** لم يمتد العمر بالقارئ الشيخ حمدي الزامل طويلاً. فقد فاضت روحه إلي بارئها عن عمر يناهز - 53 عاماً - خلال النصف الأول من عام 1982 بعد رحلة ثرية في رحاب القرآن الكريم بدأها بنهاية الثلاثينيات إبان تلك الفترة التي التحق خلالها بالمعهد الأزهري بالزقازيق. وفي هذا المعهد انفجرت موهبته القرآنية مدوية تشق سكون المكان في الصباح الباكر. فإذا بالطلاب وهيئة التدريس معاً في حالة انبهار يستمعون إليه وكأن علي رءوسهم الطير. ولذا كان طبيعياً أن يتعهده شيخ المعهد برعايته حتي ذاع صيت الشيخ الزامل وانتشر بامتداد محافظة الدقهلية وبدأ يشارك كبار القراء في إحياء الليالي منذ منتصف الأربعينيات وهو لم يزل بعد في السادسة عشرة من عمره. - وفي عام 1963 سمعه الشيخ مصطفي إسماعيل في مأتم أحد كبار الأعيان بالمنصورة واثني عليه كثيراً. باعتباره موهبة قرآنية لا تخطئها الأذان. ولذا كان طبيعيا أن يتفوق الشيخ الزامل علي مشاهير القراء في الوجه البحري وقتذاك وفي الثالث من فبراير عام 1975 رحلت عنا كوكب الشرق أم كلثوم وكان هذا اليوم نقطة تحول في مسيرة الشيخ حمدي الزامل القرآنية فقد تمت دعوته للقراءة في مأتم أم كلثوم وعندما صعد إلي دكة التلاوة وسط كبار القراء لم يرهبه الموقف. وإذا بالإعجاز القرآني يتجلي من خلال صوته الساحر المهيب. وكم انبهر الموسيقار محمد عبدالوهاب بشخصيته القرآنية وحثه علي التقدم فوراً للإذاعة وبالفعل تم اعتماده بالاذاعة والتليفزيون معا في عام 1976 وصافح صوته أذان المستمعين عبر الأثير بامتداد العالم الإسلامي كله قبل أن يلقي وجه ربه بعد ست سنوات فقط من اعتماده بالاذاعة. ** ولد الشيخ حمدي محمود الزامل بقرية منية محلة دمنة التابعة لمركز محلة دمنة بمحافظة الدقهلية يوم الثاني والعشرين من ديسمبر عام 1929 وعاش جل عمره نموذجا يحتذي لحامل كتاب الله العظيم. يعطف علي الفقير ويصل الرحم ويعرف حقوق الجار ويحرص علي التقرب من معارفه ويتقي الله في كل صغيرة وكبيرة.. يتخلق بخلق القرآن ويعمل بتعاليمه ويفيض بما أفاض الله عليه من خير القرآن. وإذا ما شرع في التلاوة يحرص علي الإلتزام بأحكام التلاوة ويتميز بالفهم العميق لآي الذكر الحكيم ومثله مثل قدوته ومثله الأعلي الشيخ مصطفي إسماعيل بجيد الانتقال من مقام إلي مقام بتمكن واقتدار بصوته الرخيم علي الرغم انه لم يدرس الموسيقي. فإذا به يقترب من أستاذه ولكن الموت لم يمهله بعد أن حاصره مرض السكر وتمكن منه ورحل عنا منذ ثمانية وعشرين عاما ولم يتبق من القارئ العبقري سوي قليل من تسجيلاته. وأرملة تحاصرها الأمراض وتعجز عن توفير ثمن الدواء..؟!! ** آخر الكلام : هزتني للغاية استغاثة السيدة بدرية علي السيد بدوي التي نشرتها الزميلة "المساء" يوم السابع من ديسمبر الجاري. والتي تناشد فيها المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون لإعادة المعاش الضئيل الذي قطعته نقابة العاملين بالاذاعة عنها منذ العام الماضي نظرا لشدة احتياجها لهذا المعاش في توفير ثمن الأدوية التي تحتاجها شهريا وكم تألمت لحالها. فأنا أعلم أن الشيخ حمدي الزامل - رحمه الله - لم يسافر خارج مصر سوي مرة واحدة لأداء فريضة الحج بالسعودية. ولم يشارك بعثات وزارة الأوقاف لإحياء ليالي رمضان في البلدان الإسلامية. ولم يترك لأسرته وزوجته شيئا يستندون عليه في مواجهة الزمن الردئ. - وإذا كنت أناشد السميعة من محبي ومريدي الشيخ الزامل - بصفة شخصية - بإمدادي بشيء من تسجيلاته الحية. فإني أناشد نقابة قراء القرآن الكريم وعلي رأسها الشيخ أبوالعينين شعيشع ونائبه الشيخ محمد محمود الطبلاوي وأمين الصندوق الشيخ حلمي الجمل التدخل فوراً لتحمل نفقات العلاج الشهري لأرملة الشيخ الزامل تقديرا لعظيم عطاء القارئ العبقري في خدمة القرآن الكريم.