هل ممكن وانت مسافر مصر تاخد معاك لفة صغيرة لمامتى وباباىا؟..هكذا سألنى أحد الأصدقاء من المصرىىن المقىمىن فى أمرىكا قبىل سفرى فرحبت بطلبه ووافقت على الفور خاصة عندما أخبرنى أن اللفة سىكون بها بعض الأدوىة والفىتامىنات التى ىحتاجها كبار السن بالإضاقة إلى بعض الحلوى من التى تشتهر بها الولاىات المتحدة..وفى المىعاد المحدد وقبىل سفرى بلحظات جاءنى الصدىق فى الفندق ولم ىكن ىحمل فى ىده أى لفة صغىرة فاعتقدت أنه نسىها وخشىت أن ىكون قد استشعر قلقى أو حرجى من حمل لفة كل هذه المسافة فسألته منزعجا:اومال فىن لفة الدواء والملبس الصغىرة إللى عاىز تبعتها مصر؟ فإذا به ىشىر إلى شوال كبىر مركون فى لوبى الفندق من النوعىة التى انقرضت أساسا من مصر ولا أدرى كىف عثر علىه فى أمرىكا وأغلب الظن أنه ىحتقظ به منذ أن هاجر إلىها حاملاً فىه بعض أغراضه. اسقط فى ىدى ووقع قلبى بىن ضلوعى وأنا أنظر للشوال فقال صدىقى بسرعة:إوعى تقلق ماىغركش شكله ده خفىف موت حتى شوف كده وقام - وهو بالمناسبة بطل سابق من أبطال المصارعة الحرة - برفع الشوال بىد واحدة دون أن ىنحنى أو تظهر علىه أى علامات ألم مثلما كان صلاح ذو الفقار ىحمل شادىة وكأنه ىحمل طفلة صغىرة بدون أى معاناة وهو احد المشاهد التى تسببت لى فى عقدة فى حىاتى حىث لا أقوى حالىاً على رفع ولو حتى الصغىرة كلمات ذات السنوات الست..المهم لم ىدع لى صدىقى فرصة لتجرىة حمل الشوال بنفسى حىث قام بمصافحتى وطار لارتباطه بموعد عمل..فاقتربت من الشوال وبمجرد أن حاولت رفعه سمعت طقطقة جمىع الفقرات وكأنها تعزف السىمفونىة التاسعه لبىتهوفن وفكرت لحظة أن ألجأ ولأول مرة فى حىاتى للندالة وأترك الشوال واتصل بصدىقى معتذرا لعدم قدرتى على حمله لكنى تذكرت أنى أقوم بواجب انسانى تجاه أب وام لا ىنتظرن فقط أدوىة وفىتامىنات وحلوىات ولكن ىتنظرن أن ىشما من خلالى رائحة ولدهما الغائب فى أمرىكا منذ سنوات. شحذت الهمة وركبت التاكسى للمطار ولم تغب طوال الطرىق نظرات الاستغراب من عىن السائق الذى كان ىنظر للشوال وكأنه ىرى مخلوقا غرىباً على سطح القمر..ولك أن تتخىل عزىزى القارئ كىف كان حالى فى المطار والمراحل التفتىشىة التى مر بها الشوال وحالة الطوارئ القصوى التى شهدها مطار كىندى بسببه.لم تكن مغامراتى مع الشوال فى القاهرة أقل مما حدث فى مطار كنىدى حىث كان لزاماً علىّ أن أركب القطار للإسكندرىة ورغم الشهرة العالمىة لعصابات أمرىكا إلا أننى لم أشعر ولو بربع الرعب الذى دب فى قلبى وأنا أحمل الشوال فى محطة مصر واقفاً على الرصىف منتظرا القطار الذى تأخر عن موعده بأكثر من ساعة ونصف الساعة دون كلمة أو تنوىه ونظرات المسافرىن تكاد تلتهم الشوال وظلت الهواجس تطاردنى أن هناك عصابة تتبعنى لسرقته وحتى عندما ركبت القطار حرصت ألا أضع الشوال على الرف المخصص للأمتعة بل ظللت أحتضنه وأنا فى قمة الرعب من أن ىداهم البولىس القطار وكلما رأىت أحدهم بجلباب وعصاىة تخىلته المخبر الذى كان ىظهر فى أفلام زمان وأخذت أسأل نفسى ترى ماذا أقول له لو جاء ىسألنى:الشوال ده بتاعك ىاحضرة هل سأنكر وقتها أم هل سأتمسك بالشوال؟ والحمدلله نجحت أخىرا فى عبور كل المطبات الصعبة وقمت بتسلىم الشوال لأصحابه مع التحىات الحارة العابرة للقارات وألقىت بنفسى فى أول قطار عائداً للقاهرة وتنفست الصعداء وأنا أجلس متحرراً لا اخضى العصابة ولا المخبرىن وفور وصول القطار لأرض المحطة تسلمت على موباىلى هذه الرسالة:من المخابرات الأمرىكىة إلى المخابرات المصرىة:حمدلله على سلامة الشوال!