رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    «السلع التموينية» تتعاقد على شراء 420 ألف طن قمح روسي وروماني    السعودية تحذر من الدخول لهذه الأماكن بدون تصريح    برلمانى: التحالف الوطنى نجح فى وضع أموال التبرعات فى المكان الصحيح    نادر نسيم: مصر حاضرة في المشهد الفلسطيني بقوة وجهودها متواصلة لوقف إطلاق النار    حزب الغد: نؤيد الموقف الرسمى للدولة الفلسطينية الداعم للقضية الفلسطينية    180 ثانية تكفي الملكي| ريال مدريد إلى نهائي دوري الأبطال بريمونتادا مثيرة على البايرن    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد عيد الأضحى المبارك 1445    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    عزت إبراهيم: اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية ليس بسبب استهداف معبر كرم أبو سالم    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    متحدث الصحة: لم ترد إلينا معلومات حول سحب لقاح أسترازينيكا من الأسواق العالمية    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    «لا نعرف شيئًا عنها».. أول رد من «تكوين» على «زجاجة البيرة» في مؤتمرها التأسيسي    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    .. ومن الحب ما قتل| يطعن خطيبته ويلقى بنفسه من الرابع فى أسيوط    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    السنباطى رئيسًا ل «القومى للطفولة» وهيام كمال نائبًا    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    عامود إنارة ينهي حياة ميكانيكي أمام ورشته بمنطقة البدرشين    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نسخته السابعه افتتاح مبهر لشاعر المليون
نشر في أخبار الحوادث يوم 10 - 02 - 2016

ليل أمس كان الشعر في أبهى حالاته، وفي حضرة جمهور يحتفي بعذب الكلام وجميله؛ ألقى ثمانية شعراء نصوصهم التي أعدوها جيداً، مثلما أعدوا أراوحهم لأول أمسية من أمسيات "شاعر المليون" الذي تمكّن بفضل القائمين عليه من الاستمرارية والاستدامة.
ثلاثة شعراء وصلوا من السعودية هم عبدالله بن جليدان آل عباس، وعبدالمجيد ربيّع الذيابي، وعلاء بديوي، ومن الكويت وصل الشاعران سعد سعيد بتّال السبيعي، وسعود بن قويعان المطيري، أما الإمارات فمثّلها الشاعر أحمد المناعي، في حين جاء من الأردن الشاعر سليم سميح المساعفة، ومن سلطنة عمان حضر الشاعر طلال سلطان الشامسي، وكل واحد منهم كان يُمنّي النفس بأن تختاره لجنة التحكيم للمواصلة في مراحل "شاعر المليون" المتقدمة.
غير أن من الشعراء الثمانية لم تؤهل اللجنة إلا الشاعرين سعود بن قويعان المطيري، وعبدالمجيد ربيّع الذيابي بذات الدرجات التي وصلت إلى 49 من أصل 50، فيما ينتظر البقية نتائج تصويت الجمهور ليتأهل منهم شاعران كذلك.
وتتكوّن لجنة التحكيم من د. غسان الحسن مستشار الشعر في أكاديمية الشعر، وحمد السعيد الكاتب والأديب والناقد، وسلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر.
علماً بأنّ من بين التغييرات التي تصب في مصلحة الشعراء في آلية التأهل هذا الموسم، إمكانية أن تقرر لجنة التحكيم انتقال شاعر أو اثنين أوثلاثة مباشرة عبر الدرجات، فيما ينتظر البقية أسبوعاً لمعرفة نتيجة تصويت الجمهور، على أن يكون عدد من يتأهل عن كل حلقة بدرجات التحكيم والتصويت 4 شعراء من أصل ثمانية شعراء.
في البدء جاء الوطن
الوطن كان فاتحة المشهد، وكذلك كل كلمة ابتدأ بها كل من المقدّم صاحب الخبرة في تقديم البرنامج على الهواء مباشرة حسين العامري، والوجه الإماراتي الجديد مريم.
الشعراء والجمهور حضروا، لكن محمد خلف المزروعي وحده هو من غاب جسداً عن أجواء المسرح، فترك مكانه خالياً في مختلف أركان المسرح، وفي ذاكرة كل ما اشتغل في البرنامج منذ انطلاقه.
أولى كلمات لجنة التحكيم كانت للدكتور غسان الحسن الذي هنأ الإداريين والقائمين على برنامج "شاعر المليون" بانطلاق الموسم السابع منه بحضور معالي اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وقد توقع د. الحسن أن يكون هذا الموسم أعلى مستوى من المواسم السابقة، والسبب في ذلك – كما قال - تميز الشعراء ال48 الذين تم اختيارهم على مدار عدة أشهر، ومن بينهم الشعراء الثمانية الذين سيُمتحنون اليوم فيما سيلقونه من شعر.
حمد السعيد من جهته أعرب عن إعجابه بافتتاح الموسم بإخراج راقٍ، متمنياً أن يحفل هذا الموسم بإطلالات متميزة في مسيرة الشعر والإبداع، وبالنجاح كذلك، الذي يأتي من نجاح كل الشعراء.
فيما تمنى سلطان العميمي للجمهور حضور أجمل المنافسات في برنامج الشعر والأدب الأميز على مستوى العالم بعد ستة مواسم أسهمت في جعل "شاعر المليون" مدرسة في الشعر النبطي، حيث كل شخص شارك فيه قدم بصمته المتميزة، واستفاد من الخبرات التي تتراكم فيه، بمن فيهم أبناء الجيل الجديد من الشعراء.
مراحل الموسم وآلية التحكيم
حول آلية تأهيل الشعراء التي ستعتمد في الموسم السابع؛ أكد سلطان العميمي أن اللجنة ستكون في صف الشعر والشعراء، موضحاً أن المرحلة الأولى تتكون من ست حلقات، وكل حلقة تضم ثمانية شعراء، ومع ختام كل حلقة يتم تأهيل أربعة شعراء، وفي ختام البث المباشر لكل حلقة إذا اختارت اللجنة شاعراً واحداً سيكون تصويت الجمهور على ثلاثة شعراء فقط، يتم الإعلان عنهم في الحلقة الثانية، وإذا اختارت شاعرين فسيصوت الجمهور لاختيار شاعرين، وإذا اختارت ثلاثة شعراء فسيمنح الجمهور فرصة التصويت لصالح شاعر واحد، وسيكون بإمكان الجمهور وعلى مدار أسبوع كامل من التصويت عبر الرسائل النصية sms. وهذا يتطلب من الشعراء الثمانية اختيار نصوص متميزة تمكّنهم من التقدم خطوة إلى الأمام. كما أكد العميمي على المسؤولية الكبيرة أمام لجنة التحكيم، خاصة وأن من وصل إلى حلقات البث المباشرة هم نخبة ال100 شاعر الذين اختارتهم اللجنة بعد الجولات التي قامت بها في عدة دول، وهؤلاء ال100 خضعوا لاختبارات شفوية وكتابية أسفرت عن اختيار أفضل 48 شاعراً حسب قانون المسابقة.
المناعي: صور مركبة.. أجزاء متعددة
أول من وقف على خشبة المسرح كان الشاعر الإماراتي أحمد بن آدم المناعي، لكنه يعيد التجربة للمرة الثالثة، وهو الذي كتب الشعر أصلاً لإيصال أفكاره، وشارك في "شاعر المليون" تحدياً لذاته كي يحظى بفرصة أن يكون من بين الشعراء ال48.
أربعة أبيات قدمها آدم قبل أن يلقي قصيدة المسابقة، وقال في تلك الأبيات:
يا دولة المجد يعّل الرب حامينا من عين حسّادنا وكل من يعادينا
في حب أرض الوطن ما نبغي وصيه حب الوطن والقياده ساكنٍ فينا
ولَجْل البيارق ترف ف ظل قادتنا بنسوم أرواحنا وتبقى معالينا
يا دولة المجد سيري للسما وحنّا في حب شيخ المسيره لا توصينا
ثم عدّ الشاعر أبيات قصيدة المسابقة:
رحاة الفكر دارت والشعر بين الضلوع يدور يدوّر لي يناسب قدر داره علْ يلقى له
خلالٍ من نخيلٍ التاجر اللي ما كلته طيور يخرّفه للهجوس اللي يغنمها من دلاله
يقهويها قصيدٍ دقّه الشوق وحِمسه شعور ولاه الزعفران اللي تشوفه وسط فنياله
وطنّا مثلْ ضلع (ن) يعتلي قمته سبع صقور حرارٍ كل شيخٍ بشته يظللّك بظلاله
اشلّه في ضلوعي ينّسى غيره وهو مذكور أشيّد حصنه اللي لو يزول العمر ما زاله
أحس إن القصيد اللي في غيره يا شعر مكرور أحس اللي خِلقنا له تقول إنه خلقنا له
قصير الشبر ما يلحق وطنّا لايمه وقصور وقايدنا على الصف الأمامي يرسل عياله
وردنا ع المنايا قاصدين ل مجدنا المآثور إذا ع الارض نسعى له وإذا في الغيم نرقى له
مخابيطك رجالٍ يا وطن بأمر الشيوخ تثور تهز ظنون خصمك في ثقته وتربك رجاله
تقلط لك شغاميمٍ تنور عتمة الديجور وتهدي لك صباحٍ يعل فالك والسعد فاله
دعينا ثم لبّينا ولقّينا الرصاص صدور تقول إنّه كريمٍ ياه ضيف وفزّ لقباله
د. غسان الحسن أشاد بالنص الوطني الذي ألقاه آدم بشكل خدم ما جاء فيه من صور، حيث بيّن الشاعر الحماسة الموجودة في نصه، وأوضح الصور الشعرية التي جاءت مركّبة فيه، كما في البيت (دعينا ثم لبّينا ولقّينا الرصاص صدور/ تقول إنّه كريمٍ ياه ضيف وفزّ لقباله)، فالصورة هنا تكونت من أجزاء متعددة، تراكبت إلى أن اكتملت، لكنها ومع ذلك بقيت جزئية، وبهذا الشكل تناثرت الصور بين بيت وآخر، وفي البيت (يقهويها قصيدٍ دقّه الشوق وحِمسه شعور/ ولاه الزعفران اللي تشوفه وسط فن) استخدم الشاعر صورة معروفة، إلا أنه جدد فيها.
وما أعجب د. الحسن بيت (تقلط لك شغاميمٍ تنور عتمه الديجور/ وتهدي لك صباحٍ يعل فالك والسعد فاله) رغم عدم وضوح المعنى الجيد للمستمع في كل من مفردتي (فالك) و(فاله)، كما أجاد الشاعر في الدلالة عن الحرب من أجل السلام.
ومن ملاحظات د. الحسن أيضاً ذهاب الشاعر إلى المبالغة كما في (ضلوعي، ما زاله، مكرور)، لكن تلك المبالغة وصلت إلى القمة، مثلما في البيت (دعينا ثم لبّينا ولقّينا الرصاص صدور/ تقول إنّه كريمٍ ياه ضيف وفزّ لقباله)، فانقلبت إلى الضد عندما تجاوزت عتباتها الطبيعية، وهو ما لم يكن لصالح البيت. وما اعترض عليه الناقد استخدام الشاعر مفردة (خلال)، فالخلال – حسب رأيه - لا يؤكل ولا يُخرف.
من جهته رأى سلطان العميمي أن القصيدة جميلة على الرغم من ملاحظات د. الحسن التي جاءت في مكانها، فالصور الشعرية متميزة في عدد غير قليل من الأبيات، ومن بينها ما جاء في (قصير الشبر ما يلحق وطنّا لايمه وقصور/ وقايدنا على الصف الأمامي يرسل عياله)، وهي رسالة موجهة لمن يحرض الشباب على الجهاد في غير محله.
وما أعجب الناقد العميمي كذلك المدخل الموفق للنص (رحاة الفكر دارت والشعر بين الضلوع يدور/ يدوّر لي يناسب قدر داره علْ يلقى له)، بما يحمل من صور شعرية وحركة، لكنه انتقد البيت (مخابيطك رجالٍ يا وطن بأمر الشيوخ تثور/ تهز ظنون خصمك في ثقته وتربك رجاله)، حيث المعنى غير قوي.
حمد السعيد قال إن آدم أثلج صدره بحضوره المسرحي، وبنصه الوطني الشامخ، لكنه خالف رأي كل من د. الحسن والأستاذ العميمي بما يتعلق بالبيت (خلالٍ من نخيلٍ التاجر اللي ما كلته طيور/ يخرّفه للهجوس اللي يغنمها من دلاله)، فالخلال برأيه يُخرف، والصورة في البيت واضحة، وكان يتمنى لو أن الشاعر رد على الناقدين.
وأكد السعيد أن النص متماسك، لكنه طلب من الشاعر عدم إقحام نفسه في التفاصيل كي لا يرتبك ويربك الجمهور، موضحاً أن الإرباك اتضح في البيت (وطنّا مثلْ ضلع (ن) يعتلي قمته سبع صقور/حرارٍ كل شيخٍ بشته يظللّك بظلاله)، فالضلع لا يمكن أن يكون شامخاً.
أما البيت الذي أثار إعجاب السعيد فهو (قصير الشبر ما يلحق وطنّا لايمه وقصور/ وقايدنا على الصف الأمامي يرسل عياله)، معتبراً أنه بيت القصيدة التي عاب عليها بأنها مبتورة النهاية، وتمنى لو أنها ما انتهت لجمال أبياتها.
السبيعي.. شعر ناضج، أنامل من ذهب
الشاعر الكويتي سعد سعيد بتّال السبيعي كان ثاني شعراء الحلقة، كتب الشعر في سن مبكرة، وشارك في شاعر المليون تحدياً، متمنياً أن يعود إلى بلده حاملاً بيرق الشعر، وعلى المسرح ألقى قصيدته (صوت جيل):
على الله وهذي خطوة الدرب يا بتّال حفيدك يعيد أمجادك ويكتب أمجاده
ليا درهمت وضح القصايد على الهوبال الي حق أجر الصوت فالرجم وارتاده
مسا الخير يا سوق المعاني وراس المال على روضك عقول القواصيد ورّاده
هنا مضرب الأقوال يا مضرب الأمثال يا لين القصيد يهيض ويفيض عدّاده
وهنا جمّع فاخر والمواقف تبي رجال يمثل سبيع ويزرع الود لبلاده
لي آمال يا الدّرب الطويل وعلى آمال وأنا شاعر وكل الجماهير نقّاده
ولف صدري التحنان للبرق والهمال ورميت الهموم الكايده فوق سجّاده
أنا صوت جيل يشوف ما تفعل الأجيال ويبكي نهار يذكرونه بميلاده
يابنت الغرام الشاعر المبدع الرحّال شرب هم لين استوطن الضيق بافواده
تبين الغرام بضحك مبسم وسجة بال وأنا حزني أكبر من تمنّيك يا غاده
فالأيام يا بنت القصايد على أية حال أحد يفقد مراده واحد يوصل مراده
تنامين في حضن الليالي بدون اهمال وأنا أنام بهمومي من الوقت وانكاده
رموز القسى في دمعة الكهل والأطفال وأنا الكهل في شيبه وأنا الطفل بمهاده
من أول بيت حتى البيت الخامس والحركة لا تهدأ، والصوت حاضر فيها؛ كما قال الناقد العميمي، مستعرضاً المفردات الدالة على ذلك، وهي (خطوة، درهمت، وراده)، وهذه الحركة منحت النص روحاً مختلفة، والذي خدمته طريقة الإلقاء المميزة، فقد تفاعل الشاعر مع الأبيات، وهو ما أضاف الألق للنص، وكأن تلك الأبيات الأولى كانت بمثابة مصافحة للجمهور، بعدها دخلت القصيدة في هدوء.
وقد ركز الشاعر فيما أبدع على عدة محاور، هي (الذات، القبيلة، الوطن) إضافة إلى محور (شاعر المليون) الذي تمثل في البيت (وهنا جمّع فاخر والمواقف تبي رجال/ يمثل سبيع ويزرع الود لبلاده)، أما الشاعرية فقد تمثلت في روح الجيل الجديد (أنا صوت جيل يشوف ما تفعل الأجيال/ ويبكي نهار يذكرونه بميلاده)، وهو البيت الذي يتحدث فيه الشاعر عن الأوضاع الحالية المأساوية، وختم العميمي بقوله: إن هناك فلسفة مميزة وتجربة متميزة في شعر السبيعي.
حمد السعيد أبدى إعجابه فيما قدم الشاعر الذي يكتب الشعر الناضج بأنامل من ذهب، وكذلك في البيت الذي أشار إليه العميمي (أنا صوت جيل يشوف ما تفعل الأجيال)، والبيت (وهنا جمّع فاخر)، مؤكداً على أهمية ما قدمه السبيعي باعتباره صوتاً شاباً، فالبيت بيّن أهمية زملاء الشاعر في المسابقة، وأن يصف شاعر أخصامه باحترام؛ فإن ذلك يؤكد نبله.
وفي هذا المقام أوضح السعيد أن السبيعي اضطر إلى تقديم القبيلة على البلاد بسبب الضرورة التي فرضتها القافية.
في الشطر (لي آمال يا الدّرب الطويل وعلى آمال) أشار الناقد إلى أن (آمال) الأولى تختلف معنى عن (آمال) الثانية، والترابط في مجمل البيت وبقية الأبيات جميل مثل إحساس الشاعر. وحول البيت (ليا درهمت وضح القصايد على الهوبال/الي حق أجر الصوت فالرجم وأرتاده) قال السعيد: إن من حق السبيعي الفخر والشموخ، وهو حفيد الشاعر البتّال.
د. غسان الحسن وصف النص بأنه جميل وناضج، فالشاعر يستشعر الدور المنوط بهذا الجيل ليواصل ما بدأه الأجداد. ورأى د. الحسن أن في النص الكثير من الحزن والألم، وفي وسطه ثمة مفردات تحمل المرارة بسبب ما نعيش من أحداث في هذا الزمن الصعب.
من جهة ثانية أكد أن النص يحمل كنايات وعبارات يقصد بها الشاعر معنى آخر، وفيه محسن بديعي، وهو الطباق، حيث استخدم الشاعر كلمات متضادة في المعنى، مثل (الكهل، الأطفال، تنامين، وأنا أنام).
المطيري.. شاعر راقٍ، ونص واعٍ
إلى عائلة أدبية ينتمي سعود بن قويعان المطيري الذي بدأ قرض الشعر مبكراً، وعندما أتيحت له الفرصة اشترك في "شاعر المليون"، معيداً الكرّة للمرة السادسة بهدف المنافسة على البيرق، وقد أعلن تحديه بادئاً ذي بدء من نصه الأول (مراسم حلم) الذي قال فيه:
تقدّم يا جناب الحلم صافحني شعور شعور عليك أزكى تحيات المشاعر والسلام الحار
لقيتك وانحنت روس السنابل والرحاة اتدور تعال احصد من إحساسي قصيد وكمّل المشوار
أحس أحيان ما دون المعاليق الجريحة سور مداهيل الحنين اللي فتق صدري زرار زرار
تهندمت الحزن من قسوة الفرقا وشاهد زور تَخَطّى فوق جرحي مثل أنامل عازف المزمار
عليها لو بذرت الحب بالناس ونبت جمهور أخذت من الفشل فرصه وزاد العزم والإصرار
لذا يا سيّد العهد القديم وبحة الحنجور تعذّر لي من بروق الغرام وغيمه المدرار
أنا الليله على وكرٍ من المجد وهداد طيور مداه أبعد من النجم السماوي والفلك دوّار
مطاليعه على عز وشرف والحظ يلعب دور لو أن صيده حلال وما على وجه الصحيح غبار
ترى ما جيت أبسرق حبة السمسم من العصفور أشوفه كل ما غرّد على غصن الهجوس وطار
عيوني ما تهاب إلا عيون المذرب المسعور جناحينه من الدهشه ومخلابه محط انظار
تخالفنا على ظلم البخيل وقسمه الميسور وتوافقنا على بيت الكريم وساعة المسّيار
هنا والشعر في وجه الظلام أمسى مسافة نور لو عياله من الطين وبنات أفكارهم من نار
حضور المطيري أذهل الناقد حمد السعيد، ذلك لأن الشاعر جاء بلون مختلف عن اللون المعروف به، وهذا ليس غريباً عليه، خاصة وأنه سليل عائلة تهتم بالشعر، ومشهود لها بذلك في الكويت، حيث أن عمّ سعود هو شاعر الكويت.
وتعليقاً على الشطر (أخذت من الفشل فرصه وزاد العزم والإصرار) أكد السعيد أن الشاعر لم يفشل، حتى وإن لم يصل إلى النهائيات في المواسم السابقة، موضحاً أن النص الذي قدمه ليلة أمس يختزن جماليات كثيرة من المدخل (تقدّم يا جناب الحلم صافحني شعور شعور) إلى الشطر (مداهيل الحنين اللي فتق صدري زرار زرار)، ومشيداً بالبيت (تهندمت الحزن من قسوة الفرقا وشاهد زور / تَخَطّى فوق جرحي مثل أنامل عازف المزمار)، فتلك الصورة الشعرية لا يكتبها إلا شاعر راقٍ يدرك أن المنافسة قوية بينه وبين زملائه الشعراء الذين يكنّ لهم الاحترام والمحبة، وهو ما تجسد في البيت (ترى ماجيت أبسرق حبة السمسم من العصفور/ أشوفه كل ما غرّد على غصن الهجوس وطار)، ونوه السعيد إلى أن مدح الخصم والثناء عليه إنما هو فعل من شيم الأولين.
من جهة ثانية أشاد السعيد بالبيت (تخالفنا على ظلم البخيل وقسمه الميسور/ وتوافقنا على بيت الكريم وساعة المسّيار) حيث فيه صورة شعرية جميلة تستدعي التأويل، أما خاتمة النص فوصفها بالراقية التي تضيف للشعر والمسرح.
(الشاعر يعرف معنى الشعر ومعنى العبارة الشعرية).. هذا ما أكد عليه د. غسان الحسن بعد أن ألقى الشاعر نصه، فمن المطلع يبث الشاعر الحيوية في الحلم ويؤنسنه بالشكل الذي جعل فيه الشيء المعنوي حياً يتفاعل مع ما حوله، وهذا ما نعثر عليه في عدة أبيات. أما التصوير الشعري فهو كثير كما هي الاستعارة، مثلما جاء في البيت (لقيتك وانحنت روس السنابل والرحاة اتدور/ تعال احصد من إحساسي قصيد وكمّل المشوار)، وكذلك في البيت (أنا الليله على وكرٍ من المجد وهداد طيور/ مداه أبعد من النجم السماوي والفلك دوّار)، فهذين البيتين مليئين بالصور الشعرية والكنايات الجميلة.
ومما أعجب د. الحسن كثيراً والذي اعتبره غاية في الجمال هو التراسل والتّناص، فمن خلال القافية في البيت الأخير بيّن الشاعر أن الإنسان من طين، والشعر موحى من شياطين الشعر المخلوقة من نار (هنا والشعر في وجه الظلام أمسى مسافة نور/ لو عياله من الطين وبنات أفكارهم من نار)
سلطان العميمي أثنى على النص الذي يتميز بعذوبته ووعيه الشديد ونضجه، فكل صورة فيه تمثل جزءاً من تجربة الشاعر الذي يدرك تماماً كيفية بناء الصور والمعاني، وأشار إلى أن الشاعر قدم نصاً يعنبر نموذجاً للشعر الجميل، وهو ما أرضى ذائقة العميمي، حيث موضوع النص مميز، وأيضاً الأفكار والصور، بما في ذلك المدخل (تقدّم يا جناب الحلم صافحني شعور شعور/ عليك أزكى تحيات المشاعر والسلام الحار)، والختام (هنا والشعر في وجه الظلام أمسى مسافة نور/ لو عياله من الطين وبنات أفكارهم من نار)، وقد استطاع الشاعر في نصه أنسنة للحلم، وجعل صورة حركة (السنابل) غاية في الجمال، ما يثبت أن المطيري نموذج الشاعر المجتهد الذي لا يستسلم، وهذا يؤكد صحة قرار اللجنة التي رشحته إلى هذه مرحلة ال48.
المساعفة.. صور مركّبة، ومطلع مميز
سليم سميح المساعفة نشأ في الأردن ضمن عائلة تكتب الشعر، وكان ذلك سبباً في وصوله ليلة أمس إلى مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، حاملاً معه (مفتاح الأماني) القصيدة التي جاء في أبياتها:
الأمل والحِلْم قصة كل ليله والأماني خلف قضبان المحاني
بعد ما حلمي قطع رحله طويله تو عينه شافت أنوار المواني
بي سفينة شعر للناظر جميله يا مجاذيف الأمل دفي المعاني
ما بقى إلا المسافات القليله أعلم إنك من تعب رحله تعاني
أبشري بفزعه من لسان الأصيله مع دموع العين بالركن اليماني
آه يمّه والدعاء أفضل وسيله والإجابه تقلب الدنيا عشاني
من يقول إن الأماني مستحيله في سجود الليل مفتاح الأماني
لو يطيح الحلم بالدعوة أشيله دامها يا رب تجري في لساني
الأمل بالله وحروفي الجزيله تنفض اغبار المسافه عن زمان
أمطري أرض القصايد يالمخيله وانبتيها من زهور الأقحواني
جيت اشعل نار في راس الفتيله وأنسف اوجاعي مثل نسف المباني
مال وجهي حمل يرجع بالفشيله وأحزن عيون (ن) عليها الشوق جاني
كان جنبي وانتحى عني سبيله ما ترك لي غير طيفه في مكاني
فكرة (ن) تلبق لنا ما هي هزيله جبتها صلصال ثم صغت البياني
الجواهر لو تفرّق دون حيله يمكن إنها تجتمع في عقد ثاني
وأول ملاحظة قدمها د. غسان جمع الشاعر حول المفردات (الأمل، الحلم، الأماني) اليت جاءت في البيت الأول، مضيفاً أن في القصيدة صور مركبة ممتدة من البيت (بي سفينة شعر للناظر جميله/ يا مجاذيف الأمل دفي المعاني) وحتى (أبشري بفزعه من لسان الأصيله/ مع دموع العين بالركن اليماني)، وعند هذا البيت انقطع السياق، ثم ذهب المساعفة إلى مجال الدعاء والرجاء، وعاد ثانية إلى الحديث عن القصيد من خلال البيت (أمطري أرض القصايد يالمخيله/ وانبتيها من زهور الأقحواني)، ومجدداً ذهب إلى موضوع الحبيبة، وهكذا جاءت القصيدة في ثلاثة مقاطع، حملت ثلاثة موضوعات، لا يربط فيما بينها إلا الحلم.
الناقد العميمي رأى أن القصيدة بفكرتها غير جديدة، لكنها جاءت جميلة، وما يميزها مطلعها (الأمل والحِلْم قصة كل ليله/ والأماني خلف قضبان المحاني)، وكذلك الصياغات، فكثيرة هي الأبيات القريبة من النفس والشاعرية، إلا أن الشاعر بدا من خلال البيتين الأخيرين وكأنه يريد ختم النص.
وبينما أعجب العميمي بمطلع قصيدة المساعفة، إلا أن حمد السعيد اتخذ موقفاً مختلفاً، والسبب في ذلك أن الشاعر استخدم فيه (الأمل، الحلم، الأماني) وكأن هذه المفردات جاءت لملء البيت، مع العلم أن الطَّرْق بسيط، في حين أن التكثيف كان في أبيات أخرى، وعاب السعيد على استخدام التذكير والتأنيث في ذات البيت، وهو ما يزعج المتلقي، كما في (أبشري بفزعه من لسان الأصيله/ مع دموع العين بالركن اليماني)، أما بيت (من يقول إن الأماني مستحيله/ في سجود الليل مفتاح الأماني)، فهو جميل وممتلئ بالمعنى الذي امتد في ثلاثة أو أربعة أبيات، غير أن الشاعر لم يستمر بذات الصورة، كما انتقل مباشرة من الأقحوان إلى النار، فقال بداية (أمطري أرض القصايد يالمخيله/ وانبتيها من زهور الأقحواني)، ثم قال (جيت اشعل نار في راس الفتيله/ وأنسف اوجاعي مثل نسف المباني) من دون بيت فاصل بينهما، لكن المساعفة وُفق في الختام (الجواهر لو تفرّق دون حيله/ يمكن إنها تجتمع في عقد ثاني).
الشامسي.. صقر عمان في سماء الشعر
الشاعر العماني طلال بن سلطان الشامسي كتب الشعر وهو لم يتجاوز بعد عمر 14 عاماً، وقد أراد المشاركة في مسابقة شاعر المليون محاولاً تقديم وجهة نظر خاصة به، سواء شعرية أو حياتية، فألقى بداية الأبيات الأربعة التالية:
مسا الخيرات يا بيض الوجيه ومكرّمين الضيف عسى مزن الحيا ع دياركم بالخير رعّادة
مسا الخيرات ما مر الشتا واحتد حر الصيف جعلها من الكرم تبقى سمر والضو وقادّة
قبلنا والعرب تقبل على طيب الشحم والكيف ونقلط وين يحشمنا الزمان ويقصر زناده
لجل سود الليال انشوم لو فيها سلاح وسيف وانا ابن عمان لا شب القصيد يمثل بلاده
ثم ألقى قصيدة المسابقة بعنوان (وصية أب) وجاء فيها:
تعال، اقعد، للزمن بعطيك إكسير الحياة يعلّمك: وشلون ما تتطلع من الأول الأخير
اقعد، وشوف بمسمعك للجاي عن عينك تراه باكر من الصف الصغير بتدخل الصف الكبير
أمك تخيط الحال في بيتي مثل خيط العباه حاول تكون البلسم بضحكك ولو شحّ المصير
اضحك، يا لين الحزن يتبسّم ويتساقط عزاه من فمّ دود القزّ هالعالم لَبْس ثوب الحرير
وعمان، لو قطعة حصا هدّت من الشايب عصاه: دارك، ولو عيّا يقوم الصبح في عين الضرير
موطنْك لو كالوا الذهب، كيل وتسند من ثراه الرجل يكبر بالوطن والمال ما عزّ الفقير
أوصيك لو شقّ البحر بطنه وبيّن ما خفاه وليّ أمرك إتبعه يوم العبوس القمطرير
لا نامت عيون الكفو والمجد يكفخ في سماه يستاهل اللي موقفه منقوش في صدر الضمير
وأؤمن بأنه خالقك لا حبّ إنسان ابتلاه والدمع من عين الرجل أنبأ من العلم الكثير
(أحقرْه في فعل الخطا واكرمْه في وقت الصلاة) صلّي عسى دفع البلا مدفوع بالحمل اليسير
عيش التسامح واحترم مفهوم عكس الاتجاه (وجهة نظر) واحسبها من باب اختلافات المسير
وارسم على بابك (مطر) إن مرّ جارك هلّ ماه الجار لا جار البخت جارك وَيَا نعم المجير
عوّد تضمّر خاطرك مع ريم غاربها غناه بكرة على حد الزقر أسرع من السيف الشطير
وأشقر عيونه في السما قاطع سبوقه من غلاه كنّه يأذّن للفضا لا قعقع وشد المطير
اسمع كلامي واحفظه، هذي تجاعيد الحياة أتنفس الدنيا أمل وأزفر لك المر: العبير
تلك القصيدة لفتت اهتمام سلطان العميمي، والتي استخدام الشاعر فيها 20 فعل أمرٍ ما جعلها تتجه إلى الوعظية والتقريرية، ووصف العميمي بيت (وعمان، لو قطعة حصا هدّت من الشايب عصاه/ دارك، ولو عيّا يقوم الصبح في عين الضرير) بأنه جميل في التصوير، بابتعاد الشاعر عن الوعظ والأمر، من ناحية أخرى علق العميمي على عدة أبيات كانت تقليدية وذات صور معروفة، ومع ذلك اعتبر بيت (اقعد، وشوف بمسمعك للجاي عن عينك تراه/ باكر من الصف الصغير بتدخل الصف الكبير) بصياغته وبصوره المتميزة، حيث استخدم الشامسي السمع في تبيان الشيء، وعدا تلك الملاحظات اعتبر الناقد العميمي القصيدة ذات معانٍ وتصويرات جميلة.
حمد السعيد وصف الشامسي بأنه صقر عمان في سماء الشعر، مبدياً إعجابه بالحوار الذي ورد في النص بين أب وابنه، ورغم أنه أسلوب متوارث؛ إلا أن الشاعر وظفه بأسلوب راقٍ، وأشار إلى البيتين الجميلين (أمك تخيط الحال في بيتي مثل خيط العباه/ حاول تكون البلسم بضحكك ولو شحّ المصير)، و(اضحك، يا لين الحزن يتبسّم ويتساقط عزاه/ من فمّ دود القزّ هالعالم لَبْس ثوب الحرير).
وفي النص حضر الحس الوطني، وهو ما ينطبق على الختام (وأشقر عيونه في السما قاطع سبوقه من غلاه/ كنّه يأذّن للفضا لا قعقع وشد المطير )، وكذلك البيت (اسمع كلامي واحفظه، هذي تجاعيد الحياة/ أتنفس الدنيا أمل وأزفر لك المر: العبير) الذي وصفه د. الحسن غسان بأنه يمثل وصية من الجيل الكبير إلى الجيل الصغير، فمن وظائف الشعر النبطي أن يأتي بشكل وصايا، حتى يحافظ المجتمع على هويته، والنص بمجمله يحتوي صوراً شعرية وشاعرية، يكاد لم يحرم الشاعر أي بيت منها. وعادة في قصائد الوصايا أو الحكم تكون الصور مفككة، أي افعل ولا تفعل، فيستطيع الشاعر أن يبدع كل بيت على حدة، غير أن هذا الأسلوب يؤدي إلى فقد الترابط بين الأبيات، لكن الشامسي ربط بين الأبيات، إلا البيتين التاليين (أوصيك لو شقّ البحر بطنه وبيّن ما خفاه/ وليّ أمرك إتبعه يوم العبوس القمطرير ) و(وارسم على بابك (مطر) إن مرّ جارك هلّ ماه/ الجار لا جار البخت جارك وَيَا نعم المجير) حيث بإمكاننا نقلهما، ثم إن وعياً وإدراكاً اتضح في (إن مر جارك هلّ ماه)، وهو البيت الذي بدأ ب(ارسم) والذي يعتبر وعياً نظرياً، فيما تمثل الوعي العملي في (هلّ ماه)، وأشار د. الحسن إلى الجناس التام الموجود في الشطر الثاني من البيت، إذ تطابقت فيه ثلاث كلمات تمثلت في (جار)، فجاءت بنسق شكلي واحد، وفي معنى مختلف، مخالفاً الشاعر العادة بأن يكون الجناس التام في كلمتين.
بن جليدان.. ابن الجنوب روح متألقة
عبدالله بن جليدان آل عباس ارتجل على المسرح أربعة أبيات حماسيات، وهي:
عصبنا عمايمنا على الحد يا بن سعود رجال على الموت الحمر جات منسرّه
لها النصر لي ثارت شجاعة وضرب زنود مخاليبها من ضربت النحر محمرة
سرى الليل له بارق سماوي وحن رعود تخيله عدن واللي بطهران ما غره
تهز الجبال وتضرب القاع بالبارود ولا تحسب حساب المعادين بالمرّة
ثم بدأ بمطلع قصيدة المسابقة:
يا البيرق اللي للشعر جاك السعودي من الجنوب يعجبك في شعره وفي قافه وفي وقّافته
مضيفاً:
يسري مساري الليل متحدي صواديف الدروب في هجعته نومه قليل وتقنعه غوّرابته
شعره معاميله وقافه شب ضوه للغروب وقنّد معاميله من احساسه كيظ غايته
ثم عانق أنفاسه سحاب هل مزنه في القلوب وأسقى معاليق الخفوق اللي بوسطه نابته
وأنقى حروفه من العيوب وجابها من كل صوب شاعر ولا تبت يده من العز يا كسّابته
في شاعر المليون عزمنا على نطح الهبوب في بحر شعر ماه عذب ما هنا ورّادته
ميناه أبو خالد ليا دقت طواريق الحروب اسمه ليا ثارت قبل شوفه فزع حرّابته
خلد لنا صرح يميزنا على كل الشعوب ثراه في عرض السما لو كان لارض اشّتالته
يوم الشعر في سابق الأوقات مرمي ومحجوب تحت الجفون وفي الضمائر والضلوع الصامتّه
ناديت وأشعاري مهار وحالف إنها ما تتوب إلا ليا تاب المصلي ما جهر كبّارته
آتي بها مدح وغزل وأطلب بها غفر الذنوب وأفخر بهمدانٍ هلي يا حظ من هم لابته
وأوصف وصوف العيطموس اللي تذّوب ما تذوب من خصرها لي نحرها لي وجهها لي شامته
تجمح بقلبي نوب وأغض البصر مليون نوب من خوف لا تظهر ملامحها على عذّالته
وأصبر وأعرف إن الزمن ما بين غالب ومغلوب ومتني طويق إن كانها بالحمل يا جمّالته
والشاعر اللي ما طرق شعره على كل القلوب قولو له يمر أقرب عياده تشخّص حالته
حمد السعيد أثنى على الحضور الجميل للشاعر، وعلى النص الافتتاحي ذو السياق الرائع، الذي يُبرِز روح ابن الجنوب بما يحمل من خصوصية اللهجة التي كانت واضحة فيما قال، أما نص المسابقة ففيه بيت يستحق الإشادة وهو (آتي بها مدح وغزل وأطلب بها غفر الذنوب/ وأفخر بهمدانٍ هلي يا حظ من هم لابته)، كما الحال بالنسبة للدخول في الغزل، والذي وصفه السعيد بأنه ذكي جداً (وأوصف وصوف العيطموس اللي تذّوب ما تذوب/ من خصرها لي نحرها لي وجهها لي شامته)، وهو ما يؤكد أن بن جليدان متميز ومتألق، وقد ملأ المسرح بصوته الجهوري وحماسته في الإلقاء – مثلما قال د. الحسن، مضيفاً: إن الأبيات الأولى كانت مليئة بالشعر، لكن الشاعر حين اختار وزناً طويلاً أي (مستفعلن x 4) فقط اضطر للحشو وملء المساحة والوزن، ما يعني أن هناك كلمات لو أزيلت لما تأثر البيت.
أما بالنسبة للقصيدة الرئيسة، فقد اعتمد بن جليدان على الكنايات والاستعارات بسبب الموضوع، وقد لاحظ د. الحسن أن بناء القصيدة اعتمد جاء في ثلاث فقرات مترابطة، الأولى فيها ضمير الغائب – أي الشاعر بضمير الغائب (جاك السعودي)، ثم ضمير المتكلم للجماعة (عزمنا) أي مجموع الشعراء، ثم ضمير المتكلم (ناديت)، وكله جاء في محله، غير أن الاستطراد في القصيدة لم يأتِ لصالح القصيدة (من خصرها لي نحرها لي وجهها لي شامته).
العميمي وجد أبيات المقدمة رائعة ومنبرية بامتياز، وذات أسلوب جليداني، أما التصاوير الشعرية في قصيدة المسابقة فهي جميلة رغم وجود عدة أفكار فيها تمثل في (شعره معاميله وقافه شب ضوه للغروب/ وقنّد معاميله من احساسه كيظ غايته) و(في شاعر المليون عزمنا على نطح الهبوب/ في بحر شعر ماه عذب ما هنا ورّادته)، وفي ذلك تصوير شعري جميل، كما الحال بالنسبة للصياغة الشعرية في (بطح الهبوب)، وغير ذلك من صور أضافت الكثير من الجمال للنص المنبري والحماسي، والذي أبرزه إلقاء الشاعر بسبب تغيير صوته وأدائه حسب البيت، بالإضافة إلى تفاعله مع جزيئات النص.
الذيابي.. نص ملحمي، شعر جزل
الشاعر السعودي عبدالمجيد ربيّع الذيابي، كتب الشعر وهو سن مبكرة، حاله حال من سبقه من شعراء الحلقة، والتي ألقى فيها بداية أبياتاً تقديمية قال فيها:
عدّ يا تاريخ وأشهد يا زمن نعنبو في حبكم من لامنا
الوفا والماقف اللي له ثمن يوم نادو للوغا حكامنا
قال ابو خالد يا اخو نوره تمن وانطح الهيجا ومعك أعلامنا
مثل ما زحنا المعادي فاليمن من طغى داعش نحرر شامنا
ومن ثم ألقى نص المسابقة الذي أمتع أعضاء لجنة التحكيم والجمهور كذلك، من مطلعها، وحتى خاتمتها:
قلبي مسافر على عكس اتجاه القلوب طيوف الأحلام ملينا من أعناقها
ما عاد باقيلها بين الحنايا وجوب ضاقت عليها الدروب وضاقت أفاقها
وزروع الأحباب ماتت والربيع محسوب جفت عناقيدها وأصفرت أوراقها
لو ضاق صدرالشمال وفاض دمع الجنوب ما سالت المزنه اللي لاح برّاقها
عامين أخايل بروقك يالخيال النصوب وغيومك اللي هبوب الريح تستاقها
كنّي على دربها بين الدروب مغصوب أصد عنها بطوعي وأشكي فراقها
الحب شمسه علينا مايلت للغروب والليل سدل هماليله على أشناقها
تعيش الأحلام فالصدر الوسيع الرحوب وتموت في جوف نفسن ضاقت أخلاقها
وأنا تناهشني الأيام من كل صوب ما أوجه النفس غير لوجه خلّاقها
من كثر ما اندم على افعالي وأعد العيوب كن البشر داخلي تبحث عن أرزاقها
الحضر في وصط راسي بعثرتها الحروب والبدو في جوف صدري ترتع نياقها
اللي جنيته من الأيام حزمة ذنوب في طوع نفسن زمنها ضيّق خناقها
على ركاب المحبه ما بقي لي ركوب علقت بردت قصيدي فوق معلاقها
والي من البعد جتني في شتات الدروب يسوقها الشوق مدري تدفع أشواقها
قولوا لها لا تمناني بقلبن لعوب ولا تدور عوضها في تعب ساقها
فجمال وقوة القصيدة دفعت د. غسان الحسن للاعتراف باستمتاعه بما قدم الذيابي، فوصفه بأنه شاعر بحق، حيث أن القصيدة في كل شطر وبيت مليئة بالصور الشعرية والكلام الراقي والتصوير المتميز، لكن مما لاحظه د. غسان أن الصورة الشعرية لدى الشاعر ليست مركبة يمكن إظهارها في البيت، إنما ممتزجة، وهو الأمر الذي يسمح للمتلقي بأن يلتقط جمال الشكل والمضمون والإحساس، وهذا يدل على أن الشاعر يعرف الفارق بين الشعر والنثر.
من جهته شبه العميمي النص بأنه ملحمة شعرية مصغرة، فمثل أول القصيدة (قلبي مسافر على عكس اتجاه القلوب/ طيوف الأحلام ملينا من أعناقها) رحلة ذات مشاهد متنوعة، وكأنها فيلم سينمائي، وفي القصيدة أيضاً الصراعات في حديث الشاعر مع نفسه ومع الآخر، وقد خلقت الشاعرية والكلمات نصاً مدهشاً يتضمن البيت (الحضر في وصط راسي بعثرتها الحروب/ والبدو في جوف صدري ترتع نياقها) الذي يفتح أبواب التأويل، والحديث عنه يطول إذا تم تناوله بمفرده، وتلك القصيدة البديعة حين تفسيرها نجدها عبارة عن مساحات مفتوحة وشاسعة، قد تتصل بذات الشاعر وبرحلته مع الشعر.
الإعجاب بالقصيدة وبالبيت الرمزي الذي أشار إليه العميمي؛ دفع الناقد حمد السعيد لوصف الذيابي بأنه شاعر متكامل ويراهن عليه، فشعره ناضج وجزل، متسلسل ومترابط، لكن البيتين الأخيرين (والي من البعد جتني في شتات الدروب/ يسوقها الشوق مدري تدفع أشواقها)،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.