فتيات لا تتعدي اعمارهن العشر سنوات.. لا ينعمن بأحلام الطفولة و البراءة و انما هناك أحلام أخرى أو كوابيس تطارد سنوات عمرهن القصيرة .. يحلمن بالطلاق و الحصول على حريتهن من جديد بعد إجبارهن على الزواج من اشخاص فى اعمار جدودهن للوقوع فى مشكلات لا حصر لها يعتقد الاهل انها مشاكل معتادة تصادف الفتيات المتزوجات فى مثل هذه الاعمار دون الالتفات إلى الواقع المرير الذى تعيشه مئات او آلاف الفتيات.. لم تجد الطفلة الصغيرة ذات العشر سنوات حلا لمشكلتها الاليمة التى عانت منها على مدار عدة اشهر كادت تنتهى بموتها على يد زوجها بعد وقوع نزيف حاد لها بسبب صغر سنها و وهن جسمها الضعيف .. لم يستمع احد إلى مأساة حياتها.. الام اجبرتها على الزواج من رجل يكبرها بعشرات السنين و كانت تكتفى بابتسامة ساخرة كلما شكت لها ابنتها من مخاوفها و حالة الرعب التى تصيبها من الزواج لتؤكد لها دائما أن كل الفتيات فى سنها يشعرن بتلك المشاعر ولا يوجد امر غريب فى الزواج.. وقع الزواج و لم تختلف مشاعر الطفلة عن مشاعر أى فتاة تتعرض للاختطاف و الاغتصاب من قبل شخص لا يمتلك أى رحمة و لكن المشاعر اكثر بشاعة فتلك الجريمة وقعت تحت سمع و بصر والديها و بضغط منهما لتصبح ابنتهما ضحية امام كل من شارك فى مراسم الزفاف.. وقعت ضحية اختطاف براءتها و سنوات عمرها الصغيرة و طفولتها .. كلمة السر نجود على .. الفتاة اليمنية ذات العشر سنوات.. تعرفت بالمصادفة على سيدة تكبرها فى السن .. روت لها قصة زواجها و دموعها تنهمر .. استمعت لأول مرة إلى كلمة "الطلاق" و حاولت التعرف على معنى تلك الكلمة التى لا تستطيع كتابتها او فهمها.. علمت من المحامية الشابة التى اصبحت صديقة لها أن الطلاق هى كلمة سر ستنجح فى انهاء معاناتها.. لم تتفوه بتلك الكلمة إلى والديها .. فهى تعلم جيدا ان تفكيرها فى إنهاء زواجها سيجعلها قتيلة خلال دقائق.. قررت نجود الهرب و اللجوء إلى المحاكم للحصول على الطلاق بمساعدة المحامية الشابة .. هربت من أسرتها و زوجها.. واجهت المجتمع و احتمت بالمنظمات النسائية و الحقوقية لتحصل فى النهاية على لقب اصغر مطلقة فى العالم.. قصة نجود مرت عليها عامين أو اكثر إلا أن المأساة مازالت تتكرر لتظهر قصص فتيات أخريات مثل ريم التى تزوجت رجل يكبرها بعشرين سنة و رفض والدها طلبها بالطلاق لأن زوجها هددها بخطفها و قتلها اذا لم تكمل زواجها و لجأت إلى المحاكم ايضا لتصبح نسخة مكررة من قصة نجود التى اصبحت واحدة من اشهر الفتيات على أغلفة المجلات العربية و العالمية.. انتهاء قصة زواج القاصرات بقضية طلاق و حصول الطفلة على لقب مطلقة .. نهاية سعيدة لمأساة لا يمكن تصورها و لا تنال تلك النهاية سوى المحظوظات فبمجرد علم الاهل او الزوج بتفكير الطفلة فى طلب الطلاق أو الانفصال تزداد فصول المأساة سوءا لتتحول إلى جرائم تعذيب جسدى و معنوى و ضرب متكرر للفتاة و قد ينتهى الامر بالقتل أو حدوث عاهات مستديمة تفقد معها الطفلة براءتها و طفولتها و استقرارها للأبد.. الفقر أرحم! قصة زواج أروى لا تختلف كثيرا عن قصة نجود و ريم إلا أن اصرار الوالدين كان اقوى و اكثر تأثيرا على الفتاة التى كانت بين نارين..والديها لا يجدا ثمن طعام لهما بعد تراكم الديون عليهما و بالرغم من تمتعهما بقلوب اقل قسوة من الآخرين إلا انهما حاولا إقناع ابنتهما بالموافقة على الزواج من شاب ثرى اكد أنه سيراعى ظروف الاسرة البائسة و سيساعدهم على توفير احتياجاتهم الاساسية.. و بالفعل وقع الزواج دون أن تجد الابنة أى مفر فقلبها يرتجف من كابوس موت والديها من شدة الفقر و لكن بمجرد بدء حياتها الزوجية الجديدة فوجئت انها ضحية استغلال من والديها و زوجها و بعد مرور عدة اشهر توجهت هى الاخرى لطلب الطلاق.. محامية الفتيات الثلاثة كشفت عن الاسباب المختلفة التى اوقعت الفتيات الثلاثة و غيرهن فى الزواج فى مثل هذا السن الذى سبب صدمة هائلة للمجتمعات الغربية و حاولت وصف كم المعاناة التى شعرت بها الفتيات الثلاثة بعد زواجهن و كشفت المحامية شذى عن اسباب تزويج الفتيات فى مجتمعها و هى الخلافات الاسرية بين الزوجين و الفقر و كذلك المبررات الواهية برغبة الوالدين فى الحفاظ على ابنتهما من الاختطاف او الاغتصاب و تقديم الحماية اللازمة لبناتهن بتزويجهن فى سن صغير.. منذ عدة اسابيع ظهرت فتاة يمنية أخرى تدعى ندى الاهدل فى فيديو مدته دقيقتين إلا أنه حظى بانتشار عربى و عالمى لتتداوله الصحف العربية و الغربية على السواء .. الطفلة عمرها 11 سنة فقط و تتعرض إلى ضغوط هائلة لتزويجها من رجل يكبرها بعقود و قررت تحدى الجميع لتظهر فى الفيديو تهدد والديها أنه فى حالة إرغامها على الزواج فى هذا السن ستضطر إلى الانتحار و قتل نفسها.. أرقام مفزعة! قصص الزواج المبكر لا تقتصر على القرى و المحافظات الفقيرة فى اليمن فقط و انما الاحصائيات و الارقات صادمة لتكشف عن حلول اليمن فى المرتبة الثالثة عشر من بين 20 دولة تعد الاسوأ فى زواج القاصرات اما الرقم الاسوأ فهو وقوع 8 حالات وفاة يوميا بين الفتيات بسبب زواجهن و حملهن و ولادتهن المبكرة فى ظل غياب الوعى الصحى و الجهل الاجتماعى و صغر سن الفتيات و كشفت إحصائية اخرى عن تزويج نصف الفتيات دون سن الخامسة عشر.. تعتبر العراق من ضمن اكثر الدول التى تعانى من الاقبال على تزويج القاصرات نظرا للظروف الاقتصادية التى تعانى منها البلاد فى الآونة الاخيرة و اتباع قوانين العشائر و القبائل فى الإسراع بتزويج الفتيات حرصا على سمعتهن و مستقبلهن و كشفت إحدى المنظمات الاجتماعية فى بغداد عن أن كل 50 حالة زواج يقابلها 30 حالة طلاق لفتيات قاصرات و هو ما دفع رجال القانون إلى التركيز فى تلك القضية و النصح بإتمام الزيجات من خلال رجال الدين و القانون معا للحفاظ على حقوق القاصر و نصح المشرعون الاسر بتسجيل زيجات بناتهن فى المحاكم للحفاظ على حقوق بناتهن إلا أن هذه النصيحة لم تلق أى اقبال من قبل القبائل و العشائر التى تعتد بقوانينها الخاصة.. إحصائية أخرى تخص زواج القاصرات فى غزة و ترجع إلى العام الماضى لتكشف عن تسجيل 17 الف حالة زواج امام المحاكم الشرعية منها 35% عمر الزوجة فيها اقل من 17 سنة و يتم تسجيلها دون اثبات العمر الحقيقى للفتاة و يرجع السبب الرئيسى إلى رغبة الاب فى التخلص من الاعباء المادية و النفسية الخاصة بالفتيات ..و بالعودة مرة اخرى إلى العراق تأتى إحصائية أخرى تؤكد وقوع 30 الف حالة طلاق فى العام الماضى فى محافظة ذى قار فقط ضحاياها فتيات قاصرات تزوجن خارج الاطار القانونى.. فى نفس الاطار كشفت منظمة الاممالمتحدة للطفولة اليونيسيف عن حقائق مفزعة فى جريمة تزويج القاصرات لتؤكد دخول المغرب فى قائمة الدول العربية التى تعانى من تلك الظاهرة و هو ما تسبب فى إصدار المنظمة عدد من التوصيات و التحذيرات التى تؤكد خطورة تزويج القاصرات بطرق غير شرعية بسبب الفقر و تدنى مستوى التعليم مما يؤدى الى تزويج الفتيات من اثرياء فى اعتبار ان هذا الزواج يمثل طوق النجاة إلا أن هذه الزيجات ينجم عنها تداعيات خطيرة بدءا من تهديد حياة الفتيات و مرورا بضياع حقوقهن و حرمانهن من ممارسة حياتهن و التعليم ليواجهن فى النهاية مشكلات معقدة تتعلق بالطلاق و ضياع نسب الابناء و احيانا هروب الازواج..