من اكثر القوانين التى اثارت جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض قانون الخلع الذى تحمست له النساء ودافعت عنه بشراسة وهاجمه الرجال بضراوة ..ورغم مرور سنوات طويلة علي اقراره الا ان المطالبة بالغائه تنشط من وقت لآخر.. في السطور القادمة نقلب سويا في جذور الخلع في الشريعة الاسلامية وما إذا كان فعلا قانونا مفيدا ضد تعسف بعض الازواج أم هادما لاستقرار الأسرة المصرية قانون الخلع أعطى للمرأة حق إنهاء الحياة الزوجية بإرادتها وهو حق مشروع منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ووردت فيه آيات قرآنية وأحاديث صحيحة تبيح للمرأة استخدام هذا الحق عند استحالة العشرة الزوجية وأنه حق كفلته الشريعة الإسلامية للمرأة كما كفلت للرجل حق الطلاق وأن إلغاء الخلع يتعارض مع ما جاء فى الكتاب والسنَّة مستندين على مشروعية الخلع فى الشريعة الإسلامية وفى السنة النبوية الشريفة ورواه البخارى والنسائى عن عبدالله بن عباس بشأن أول خلع فى الإسلام عندما ردت امرأة ثابت بن قيس بن الشماس الحديقة على زوجها فطلقها وفى إطار هذا الموضوع قالت الدكتورة إلهام محمد شاهين أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر بالقاهرة أن المنهج الإسلامى الحكيم المُدرِك تمامًا لحقيقة النفس الإنسانية وما يجرى فيها من عواطف وأحاسيس ، كما يعطى للزوج حق طلاق زوجته التى يكرهها ولا يطيق الحياة معها ، يعطى كما قلنا- كذلك للزوجة حق الانفصال عن زوجها الذى تكرهه ولا تطيق الحياة معه. فللزوجة أن تتخلصَ من رِباط الزوجية وتعَوض الزوج عما أنفقه عليها من تكاليف الزواج . ويُعْرَف هذا النوع من الانفصال فى الفقه الإسلامى باسم" الخلع" . وتعريفه عند الفقهاء هو : " فراق الرجل زوجته على بدل يأخذه منها. وفى هذا الإجراء عدل وإنصاف وإعطاء كل ذى حق حقه فهى قد قطعت رباط الزوجية بلا ذنب متعمد من الزوج فيجب عليها فى مقابل ذلك أن تعوضه عما دفعه لها من مهر وعما أنفقه عليها من تكاليف الزواج. إن الزوج يضحى بالمال ولا يسترد شيئًا مما كان قد أعطاه للزوجة حين يطلقها برغبته: وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ) (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا). فينبغى كذلك أن تُعيد إليه الزوجة ما كانت أخذته منه من مهر أو بعضه إذا أرادت الطلاق برغبتها. وتتم عملية الخُلع أو المبارأة بين الزوجين برضاهما داخل بيتهما ولا يستلزم هذا الإجراء حكمًا قضائيًا ، لأن ما يمكن إتمامه بين الزوجين فى بيتهما لا داعى لإعلانه وعرضه داخل قاعات المحاكم. ولكن فى حالة عدم موافقة الزوج على الخُلع أو المبارأة. فللزوجة أن تلجأ إلى القضاء الذى من واجبه إعطاء الزوجة حقها فى الخٌلع حتى تحفظَ حدودَ الله ولا تتعداها ولا يجوز للزوج أن يُضَيِّقَ على زوجته ويضاجرها حتى تفتدى منه وتختلع. "وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ" ." وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّه" قال جمهور الفقهاء ، ومنهم الائمة الأربعة أصحاب المذاهب : إن المرأة تملك نفسها ويصبح أمرها بيدها عندما تختلع ، ولا يملك الزوج رجعة لها ؛ لأنها ضحت بالمال لتتخلص من الزوجية ، ولو كان يملك رجعتها لم يحصل للمرأة الافتداء من الزوج بما بذلته له . وحتى لو رد عليها ما أخذ منها وقبلت ليس له أن يرتجعها فى العدة ؛ لأنها قد بانت منه بنفس الخلع . ولكن يجوز له أن يتزوجها برضاها فى عدتها ، ويعقد عليها عقدًا جديدًا. وتفصيل هذه المسألة ( وغيرها من المذكورة قبلها) مبسوط فى كتب الفروع ، فعلى من أراد التوسع أن يرجع إليها. الخلع فى الجاهلية ذكر ابن دريد فى أماليه : أن عامر بن الظرب زوّج ابنته من ابن أخيه عامر ابن الحارث بن الظرب . فلما دخلت عليه نفرت منه ، فشكا إلى أبيها ، فقال : لا أجمع عليك فراق أهلك ومالك، وقد خلعتها منك بما أعطيتها. حالات للخلع حدثت فى عهد الرسول عن ابن عباس رضى الله عنه أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبى ، فقالت : يا رسول الله ، ما أعجب عليه فى خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر فى الإسلام . فقال رسول الله: " أتردين عليه حديقته ؟" قالت : نعم . قال رسول الله: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقه" وروى ابن مردويه فى تفسيره وابن ماجه بإسناد جيد عن ابن عباس : أن جميلة بنت سلول:أتت النبى فقالت : والله ما أعتب على ثابت بن قيس فى دين ولا خلق ولكننى أكره الكفر فى الإسلام لا أطيقه بغضًا . فقال النبى: " تردين عليه حديقته ، فقالت : يا رسول الله لا يجمع رأسى ورأسه شىء أبدًا إنى رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل فى عدة فإذا هو أشدهم سوادًا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهًا . فقال زوجها : يا رسول الله إنى قد أعطيتها أفض مالى حديقة لى فإن ردت على حديقتى . قال : ما تقولين ؟ قالت : نعم وإن شاء زدته . قال : ففرق بينهما. أن يأخذ ما ساق ولا يزداد وهناك حالات أخرى للخلع حدثت فى عهد الخلفاء الراشدين: روى ابن جرير أن عمر أتى بامرأة ناشز ، فأمر بها إلى بيت كثير الزبل، ثم دعا بها ، فقال: كيف وجدت ؟ فقالت : ما وجدت راحة منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التى كنت حبستنى . فقال لزوجها: اخلعها ولو من قرطها. فالإمام عمر حاول أن يتأكد من أن هذه الزوجة تكره زوجها، وعندما ثبت له ذلك فرق بينهما. كما أنه لم يحاول أن يتعرف على أسباب الكراهية ، لأنها قد تكون مما تستحي المرأة أن تذكره . أو قد تكون غير كافية لإقناع السامع ، ولكنها كافية لتنغيص حياة من يحياها ليل نهار. وهناك حالة خلع حدثت فى عهد عثمان بن عفان ، قالت صاحبتها الربيع بنت معوذ بن عفراء : كان لى زوج يقل على الخير إذا حضرنى، ويحرمنى إذا غاب عنى فكانت منى زلة يومًا فقلت : أختلع منك بكل شيء أملكه. قال : نعم . قالت : ففعلت . فخاصم عمى معاذ بين عفراء إلى عثمان بن عفان فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسى فما دونه . أو قلت : مادون عقاص الرأس حقوق الزوجة مبينا أن قانون الخلع الذي أعطى للمرأة حق إنهاء الحياة الزوجية بإرادتها مشروع منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ووردت فيه آيات قرآنية وأحاديث صحيحة تبيح للمرأة استخدام هذا الحق عند استحالة العشرة الزوجية. وأنه حق كفلته الشريعة الإسلامية للمرأة كما كفلت للرجل حق الطلاق. واستشهدت الدكتورة الهام شاهين على مشروعية قانون الخلع بقول الله تبارك وتعالى: »فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به« ومن السنة النبوية الشريفة وتسترشد الدكتورة الهام بحديث امرأة ثابت بن قيس التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أنى أخاف الكفر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم فقال صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقه معتبرا أن الآية الكريمة والحديث الشريف يؤكدان أن الخلع هو أحد الحلول الشرعية القانونية للمشكلات الزوجية خصوصا إذا استحالت العشرة بين الزوجين، فهو يعد أحد حقوق الزوجة في الإسلام حيث يحفظ كرامة المرأة. فيتاح لها اللجوء للقضاء لخلع زوجها إذا استحالت العشرة بينهما. وأشارت :أن الأسلام اهتم بالأسرة وبناها على أسس متينة تكفل بقاءها إلى انتهاء الأجل. إلا أنه يحدث من الناحية العملية بعض الشقاق بين الزوجين. وقد يتبلور الأمر وتصبح الحياة بينهما مستحيلة. وهنا شرع الإسلام أسلوبا لإنهاء هذه العشرة يحفظ كرامة الرجل والمرأة على حد سواء. فإذا كان المتضرر من هذه الحياة هو الرجل فشرع له الطلاق حتى يبحث عن مصلحته. وتبحث المرأة عن مصلحتها، فقال تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته". بمعنى إذا تفرق الزوجان فالله سبحانه وتعالى يغنى كل واحد منهما من فضله. وفى حالة إنهاء الزواج بالطلاق يتحمل الزوج كل نفقات الزواج وأعباء إنهاء الحياة الزوجية. أما إذا كان المتضرر من هذه الحياة المرأة فقد شرع لها الإسلام الخلع حيث تلتزم المرأة في هذه الحالة بتكاليف الزواج والنفقات التي أنفقها الزوج على هذه الأسرة، ومن ثم فالمرأة ترد عليه مهره وما تحمله في سبيل ذلك، وأيضا عندما يفترق الزوجان بهذا الأسلوب يغنى الله كلا من سعته مؤكدة أن تهاون المرأة واستهانتها باتخاذ أتفه الأسباب ذريعة لطلب الخلع دل على شىء فإنه يدل على جهل بالدين وبالحق الذى منحه لها الإسلام فى طلب الخلع. فالإسلام حين شرع الخلع جعله عندما تستحيل العشرة وينعدم الوفاق بين الزوجين لكره شديد تكنه الزوجة فى نفسها تجاه الزوج لعيب فى خلقه أو لشىء جلل فى نفسها لا تريد أن تبديه، مشيرة إلى أن من غير ضرورة محرم. وتقول د. إلهام: إذا وقع الخلع بناء على أسباب واهية من قبل المرأة كتلك التى نراها ونسمعها فى أيامنا هذه فإن صحيح ولكن الحرمة واقعة على المرأة وحدها ومن ثم يجب على النساء أن يحذرن من الظلم وأن يتجنبن الحرمة التى تقع عليهن إن طلبن بدون أسباب حقيقية وبدون أن تستنفذ كل السبل للإبقاء على حياتها الزوجية وصلاحها. العلاج الطبى وأضافت: قرأت قصة طريفة لإحدى الزوجات التي تحب زوجها رغم صوت شخيره حيث سجلت صوت الشخير وتعاملت معه كأجمل موسيقى تشجع على الاسترخاء، وأكثرت من الاستماع إلى التسجيل في مختلف الأوقات حتى أصبح صوتاً معتاداً لديها بعد فشل محاولات العلاج الطبي. وفي هذه الحالة تكون الزوجة مثابة شرعاً عند الله على صبرها ومحافظتها على أسرتها من الانهيار.وأدعو الزوجات والأزواج إلى التفكير بمثل هذا الحل لأن الطلاق رغم أنه حلال شرعاً. إلا أنه من السلوكيات التي لا يشجع عليها الإسلام فقد جاء في السنة النبوية أن رجلاً تزوج امرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فطلقها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: طلقتها؟ قال: نعم. قال: من بأسٍ؟ قال: لا يا رسول الله. ثم تزوَّج أخرى ثم طلقها، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: طلقتها؟ قال: نعم. قال: من بأسٍ؟ قال: لا يا رسول الله. ثم تزوَّج أخرى ثم طلقها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقتها؟ قال: نعم. قال: من بأسٍ؟ قال: لا يا رسول الله، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في الثالثة: إن الله لا يحب كل ذواق من الرجال ولا كل ذواقة من النساء).