يدور الصراع العربي الاسرائيلي علي عدة محاور عسكرية وسياسية ودبلوماسية وإعلامية أيضا وهي في هذا المجال الأخير لا تتواني اسرائيل عن توظيف الأدوات الاعلامية لتشويه الحقائق بل لقلبها والعمل علي جعل ما تدعيه هي الحقائق بعينها وقد بدا ذلك واضحا في كتابات عدد كبير من الصحفيين الاسرائيليين. فقد أعلن آري شافيت في مقاله في صحيفة ها آرتس في 7 أكتوبر الجاري ان الرئيس الأمريكي جورج بوش وفي رسالته الموجهة في شهر ابريل 2004 الي رئيس الوزراء أرييل شارون قد وعد بأن "كتل المستوطنات ستبقي بيد الاسرائيليين وبأن اللاجئين الفلسطينيين لن يعودوا إلي اسرائيل. وقد تبين بعد ذلك ان هذا كان تلفيقا ليس إلا لأن بوش وفي رسالته الموجهة إلي شارون قد وعد بأن هذه هي المطالب الاسرائيلية التي ستدعمها الإدارة الأمريكية فقط في حال إحراز تقدم في المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. كما أشار في رسالته إلي انه يجب التفاوض علي هذه المطالب مع الفلسطينيين وانه لا يمكن أن تفرضها اسرائيل أو الولاياتالمتحدة. ولتأكيد معني بوش ونفي أباطيل الصحافة الاسرائيلية أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزارايس في 8 فبراير 2006 عقب لقائها وزيرة الخارجية الاسرائيلية حينها تسيبي ليفني انه يجب ألا يحاول أحد وبشكل أحادي تحديد نتيجة اتفاق الوضع النهائي. كما أكدت ان رسالة بوش الموجهة الي شارون والتي تظهر الحاجة إلي الأخذ في الاعتبار "مراكز السكان الجديدة" في الضفة الغربية لا تمنح تفويضا لأي شخص كان لتنفيذ هذا الأمر بشكل وقائي أو مخطط له سلفا لأن هذه المسائل مطروحة في إطار المفاوضات علي الوضعية النهائية. ولم يكن الصحافيون الاسرائيليون هم الوحيدون الذين تلاعبوا بتاريخ هذا النزاع وانما الزعماء الاسرائيليون أيضا. فقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنانياهو في 6 أكتوبر الماضي وفي إطار زيارته لمدينة اللد ان الفلسطينيين انتظروا تسعة أشهر وأكثر من أصل عشرة لوضع شرط مسبق من دون تأخير علي رغم انهم لم يلتزموا بأي شروط مسبقة وبالطبع كان هذا القول من نتنياهو محض كذب وافتراء فلا يعتبر اصرار الجانب الفلسطيني علي أن تشكل الاتفاقيات القائمة والموقعة من قبل الاسرائيليين والفلسطينيين نقطة انطلاق المفاوضات التي كانت دائرة وقتئذ شرطا بل يعتبر اصرار اسرائيل علي أن يتم تجاهل هذه الاتفاقيات شرطا وبالتالي فإن اسرائيل هي التي تفرض شروطا علي المفاوضات وليس الفلسطينيين. وعلي هذا الدرب فقد روج نتانياهو وحزب الليكود لشعار مفاده ان الفلسطينيين يأخذون ويأخذون في الوقت الذي تقدم اسرائيل العديد من التنازلات التي لا يتم الاعتراف بها. وأصبح هذا الشعار اسطورة متجذرة في خطاب اسرائيل الوطني. أما الحقيقة فهي علي عكس ذلك تماما لقد قدم الفلسطينيون تنازلات لا سابق لها الي اسرائيل. وقد وافقت منظمة التحرير الفلسطينية رسميا عام 1988 علي الاعتراف بشرعية السيادة الاسرائيلية ضمن حدود هدنة عام 1967 وهي منطقة تضم نصف الأراضي التي تم الاعتراف بها كإرث شرعي للفلسطينيين العرب وذلك بموجب خطة التقسيم التي وضعتها الأممالمتحدة وأدي هذا الأمر الي تقليص الأراضي الفلسطينية من 43 الي 22 في المائة في الوقت الذي توسعت الأراضي الاسرائيلية من 56 الي 78 في المائة. ورغم ان الأمر لا يعدم وجود بعض المنصفين والباحثين عن الحقيقة بالاعلام الاسرائيلي فقد بثت القناة الاسرائيلية العاشرة منذ أيام شريط فيديو لرئيس الوزراء الاسرائيلي بينامين نتنياهو يعود لعام 2001 وهو يتحدث لأسرة اسرائيلية في مستوطنة "عوفرا" دون علمه بأن آلة التصوير كانت تعمل قال فيه انه هو من دمر اتفاق أوسلو وانه يحرك أمريكا كما يشاء واعتبر نتنياهو في حديثه بحسب ما نقلته شبكة "سي.ان.ان" الإخبارية الأمريكية ان 80% من الأمريكيين يؤيدون اسرائيل وانه يمكنه تحريكها كيفما يشاء وعرضت القناة الاسرائيلية هذا الفيديو الذي يعود تصويره لعام 2001 خلال برنامج هذا الأسبوع مع ميكي روزنتال تحت عنوان "الوجه المخادع لنتنياهو" وقد كتب الصحفي الاسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة ها آرتس الاسرائيلية تعليقا علي الفيديو في مقال تحت عنوان "بيبي المحتال" يقول: هذا الفيديو يجب أن يعرض في كل منزل في اسرائيل ثم يرسل الي واشنطن ورام الله ويجب أن يحظر علي الأطفال مشاهدته حتي لا يتعلموا الفساد وينبغي أن يوزع علي كل الدول وعلي كل شخص من أجل أن يعرف من يقود حكومة اسرائيل. وقال ليفي: لاشك ان الرئيس الأمريكي باراك أوباما والاسرائيلي شيمون بيريز اللذين يواصلان الحديث عن ان نتنياهو سيتوصل للسلام. سيغيران من كلامهما لو شاهدا هذا الشريط.