دور المرأة فى حلايب وشلاتين لا يقل عن دور الرجل فى المجتمع البدوى الذى يسود المدينتين ، فهى نصف المجتمع عن جدارة منحتها اياها الطبيعة الحياتية ، فهى ترعى الاغنام فى صغرها وتتكفل بالبيت بعد زواجها ، والسيدات طموحات إلى العمل ، وأكثر إلى التعليم ، ومع ذلك فإن فطرتهن لم تتغير عن القيام بدورهن فمنهن من تمتهن الصناعات اليدوية فى صناعة المشغولات من الجلود والخرز والاصداف ، ومنهن من تشغل وظائف بالجهاز الاداري للمدينة وكان لاخبار الحوادث أن تتحدث اليهن لننقل لكم بعضا من ملامح المرأة فى المجتمع الشلاتينى. بينما كنا نجرى جولة بمدرسة شلاتين الثانوية الصناعية لفت انتباهى تواجد إحدى السيدات على مدخل المدرسة وهى تراقب دون أن تبدى اهتماما بما نفعله ونحن نلتقط بعض الصور للطلاب والمدرسة بالداخل وكذلك الاداء التعليمي ، فتساءلت من تكون فأخبرنى مدير الادارة التعليمية انها إحدى الموظفات بالمدرسة توجهت اليها وطلبت منها أن اتحدث اليها فوافقت على استحياء يمثل طبيعة كل السيدات هناك وكانت الملاحظه الاولى لى على السيدات في ذلك المجتمع البدوى المنعزل ذو الفطرة الطيبة والسليمة أن السيدات المتعلمات ولا اقصد التقليل من شأن الاخريات ولكن هناك فرقا من حيث التعامل مع الغرباء او مع الصحفيين وكاميراتهم المرعبة التى تخترق خصوصيتهم. جلست بالقرب منها على مسافة تسمح لى بالاستماع اليها وكذلك سماعى اسمها " نورا طه حسن " تعمل عاملة بالمدرسة منذ 4 أعوام بعقد وحتى الآن لم يتم تعيينها ، هي قصة كفاح واحد النماذج المشرفة لمدينة شلاتين فعلى الرغم من انها لديها 5 من الابناء منهم من شارف على الزواج إلا انها تكافح فقد التحقت بفصول محو الامية وتمكنت من الحصول على الشهادة الخاصة بها والتي عن طريقها التحقت للعمل بالمدرسة حتى تساعد زوجها الذى كان عاملا بمركز بحوث الصحراء وهو الآن على المعاش وتتقاضى فى سبيل ذلك مبلغا ماليا قدره 400 جنيه. هذه السيدة لم تتوقف عند هذه الحد ولكنها تواصل مسيرتها المشرفة فهى تدرس الآن بالصف الثانى الاعدادي لتكمل تعليمها وتتحصل على شهادات اخرى الاجمل انها ليست فقط تحب التعليم بل أنها تواصل فى منح ابنائها اجمل ما تمنحه ام على الاطلاق ، فقد استطاعت بجدارة هى وزوجها فى أن تعلم ابنائها فابنتها الكبرى حاصلة على بكالوريوس التربية في اللغة الانجليزية وتعمل مدرسة بمدرسة حلايب الاعدادية ، وابنها الثانى هو الآخر حاصل على نفس الدرجة العلمية ويعمل مدرسا هو الآخر وابنها الثالث حاصل على دبلوم فنى تجارى فيما لازال لديها ابن وابنة في المرحلة الابتدائية اما عن مشاكلها فهى كغيرها تتمنى أن يتحسن الحال بالمدينة اكثر من ذلك وأن تولي الحكومة عنايتها بهذه القطعة الغالية من ارض مصر ، وتتمنى أن يتم تثبيتها وكذلك ايجاد فرصة عمل لنجلها الثالث حقا هى مثال للفخر والام المثالية. المشغولات اليدوية اللقاء الثانى كان مرتبا من قبل للتعرف على المرأة فى هذا المجتمع القاصى من الوطن القريب الى القلب انتقلت اخبار الحوادث الى خيمة "ام علي" وابنتها "ام صالح" الخيمة عبارة عن عشة مستطيلة الشكل قوائمها من الاخشاب وأسوارها من مشغولات "الحلف" وهو نوع من الحصير الارضية مفروشة بسجادات الصوف والمصنعة يدويا بحرفية عالية المتانة تتوسطها 3 طاولات – طبلية- عليها العديد من المشغولات اليدوية للزينة والتى يتم اقامة معارض خاصة لبيعها الى السياح الغردقه واسوان وجميعها من مكونات طبيعة اصداف وجلود واخشاب ولكنها في قمة الرقي والروعة يعلو الجدران ايضا عدد من الاعمال والمشغولات المصنعة من الصوف واخرى من الجلد والصوف وحصير مصنوع من العيدان خشبية وجلد الجمال وهو كما عرفنا من اكثر المنتجات متانة على الاطلاق ومن المصنوعات المعمرة ، الرائع أن هذه المشغولات من المفروشات والسجادات والحصير يتم تصنيعها دون الحاجة الى المنوال الذى يستخدم فى هذه المصنوعات. جلسنا بداخل الخيمة وسط راحة تملأ الانفس ، منحنا اياها هذا المكان الصغير الواسع بجماله المبهر على الرغم من ضعف الامكانيات هناك ، أم صالح تعلمت هذه المهنة منذ صغرها وتعتبر صناعة المشغولات مصدر الرزق بالنسبة لهم وخاصة عندما يتم اقامة معارض لهم بالاماكن السياحية التي يتهافت السياح وغير السياح على اقتنائها ولكل منهن دورها إلا أن احدهما تكمل الاخرى في صناعة هذه الانواع المتعددة والمتنوعة ، ويتم الاستعانة بها فى صناعة عدد منها باستخدام الخرز المستورد ، إلا أن الاعتماد الكلى على المواد الطبيعية من الجلود والصوف والاصداف. مشروب الجبنة ليس هذا كل شىء ولكن كان لكرم السيدة الشلاتينية المزيد ويعتبر مشروب الجبنة بفتح الجيم والباء من اشهر المشروبات علي الاطلاق في المجتمع البدوي لحلايب وشلاتين وهو عبارة عن قهوة بالزنجبيل تصنع بطريقة معينة على الفحم في وعاء يسمي الجابنه من الفخار ، ويتم تحضير هذا المشروب عن طريق تحميص البن على الفحم وطحنه مباشرة ووضعه بداخل الجبنه وكمية قليلة من الماء وقطعة من الزنجبيل الطبيعى الغير مطحون ويتم وضع الجبنه على الفحم ويتم صبه فى فناجين صغيرة من الخزف ويتم وضع معلقة من السكر دون تحلية المذاق اكثر من رائع ومع كل رشفة يكون السكر قد بدأ لتكون آخر رشفه حلوة المذاق، الغريب أن الجبنه لا تتوقف عن العمل حتى يأخذ الضيف كفايته عن طريق قلب فنجانه اشارة الى اكتفائه. الحديقة على الرغم من البيئة الفقيرة الصحراوية الجدباء إلا أن المرأة تعتنى بتفاصيل بيتها كثيرا ، وكان من الملفت للانتباه الحديقه التي اقامتها ام صالح امام خيمتها والتى حصنتها بسور منيع ضد غزو الاغنام التى تهيم بكل المنطقة للرعي وبها عدد قليل من الشجيرات التى تعانى في رعايتها فهي تسقيها من خلال خزان للمياه موضوع على الارض بالقرب من باب الحديقة ، كذلك لا تسيقها من مياه لبحر المحلاه والتى يطلقون عليها اسم مياه " الكنداسه" نسبة الي المياه المكدسه بل تسقيها من الماء العذب الذي يتم التحصل عليه بالمال من موزعي وتجار المياه والتي يساوي البرميل منها سعة 200 لتر 25 جنيها. الزي الرسمي للمرأة تتميز السيدات بمثلت حلايب وشلاتين بزي يقوم اساسه على ستر كل مناطق الجسد ، من الرأس حتى القدمين ويميزه الوشاح الكبير الذي تستخدمه المرأة في تغطية نصف وجهها السفلي عندما تتحدث الى الغرباء وعلى الرغم من هذه المعاناة .. تظل المرأة تتمتع بدور فريد فى المجتمع البدوي لمثلث حلايب وشلاتين وتمثل احدى ركائزه في البناء والعيش والحصول على مصدر الرزق لبناء حياة افضل لابنائهم وكذا لدفع العجلة نحو الامام.