الساعة 1405لحظة العبور..سر النصر ليس مجموعة من قصص البطولة الواقعية، ولا تأريخاً لحرب أكتوبر المجيدة، ولا شهادة حية ميدانية لمراسل حربي، فإذا شئنا الدقة والانصاف، فإن كتاب «الساعة 1405» يمكن تصنيفه ضمن الكتب التي تقدم المادة الخام لكتابة التاريخ. ثم إنه الكتاب الأول الذي قدم للقارىء المصرى النصر طازجاً، ببطولات من صنعوه، وكأن دماءهم الطاهرة هى مداد كلماته. لم يدع د. صلاح قبضايا أنه يقدم قصة الحرب كاملة، لكنه رسم بانوراما لمشاركة جميع الاسلحة فى صناعة ملحمة العبور العظيم. الطيران بضربته الأولى القوية التى كانت بمثابة افتتاحية رائعة، مهدت المسرح لأبطال المشاة والمدرعات. المدفعية، ورجالها الذين أمطروا بألفى مدفع مواقع العدو، ودكوا حصونه فأحالوا حياة جنوده جحيماً. الدفاع الجوى، وحائط الصواريخ الذى فرض الحياد على طيران العدو الذى كان يباهى أنه الذراع الطويلة، فباتت أسطورة غابرة. وسلاح المهندسين، والقوات الخاصة، وأبطال البحرية و.. و... وحتى رجال الشئون الإدارية الذين وصفهم د. قبضايا بأنهم «أبطال وراء الأبطال» وكان محقا فيما ذهب إليه، الجميع كانوا أبطالا استثنائيين بحق. وفى خلفية المشهد، كانت الجبهة الداخلية ظهيراً قوياً، وكان التنظيم السياسى (الاتحاد الاشتراكى (آنذاك) حاضراً بجهد كوادره فى حشد امكانات الدفاع الشعبى، والدفاع المدنى، ومراكز التبرع بالدم و.. و... وكان الكل فى واحد. فى صفوف القوات المقاتلة التى عبرت أكبر مانع مائى فى تاريخ الحروب، ثم حطمت خط بارليف فكان أن تبرأ من بناه ومن وصفه بالمنيع! وفى صفوف الشعب كان العطاء الوطنى بلا حدود.. ثم إن مصر كلها تحولت إلى كتلة من العطاء والفداء والحماس بلا حدود.. أيام مجيدة، صنعتها ارادة الانسان المصرى بمعدنه الذى قد تختلط به – أحياناً – بعض الشوائب، لكن عندما تدق ساعة الجهاد، وينطلق النفير فإن مصر كلها تصبح مصنعاً للرجال بعزيمة لاتلين، وحالة من التلاحم تتلاشى فى ظلها أى خلافات أو أزمات، ولا يعنى الجميع إلا تحقيق الهدف المنشود: النصر. وفى الذكرى الثانية والأربعين لنصر أكتوبر، فإن هيئة تحرير كتاب اليوم تقدم للقارىء العزيز طبعة جديدة من أول كتاب رصد مؤلفه وقائع وشهادات حية من الميدان منذ انطلقت الحرب ظهر السادس من أكتوبر، وصولاً إلى مرحلة القتال الصامت بين 24 أكتوبر 1973 و 18 يناير 1974، اذ توقفت البيانات العسكرية لكن المعارك استمرت حتى بلغ عدد الاشتباكات نحو 1500 اشتباكا. كتاب جدير بالقراءة مرات، وبإعادة طبعة عدة طبعات لأن سطوره مازالت وستظل تفوح منها رائحة النصر الطازجة بعد كل هذه السنوات.