من أول وهلة لدخولنا فلسطين، عبر المعبر البري بينها وبين الأردن، لم نري إلا حصارا، وراء آخر، وسياجا يضرب طوق خلف جدار، وكأن الشعب الفلسطيني كتب عليه الحصار في أرضه ووطنه. لم نري إلا عنصرية في التعامل مع الأشقاء الفلسطينيين في القدس العربية المحتلة، من الكيان الصهيوني فوجدنا شوارع بأكملها ممنوع دخول الفلسطينيين إليها، ملأت بالقمامة، عبارة عن شارع من مسار واحد، بينما إلي جوارها شوارع أكثر نظافة واتساعا خصصت للمحتلين الغاصبين. ورغم لمحة الحزن التي رأيناها، إلا أن نظرة الصمود، والتحدي، والتغلب علي كل المعوقات، كانت حاضرة في وجه كل فلسطيني، استقبلنا ونحن ندخل للقدس، مرافقون لبعثة المنتخب الإماراتي، كأول منتخب عربي، يلعب علي أرض فلسطين، وأمام منتخب فلسطين، علي ستاد فيصل الحسيني بالقدس العربية المحتلة، وفي مباراة رسمية حيث كانت الجولة الثالثة، لتصفيات آسيا المؤهلة لكأس آسيا 9102 وكأس العالم 8102 بموسكو. والتي انتهت بالتعادل السلبي بين الفريقين، وقدم خلالها الجمهور الفلسطيني لوحة في حسن الضيافة والتشجيع المثالي، وكأن المباراة احتفالا بحقهم في الحياة، وانتصارا علي كل صور الحصار والتعنت والصلف والغرور الصهيوني الذي يمارس بحقهم ليل ونهار. دخلنا لملعب فيصل الحسيني ولم نري إلا كل حفاوة وترحيب، ويكفي أن جماهير فلسطين ظلت تهتف لمنتخبها، وللمنتخب الإماراتي طوال ال09 دقيقة. كرم ضيافة فيما لم يغب حسن وكرم الضيافة طوال فترة اقامتنا في رام الله، قبل التوجه لزيارة القدس ضمن الوفد الرسمي الحاضر للمباراة من الجانب الاماراتي حيث أدينا الصلاة في المسجد الأقصي، وقمنا بزيارة مسجد قبة الصخرة، وشاهدنا كيف يعيش العرب والمسلمين في منطقة القدس، الواقعة تحت الاحتلال الصهيوني، والممنوع دخولها إلا بتصريح رسمي من هذا الكيان الغاصب، الذي يحاول منع الصلاة هناك بشتي الصور المتاحة. ويتلخص الوضع اليومي الفلسطيني، في أن القدس، ورام الله، والقدسالغربية، والشرقية، باتت كلها تقريبا، تحت سيطرة اليهود، ويكفي أن المستوطنات قد انتشرت بشكل غير مسبوق، حيث تغتصب الأرض، ويطرد سكانها الفلسطينيين والعرب، وتقام عليها مستوطنات لليهود، ولم يعد هناك إلا منطقة أريحا، في رام الله، ونصف مدينة رام الله تقريبا هي المتاحة أمام شعب فلسطين، فيما عدا ذلك، توزع المستوطنات في كل حدب وصوب من القدس، وباتت المدينة شيئا فشيئا تتعرض لعمليات ممنهجة من مسح الهوية الفلسطينية والعربي، لولا الصمود التاريخي لشعب فلسطين هناك. لكن يمكننا القول، وبما أن »أخبار الرياضة» عاشت لمدة أيام معدودة، ما يعيشه الفلسطينيين، أن كل ذلك اندثر تماما، أمام فرحة شعب فلسطين، بحضور منتخب عربي، يلعب علي أرضهم في ستاد فيصل الحسيني الذي يفصله عن الجدار العازل مع القدس، أمتار قليلة. فكانت الفرحة قومية عربية بنوع من أنواع كسر الحصار، فكانت لمباراة الإماراتوفلسطين طعم آخر مختلف. زيارة تاريخية من جانبه وصف اللواء جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، والذي نجح في انتزاع اعتراف الفيفا بفلسطين، وبحق اللعب علي أرضها، وصف الزيارة الإماراتية ومنتخب الامارات كأول منتخب أول عربي يلعب في فلسطين، بالتاريخية، مشددا علي أن التاريخ سيظل يذكر ذلك لأبناء زايد، ولدعمهم المستمر للقضية الفلسطينية بشكل خاص، وباقي قضايا الأمة العربية بشكل عام. وأكده اللواء الرجوب علي تمسكه وهو وكل الشعب الفلسطيني علي لعب جميع مباريات التصفيات الأسيوية، علي أرض ستاد فيصل الحسيني برام الله في القدس العربية حتي يحصل الشعب الفلسطيني علي حقه في الحياة، وحتي تصل الرسالة إلي العالم أجمع، بأن فلسطين باقية وأن لديها منتخب ولديها أرض ولديها شعب مؤمن بقضيته وبعدالتها.وعن الموقف من اللعب في إطار المباريات الودية خصوصا أمام المنتخب المصري مستقبلا طالما بدأ المنتخب الاماراتي بكسر الحصار رسميا عن الرياضة الفلسطينية رغم أنف الكيان الصهيوني قال: كان هناك قرار رئاسي سابقا بقدوم المنتخب الأوليمبي واللعب في فلسطينبالقدس، لكن الأحداث في مصر حالت دون ذلك وقتها، بينما الآن لايزال لدينا أمل كبير في أن تكون الظروف مهيئة لقدوم المنتخب المصري لاعتبارات عدة تصب في صالح القضية لأنه عندما يأتي منتخب مصر للعب في فلسطين مباراة رسمية، فهذا يعتبر تأييد شعبي ورسمي ورياضي وعربي للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني المحاصر هنا في القدس العربية وأيضا سيكون له أبعاد عالمية وقارية ودولية، وردود فعل كبيرة لقيمة وتأثير مصر بثقلها الحضاري والتاريخي وبقيمتها العظيمة والكبيرة سواء في وجدان كل فلسطيني وعربي، أو حتي تأثيرها علي الساحة القاليمية والعالمية». شفرة جينية وتابع الرجوب »نحن نتمني أن يلعب المنتخب المصري هنا، علي أرض القدس في ستاد فيصل الحسيني وأن يتحول هذا الحلم إلي حقيقة واقعية ملموسة لأن دعم مصر مستمر للقضية الفلسطينية ولشعب فلسطين، وتلك القضية العادلة هي مسألة مبدأية أساسية عند المصريين، ولا يمكن لأحد أن يزايد علي المواقف المصرية العروبية والوطنية». وأضاف »فلسطين هي شفرة جينية عند كل المصريين، لذلك أنا أثق أن هذا الامر مهم جدا للغاية بالنسبة لنا، وسيكون لدينا جهد خلال الأيام القليلة المقبلة للتواصل مع الجانب المصري، سواء وزارة الشباب أو الاتحاد المصري لكرة القدم لتجديد الدعوة للمنتخب المصري والوصول للقدس واللعب مع منتخب فلسطين وديا». وكشف الرجوب أنه قام بمحادثات بالفعل في هذا الإطار مع وزير الشباب، ورئيس الاتحاد المصري وقال »الرغبة في الحضور هنا وتأييد القضية الفلسطينية وكسر الحصار الرياضي والإنساني عن فلسطين، واللعب علي أرض رام الله، كانت حاضرة بقوة لدي المصريين، هناك رغبة كبيرة من جانبهم للعب هنا، وأنا متأكد أن هذا الحلم سيتحول إلي حقيقة في القريب العاجل، لأن مصر هي الدولة العربية التي لديها استراتيجية ثابتة تجاه فلسطين شعبا وقضية، في كل المجالات». أمر واقع وتحدث الرجوب عن فوائد زيارة المنتخب الاماراتيلفلسطين واللعب رسميا علي أرضها، وقال: إن أهم ما تحقق في زيارة المنتخب الاماراتي، هو أن الملعب البيتي لفلسطين أصبح أمر واقع وباعتراف الفيفا الراعي الرسمي للعب هنا في فلسطين، ومن يري غير ذلك ولديه تشويش في الصورة عليه أن يسأل الجانب الاماراتي، ويستفسر منهم ويدرس كيف كانت رحلة المنتخب الاماراتي من مطار عمان ثم العودة لمطار عمان مرة أخري والمغادرة لدبي، فلا أحد يختم جواز سفرهم لدي العدو الصهيوني، ولا يتعاملون إلا مع فلسطين وحكومة فلسطين». وأضاف »من لا يحب أن يلعب عندنا في أرضنا ويقوي من قضيتنا، فهذه مشكلته لأن هناك آراء سخيفة تري أن الحضور واللعب هنا في القدس وأداء الصلاة في المسجد الأقصي هو تطبيع، وهذا كلام منافي تماما للحقيقة، فلا أحد يطبع مع الكيان الصهيوني الغاصب، ولكن تلك الزيارة تكون لإثبات حق تاريخي لفلسطين، ولدعم واحياء قضية فلسطين، وللتأكيد علي حق الشعب الفلسطيني أن يكون لها منتخب وطني، يمثله ويلعب باسمه علي أرضه التاريخية وخارج أرضه أيضا». وأضاف »من يأتي ليلعب معنا لا يتعامل مع الكيان الصهيوني الراغب أساسا في منع العرب أو أي دولة أخري من الحضور هنا واللعب أمام منتخبنا ومن يرفض المجيء يكون قد سهل مهمة العدو الصهيوني في القضاء علي أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية للفلسطينيين وفي حق الشعب الفلسطيني أن يفرح بمنتخب بلاده. وأكمل »فلسطين اليوم بات لها حركة وطنية رياضية يمكن أن يتم البناء عليه ليحدث ثورة في الكرة الفلسطينية التي وحدت كل الفلسطينيين، وهذا المنتخب كان لوحة جيملة للوحدة الوطنية الفلسطينية». وعن مباراة المنتخب الفلسطيني ونظيره الاماراتي، والموافقة الاماراتية السريعة علي الحضور واللعب مع منتخبنا في رام الله وزيارة القدس قال »أود أن أشكر الحظ الذي أوقعنا مع الامارات في نفس المجموعة، وأهم ما في هذا الأمر هو لقاء اليوم، ونحن كنا نرغب في استمرار منتخب الامارات حتي يمكث فترة أطول بين أهله وناسه، هذا اللقاء نتشرف به أبد الدهر في فلسطين بأن أهلنا من الامارات هم أول من كسر الحسار الكروي والرياضي عن فلسطين، وجاء وفد وبعثة رسمية ضخمة، علي رأسها الأخ والصديق يوسف السركال رئيس مجلس ادارة اتحاد الكرة، والأخ عبدالمحسن الدوسري ممثل هيئة الشباب والرياضة الاماراتية، وباقي أفراد الوفد من أعضاء مجلس الادارة». وأضاف »أما عن المباراة فهي كانت جيدة بين الطرفين حيث كان التعادل بين الطرفين هو النتيجة الأفضل، وكلانا خرج راضيا، حيث ظن البعض أن منتخب فلسطين سيكون لقمة سائغة في فم أي منتخب خليجي أو عربي ولكن كل يوم يثبت اللاعبين والمنتخب الوطني أنهم رجال علي قدر المسئولية الوطنية والقومية العربية». دور تاريخي وتطرق الرجوب عن الدور التاريخي لدولة الإمارات مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وقال »يكفي الدور الكبير والتاريخي الذي لعبته الامارات في دعم القضية الفلسطينية، ولاتزال، سواء من أيام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد آل نهيان ، طيب الله ثراه، أو ابان قيادة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الامارات العربية خير خلف لخير سلف، وأشقاءه الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الامارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي». وزاد قائلا »كما أن للشيخ هزاع بن زايد مستشار الأمن الوطني والرئيس الفخري للاتحاد الاماراتي لكرة القدم أيادي بيضاء علي الرياضة الفلسطينية، ويكفي اصراره علي دعم قرار الفيفا باللعب علي أرض فلسطين، مرحبا بأن يلعب منتخب الامارات في القدس العربية، وفي أرض فلسطين، لاحياء القضية الفلسطينية ورفضوا الرأي القائل بأن زيارة القدس العربية الفلسطينية واللعب أمام منتخب فلسطين العربي يعتبر تطبيعا».