مسرح الفن لا يقدم إلا المسرح السياسي، هذا ما يؤكده المخرج القدير جلال الشرقاوى خلال مسرحيته الجديدة "دنيا حبيبتى" التى ترصد عاماً كاماً من حكم الإخوان وحتى سقوطه فى 30 يونيو 2013.. وعلى مدار ساعتين ونصف الساعة، يقدم اليوم_الخميس عرضا خاصاً للرقابة والنقاد والصحفيين ويسدل عنها الستار للجمهور فى أول أيام عيد الفطر المبارك . عرض "دنيا حبيبتى" الذى يصنف ضمن عروض مسرح الكباريه السياسى يعتبر أول عمل يعبر عن حال الوطن إبان فترة حكم الإخوان وتحديدا منذ إعلان فوز محمد مرسى بالرئاسة وحتى عزله بعد 30 يونيه وهذا كله فى إطار رمزى، حيث تجسد المطربة نسمة محجوب شخصية "دنيا" التى ترمز إلى مصر ويسعى الأشرار "الإخوان" لاختطافها وينجحون فى ذلك حتى يأتى "فارس" الذى يخلصها ويحررها ويجسد دوره الفنان كمال أبو رية . وكشف د. جلال الشرقاوى عن فكرة المسرحية التى بدأت عام 2013 وعلى وجه التحديد يوم 5 يونيو فى وزارة الثقافة، فيقول : اجتمع المثقفون والفنانون والأدباء فى ذلك اليوم وقوفا وتحديا وتصديا للمخطط الإخوانى للتمكين من مفاصل الدولة، ومن ضمن المخطط أنهم عينوا وزيراً للثقافة تابعا لهم، فاحتللنا مقر الوزارة واعتصمنا بها حتى 3 يوليو 2013. ففى هذه الفترة كان هناك وقت للتفكير فأنا كنت أفكر فى المسرح، ماذا يمكن أن يقدم المسرح للوطن فى هذه الفترة السوداء التى عاشتها مصر من تنوير وتسجيل لهذه الفترة العصيبة.. فنبتت هذه الفكرة التى اعتمدت على ماذا يريد الإخوان من مصر سوى أن يمحوا هويتها ويفرضوا هذا على الشعب المصرى . مسرحية "دنيا حبيبتى" محورها شابة ترمز إلى مصر يريد الأشرار اختطافها وبالفعل ينجحون فى ذلك باستخدام طرق غير مشروعة، ويشاء الله أن يسخر لمصر رجلا ينقذ الشابة التى هى مصر من الأعداء الأشرار ومن هنا نبتت فكرة المسرحية.. وأردتها أن تكون تسجيلاً لهذه الفترة الزمنية ولكن تسجيلاً درامياً وأردتها أن تكون مسرحية تستكمل بالبهجة والغناء والاستعراض، فالمسرح من وجهة نظرى يجمع بين الفكر والفرجة، الفكر هو القضية التى تطرحها المسرحية، والفرجة هى الفرحة والبهجة، لأن المسرح بالنسبة لى هو احتفالية، ولكن كان ينقصنى عنصر الكوميديا لتكون المسرحية جاذبة أكثر للمتفرج، لأن الضحك أكثر وصولا، لكنى لم أبذل جهدا فى ذلك، فكل ما قاله الإخوان فى خطبهم وتصريحاتهم هو المسخرة بعينها. فريق العمل واستطرد الشرقاوى قائلاً: كان لابد لى أن أبحث عن مؤلف يثير هذه الحدوتة، فوقع اختيارى على كاتب جديد يتميز بمتابعة السياسة وقرأت له من قبل مسرحية عن بليغ حمدى وبعض المقالات والكتب عن الفن والسلفيين، هو الكاتب والصحفى الشاب أيمن الحكيم.. ولكى تكتمل الصورة فكان لابد من شاعر خفيف كلماته رقيقة، ويعلم جيدا صورة الشارع و لم أجد خيرا من د. مدحت العدل وشرفنى الاثنان بالتعاون معهم. العرض المسرحى يحتوى على 12 استعراضا غنائيا راقصا، كتبها جميعا المؤلف د. مدحت العدل الذى عبر بدوره عن سعادته بالاشتراك فى العمل، وقال : شرف كبير لى أن يضاف إلى تاريخى أننى عملت مع المخرج جلال الشرقاوى . واستكمل الشرقاوى حديثه، قائلا : كنت أبحث عن ملحن يعيدنى إلى عهد الموسيقيين الكبار بليغ حمدى الذى لحن لى مسرحية، محمد الموجى لحن لى 4 مسرحيات، كمال الطويل كان هناك مشروع معه ولم يتم، ولم أجد أفضل من العبقرى محمد رحيم، وكنت أبحث عن مصمم للاستعراضات، فوجدت المصمم محمد شفيق الذى تعلم فنون الاستعراض فى باريس ومعه عمرو شعبان فكونوا دويتو وبدأوا يجددون فى فن الاستعراض فقررت الاستعانة بهم، واتفقت مع د. محمد الغرباوى مدير قسم الديكور بالأوبرا كمسئول عن الديكور والملابس. وعن اختيار الممثلين، يقول : كانت هذه هى المشكلة الكبرى، ولن أخفى سراً أننى عرضت شخصيات المسرحية على فنانى مصر جميعهم رجالاً ونساءً واعتذروا ، ولم يجرؤوا على خوض التجربة، لكن كمال أبورية قبل أن يشاركنى المغامرة. ولطبيعة العرض وبطلتها لابد أن تكون مطربة وتستطيع أيضاً أن تقوم بأداء الاستعراضات، كنت أفكر فى أنغام، لطيفة، آمال ماهر، شيرين عبد الوهاب، لكنى صراحة لا أثق كثيرا فى مواعيدهن، وكم عانيت فى حياتى الفنية من المطربة والراقصة. فبحثت وسألت بعض الأصدقاء الذين رشحوا لى نسمة محجوب، وبعدما سمعت صوتها وجدت أننى أتعاون مع مطربة متمكنة بل ومثقفة لأنها خريجة الجامعة الأمريكية قسم موسيقى، ولديها موهبة صوتية تؤهلها لتكون نجمة فى السنوات القادمة. وجدت منها أيضا التزاما تاما لمدة 8 أشهر هى فترة التدريب والبروفات وهى ملتزمة بنسبة 95 % وهذه الفترة كانت عبارة عن دروس خصوصية فى فن التمثيل، فنضجت فنيا من خلال تدريبات مكثفة خلال هذه الفترة. البحث عن الكوميديانات كانت مهمة صعبة لجلال الشرقاوى لكنه وضع ثقته فى صديقيه رضا إدريس وسيد جبر إلى جانب أيمن اسماعيل.. وكعادته فى كل مسرحية يضيف إلى فريق العمل مجموعة من خريجى معهد الفنون المسرحية، هنادى معيدة بالمعهد ويتنبأ لها الجميع أن تكون كوميديانة لها شأن، ومعها كل من إنجى خطاب ونشوى الإبيارى وندى سلامة.. ومن الشباب كل من محمود الأشقر الذى يتميز بخفة الظل ومعه كل من طلبة، محمد أسامة، سامى محمد، محمد عماد. وأنهى الشرقاوى حديثه بقوله: بذلت أقصى طاقاتى الفنية لأقدم هذا العمل، فإذا كنت أدعى أن مسرحية "انقلاب" هى أعظم حدث فى تاريخى الفنى، "دنيا حبيبتى" هى ثانى أعظم حدث ولكن الحكم فى النهاية للجمهور . سعادة وخوف وبدورها عبرت نسمة محجوب عن سعادتها لموافقة المخرج القدير جلال الشرقاوى على اشتراكها فى العرض الذى يمثل أول تجربة تمثيل حقيقية بعد وقوفها على خشبة مسرح الجامعة، وقالت : شعرت بسعادة شديدة فور عرض المسرحية على لأقدمها لأنها أكبر عمل تم عرضه على، وبالرغم من شعورى بالسعادة إلا أننى كنت فى غاية الخوف ولكن بفضل د.جلال الشرقاوى والتدريبات لمدة 8 أشهر تبددت المخاوف، هذا إلى جانب الوقف على خشبة المسرح أمام فنان قدير مثل كمال أبورية فشعرت بالاطمئنان وأننى فى أيد أمينة، وبالرغم من وقوفى من قبل على خشبة مسرح الجامعة إلى جانب دراستى، إلا أن الوقوف أمام جمهور كبير وعلى مسرح تجارى هو شىء مقلق، لكنى أبذل قصارى جهدى لأكون عند حسن ظن من وثقوا بى. وبسؤالها عن استعدادها لأداء 12 عرضا استعراضيا، تقول : أنا لست محترفة لكنى أقوم بأداء التمرينات وأيضا دروس التمثيل أضافت إلى موهبتى، وكذلك التعامل مع الملحن محمد رحيم أضاف لى الكثير على مستوى الغناء.. ففى أثناء التمارين والبروفات أعيش حياة عائلية خاصة فى ظل أجواء رمضان وأتمنى أن يظهر هذا التناغم والانسجام أمام الجمهور عند عرض المسرحية بدءا من أول أيام العيد . المغامر المغامر كمال أبو رية يقول عن اختيار جلال الشرقاوى له : هو واحد من أهم مخرجى المسرح، فقد أفنى عمره فى الفن والمسرح تحديدا وأنا أعتبر أحد تلامذته وعندما عرض عليّ النص أعجبتنى فكرته وشرح لى كيفية التناول وأنه مسرح استعراضى غنائى كوميدى سياسى مباشر، فرحبت بالفكرة وأبديت موافقتى. وعن المسرح السياسى يقول: هى ثانى مرة أقدم فيها هذه النوعية، حيث قدمت منذ فترة طويلة العرض المسرحى "بكرة" مع المخرج محمود الطوخى لكن أول مرة أقدم عملا سياسيا بهذا الشكل وهذه الإمكانيات ومع مخرج كبير بحجم جلال الشرقاوى أقدم شخصية "فارس" الرجل الوطنى الوطنى المخلص المنتمى المحب لمصر الذى ينقذ "دنيا" من الهوة التى كانت ستسقط فيها . وعن حجم الإقبال المتوقع فى ظل الوضع الأمنى والاقتصادى الحالى، يقول : مسرح الفن له جمهوره وأتمنى أن يكون الإقبال كبيرا لأن العملية المسرحية تعتبر منقوصة بدون جمهور.