الفرق بين التقدم والتخلف هو المعرفة... الوعي بأهمية المعرفة هو أول طريق الإدراك... والإدراك هو بداية لرحلة المعرفة... ولن تحدث معرفة دون تعليم ولن يحدث تعليم بالتمني أو النوايا... انهار ترتيب مصر في عام 2012 عالميا في التعليم ليصبح في المرتبة 139 من 144 دولة في جودة التعليم الأساسي علي مستوي دول العالم... هذه كارثة كبري... بل هي كارثة الكوارث... متابعة ما يحدث في المجتمع الآن تؤكد حتمية وضرورة التغيير... القضايا التي ينشغل فيها المجتمع المصري هي مسلسل للفوضي والغوغائية وغياب الوعي، وانحسار النخبة الواعية والمدركة، وتقدم وسيطرة لمن أوصل مصر لهذا التردي سواء كان في الغوغائية الإعلامية أو في المهاترات السياسية أو في تفشي الرشاوي والمحسوبية أو في تدهور مؤشرات التنافسية للمجتمع خاصة في قطاعات المعرفة أو في انهيار البحث العلمي والإبداع والاختراع أو في الاعتماد علي الاختراعات والملكية الفكرية التي ترد لنا من الخارج في دواء وسيارة ومعدات ومصانع وحاسبات ومشروعات غازية حتي القلم الذي نكتب به... مازالت صناعاتنا تفتقر إلي نتاج العقل والقيمة المضافة للعقل لغياب وانحسار الإنتاج الوطني العلمي والبحثي... أتابع مثل كل المصريين ما يحدث من حراك مجتمعي ودعوات التغيير... وأتساءل هل دعوات التغيير هي دعوات لأشخاص أم دعوات للمجتمع ككل وللشعب ككل؟ إذا كانت الدعوة لشخص بعينه فلكم دينكم... وإن كانت الدعوة للشعب كله وللمجتمع ككل فعلينا بالتعليم والتعليم والتعليم... ولن يحدث تطوير حقيقي للتعليم - ما لم يتحول إلي قضية للمجتمع ككل... بل " قضية القضايا لمصر" مع كل التقدير والاحترام لجهود المخلصين في الحكومة والوزارات الحالية والمتعاقبة ... والوقت يمر بل يجري ومصر تتضاءل في منتجها التعليمي ما حدث في أكثر من العشرين عاما الماضية هو كارثة لانهيار شامل في التعليم في مصر... والسؤال أين الطريق؟... البداية هو القناعة لكل المجتمع بأن علينا إحداث نقلة نوعية للتعليم وللمعرفة به... أساس النقلة النوعية للوطن هو إدراك للتحدي لمواجهته بلغة وفلسفة وروح وعقل حرب أكتوبر وتحديدا... بأن نتفق جميعا أن مصر ستكون من أفضل عشر دول في العالم في التعليم في عشرين عاما... إذا اتفقنا علي هذا فهناك أهداف محددة يجب أن نتفق عليها واستراتيجيات عملية يجب تطبيقها وبرامج ومشروعات يجب تنفيذها... باختصار جيل جديد يجب بناؤه... وشعب يتجدد يجب احترامه... التحول مما نحن فيه من مشاهد التخلف الذي تعكسه الفضائيات، أو فوضي المواصلات والنقل والزحام، أو الفرص الضائعة أو غياب التنافس العالمي... هو في مصري متعلم ومثقف ينافس عالميا باقتصاد للمعرفة وبمنتج وخدمة همي نتاج للعقل ولنري ما فعلت دول أخري سبقتنا وتتسابق مع العالم... فهل هناك ما يسمي باقتصاد المعرفة؟ الإجابة نعم والأمثلة لذلك هي اقتصاديات فنلندا وكوريا وسنغافورا وايرلندا والولايات المتحدة والهند والصين وكندا ثم في بعض ما تحاول دول عربية مجتهدة غير بترولية عمله مثل تونس والأردن... اختيار اقتصاد المعرفة هو اختيار استراتيجي ضمن بدائل أخري... حجم الإنفاق علي التعليم 65 مليار جنيه يجب أن نوجه 6٪ من الدخل القومي للتعليم هو وعي وإدراك لهذا التحدي وثورة علي فلسفة وأولويات استراتيجيات الخرسانة والحديد والاسمنت... استراتيجيات التنمية والتعمير أساسها تعمير وبناء الإنسان الذي سيقود إدارة وصيانة وبناء وتقدم المجتمع... فهل ستنتقل مصر إلي التنمية والتقدم أم إلي الانهيار والظلام؟... فهل ستصبح مصر من أفضل عشر دول علي مستوي العالم في التعليم والمعرفة... أدعو لمشروع قومي للتقدم والتعليم والمعرفة.