هذا الرجل ظاهرة عالمية نادرة فرغم بلوغه ال73 من عمره الإأنه قضى أكثر من 45 عامًا يدرس بكلية الطب ولم يحصل على شهادة التخرج حتى الان ولم يتزوج حيث يؤجل كل حياته حتى حصوله على بكالوريوس الطب .. فتحي مصطفي رجل غير عادي وتحمل حياته تجربة خاصة تستحق أن نسلط الضوء عليها. في البداية سألته عن حياته الشخصية وسبب تأخره في كلية الطب؟ أنا اسمي فتحي مصطفي عبده عمري 73 عامًا ولدت في محافظة الغربية مركز قطور وكنت اساعد والدي في الحقل في الاجازات الصيفية وكنت أذهب إلي المشايخ واستمع إلي دروسهم .. وفي المدرسة الثانوية كان معي مفتاح مكتبة المدرسة لأقضى بها الساعات ودخلت كلية الطب عام 64 بعد أن عدت الثانوية العامة ثلاث مرات حتي أحصل على مجموع الكلية التي كانت تأخذ من 67% .. وبعدها أصبت بحالة فقدان للذاكرة وبعد سنوات شفاني الله وعدت الي الكلية وأصبحت أدخل الامتحانات مادة مادة وما لا ادخله أقدم فيه شهادة مرضية حتي قضيت بها حتي الان حوالي 45 عامًا واخذت عهد على نفسى بألا ازور قبر امى قبل أن احصل على البكالوريوس. ألم تفصلك الكلية بعد كل تلك السنوات من التعليم؟ أجاب مبتسماً لا يستطيع أحد أن يفصلنى من الكلية لأن نصف مواد البكالوريوس انتهيت منها فأنا الآن في السنة النهائية وسوف اتخرج إن شاء الله وفي المواد التي دخلت الامتحانات فيها حصلت على أعلي الدرجات ولست فاشلا كما يتصور البعض والدليل على ذلك أن الكلية عرضت على أن أدخل الامتحانات واسلم الورقة بيضاء وسوف أنجح واحصل على البكالوريوس الإ انني رفضت. لماذا كل هذا الاصرار على استكمال دراسة الطب؟ تعلقت بهذه الكلية واهتميت بها جدًا بسبب كوني رياضي أهتم بالصحة وأحافظ عليها فأنا بطل كمال أجسام ومدرب ناجح حصلت على العديد من البطولات كما أن هناك حادثًا مؤلمًا حدث لي وهو أن لي شقيقتين توفيتا لعدم قدرتنا علي توفير العلاج لهما فلذلك قررت أن أتعلم الطب حتى أساعد الناس. ألم تشعر بالضيق عندما تجلس في المحاضرات بين طلبة في عمر أولادك؟ أبدًا على الإطلاق فأنا عندما أجلس معهم أشعر بأنني مازلت شابًا فهم يحترموني ويعاملوني معاملة حسنة، فمعظم طلاب الطب على مستوى الجمهورية يعرفونني جيدًا ويأتون إلي من أجل الاستفادة مني أو اكتساب بعض الخبرات فأنا قرأت العديد من الكتب في الطب وقرات أيضًا أبحاث الذين حصلوا على جائزة نوبل في الطب والفيزياء والفلك. ما هي تجربتك في حرب 1967؟ كانت الكتيبة التي أعمل بها في الجيش محاصرة بالطيران، وكانت ستدك بالكامل لولا قيامي بالذهاب إلى مخازن الأسلحة وحملت صناديق الذخيرة على كتفي وقطعت مسافات طويلة جدًا وكذلك أحضرت زجاجات المياه بعد أن مات بعض الجنود بسبب العطش وشاركت في دفن معظمهم . ما أهم البطولات الرياضية التي حصلت عليها؟ حصلت على أكثر من 54 بطولة رياضية آخر بطولة منذ أسبوع وهي بطولة جامعة القاهرة في كمال الأجسام كما أنني حصلت على بطولة الجمهورية عام 1969 في كمال الأجسام على مسرح طنطا وكذلك بطولة كمال الأجسام على مستوى جامعات مصر عام 1978 وأنا أرى أن رياضة بناء الأجسام لابد أن يسبقها بناء العقول وبناء الأخلاق وعندي من كتب الطب ما يجعلني أنظر إلى اللعبة ربما تتاح لي الفرصة أن أعمل ثورة رياضية حقيقية لتخلع عن مصر الكسل والضعف وأنا سنى 73 سنة ونشاطى الرياضى لا يحلم به شخص عنده 20 سنة ولو وضعت ظروفي الصحية بجوار بطولاتي أمام لجنة حكماء وأطباء لتفوقت على كل حاملي نوبل. هل هناك فرقًا بين دراسة الطب قديمًا وحاليًا؟ بالتأكيد هناك فرق حيث أن دراسة الطب قديمًا كانت تعتمد على بعض العلوم الثابتة التي لا تتغير على عكس اليوم حيث نجد أن الطب يتطور وكل يوم تظهر اكتشافات جديدة فخريج الطب يحتاج للعديد من الأبحاث والدراسات حتى يؤهل ويطور من نفسه. كيف تقضي يومك بالمدينة الجامعية؟ أستيقظ مبكرًا حوالي الساعة السادسة صباحًا ثم أصلي وأتدرب لمدة ساعتين لياقة بدنية ورفع أثقال بعدها أقرأ 3 جرائد ثم أذهب لتناول وجبة الغذاء وبعدها أقرأ من الكتب ما لا يقل عن عشر ساعات يوميًا فأنا لدي العديد من الكتب القديمة والحديثة وبعد كل ذلك أذهب في نوم عميق. لماذا أصبحت مصر في موقع متأخر رياضيًا؟ أجاب بنبرة حزن .. من المؤسف ما نجد عليه مصر الآن في البطولات الرياضية فالمسئولين في مصر لا يهتمون إلا بكرة القدم وكأنها الرياضة الوحيدة في العالم، فمعظم الرياضات الأخرى لا تنال اهتمام الدولة على عكس دول الغرب الذين يوفرون معظم الطاقات والإمكانيات من أجل تطوير وتحسين باقي الألعاب الرياضية مثل الملاكمة وكمال الأجسام. من هم أشهر أصدقائك؟ كانت لي علاقة طيبة مع المرحوم حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق وكنت أجلس معه في اليوم ما يزيد عن 3 ساعات وعند قيام حرب أكتوبر ذهبت إليه وقدمت له طلب رسمي من أجل أن أشارك في الحرب إلا أنه رفض بسبب البطولات القتالية التي قمت بها في حرب 1967 وكذلك فعلاقتي طيبة بالدكتور أحمد زويل فأنا أعرفه قبل أن يحصل على جائزة نوبل وكنت أحضر ندواته العلمية باستمرار ولي أيضًا صديق عزيز على قلبي وهو الدكتور فؤاد النواوي وزير الصحة الأسبق فقد كان زميلي في كلية الطب وأتردد عليه باستمرار في منزله بالسيدة زينب، وأعرف أيضًا الدكتور أمير مبارك ابن عم الرئيس السابق حسني مبارك وكنت عندما أجلس معه أقدم له بعض النصائح الطبية وتدريبات اللياقة البدنية حتى يخبر بها الرئيس السابق ولكن مبارك كان لا يستمع إلى أحد، وتربطني علاقة مودة وحب مع بعض الرياضيين مثل الكابتن عبد الحميد الجندي الذي حصل على بطولة كأس العالم في كمال الأجسام عام 1959 وكذلك الكابتن محمد علي كلاي بطل العالم في الملاكمة وأيضًا محمد زقزوق ومحمد المكاوي كما أن عبد المنعم ابو الفتوح يعتبر من تلاميذى هو والشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل. لماذا لم تتزوج حتى الآن؟ عرض علي صديقي الطبيب العالمي أحمد شفيق أن يزوجني ويتكفل بمصاريف زواجي لكنني رفضت وأجلت الزواج حتى التخرج والحصول على البكالوريوس وأحقق لمصر رقمًا قياسيًا في بطولة كمال الأجسام وأنا أيضًا لست نادمًا على عدم الزواج بسبب انشغالي بالدراسة والبطولات الرياضية وكذلك ظروفي المادية الصعبة. إيه رأيك في ثورة 25 يناير وإسقاطها لنظام مبارك؟ من المؤكد أن نظام مبارك عاث في الأرض فسادًا وازداد معه الفقر والجهل وقد عانى معظم الشعب من هذا النظام الفاسد الذي جعل مصر في مكانة متأخرة علميًا وثقافيًا ورياضيًا لذلك قامت الثورة من أجل إسقاط هذا النظام المستبد فلتحيا ثورة 25 يناير. وفي نهاية حوارنا مع فتحي مصطفى قال لنا بأن لديه أسرار في غاية الخطورة عن حرب 1967 ويريد أن يخبر بها المسئولين ولا يتحدث عنها إلى أي شخص.