاصة من أبناء الكار. سيدافع كثيرون عن شوبير من الأهلاوية ومن زملائه ومحبيه.. كما سيدافع كثيرون عن الطيب من الزملكاوية ومن بعض زملائه ومن يفضلون أسلوبه في التعليق. مأساة.. بمعني الكلمة. ولعل الصورة العامة تقول الآن.. إن الخروج من هذه الأزمة لن يكون سهلاً في الوقت الحالي، ولكنه ليس مستحيلاً إذا كان الهدف هو الاستفادة من تداعيات الأزمة. الحقيقة المؤكدة.. أن أحمد الطيب أخطأ عندما ألمح في تعليقه علي مباراة الزمالك وإنبي أن شريحة مشجعي الزمالك من عجينة أخري غير جماهير الأهلي.. ومهما قيل في هذا الشأن فإن الخطأ قد وقع.. وبطبيعة الحال لم يكن أمام شوبير إلا أن يتوقف عند هذا الخطأ.. وخطأه أنه بالغ في تناوله وربطه بأمور أخري. إذن هذه القضية الخطيرة.. تشير من جديد إلي أن الإعلام الفضائي في حاجة إلي استراتيجية، وإلي سياسة، وإلي أسلوب عصري مختلف تماماً عما يقدمه البعض في قنوات خبيثة مثل الجزيرة.. الحقيرة.. التي تعمل دائماً علي التشكيك والتلفيق.. والإثارة غير المبررة. أري.. أن السادة المسئولين عن الفضائيات تحديداً ستأخذهم العزة، وسيعملون علي امتصاص غضب الشارع بقرارات.. دون أن يفكروا في الآليات التي تضمن قيام البرامج بالدور المثالي للإعلام.. والمثالية في نظري لا تعني »التطبيل» أو »التهليل»، وإنما تعني شرحاً ونقداً لاذعاً وساخراً.. نقداً يسلط الضوء علي السلبيات دون أن ينسي الإشارة للإيجابيات. ليس من المصلحة ذبح أحمد شوبير الذي شق طريقه وحجز مقعداً متقدماً في الإعلام الرياضي.. وينبغي التعامل معه بحجم الخطأ دون نسيان تاريخه. وليس من المصلحة ذبح أحمد الطيب الذي اجتهد وأصبح واحداً من المعلقين الذين يحظون بجماهيرية في الشارع الرياضي. ليس هذا دفاعاً.. وإنما نظرة خاصة لا تعفي كلاهما من تحقيق شامل معهما.. وعقوبة ترضي المشاهد الذي أصابه الشك كثيراً فيما يقدم له.