محافظ شمال سيناء: 1228 مركب صيد تنطلق في بحيرة البردويل    العدوان مستمر.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على وسط قطاع غزة    مراسل القاهرة الإخبارية: التصعيد بين حزب الله وإسرائيل مستمر وسط حراك لوقف إطلاق النار    كم نقطة تفصل ريال مدريد عن التتويج بالدوري الإسباني؟    وزارة الرياضة تستقبل الوفود المشاركة بملتقى الشباب الدولي للذكاء الإصطناعي    مصرع شخص في حادث انقلاب سيارة نقل بالفيوم    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    أول رد من مها الصغير بعد شائعة طلاقها من أحمد السقا : بطلوا تعملوا ترندات على حساب الحياة الشخصية للناس    عبارات تهنئة يمكن استخدامها في موسم شم النسيم 2024    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    توريد 29 ألف طن قمح إلى مراكز التجميع في البحيرة    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة غدًا    الزمالك يفاوض ثنائي جنوب أفريقيا رغم إيقاف القيد    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    صندوق النقد الدولي: تدفقات نقدية بنحو 600 مليون دولار لمصر من الطروحات الحكومية في الربع الأخير من 2023-2024    الدكتور خالد عامر نقيباً لأطباء أسنان الشرقية    ال دارك ويب أداة قتل طفل شبرا الخيمة.. أكبر سوق إجرامي يستهدف المراهقين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للجامعات.. تفاصيل    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    تعليق سلوى محمد علي بعد جلستها المثيرة للجدل في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    «حياة كريمة» تنظم قافلة طبية وبيطرية بقرية نبتيت في الشرقية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بدء أعمال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    وزير الري يشارك فى فعاليات "مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه"    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عربية - ليس دفاعاً عن "صلاح الدين"
نشر في الجمهورية يوم 18 - 11 - 2010

كتب التاريخ بها أخطاء كثيرة. فصلاح الدين الأيوبي مش بطل الأبطال. وردت هذه الكلمات هكذا علي لسان الدكتور يوسف زيدان الذي وصفته صحيفة "المصري اليوم" التي نشرت كلماته. في التاسع من نوفمبر الحالي بأنه "الروائي" وأشارت إلي أنه قال ذلك في الندوة الأولي لناد يسمي "إنروبل كليوباترا" في مدينة الإسكندرية. وعلي الرغم من أن كلمات الدكتور زيدان التي أوردتها الصحيفة.
سبقها قوله: "علي أي دولة تبحث عن التقدم أن تهتم بماضيها" كما أنه شدَّد "علي أهمية القراءة التحليلية للتاريخ والعمل علي الحفاظ عليه" والمقدمات كما هو واضح صحيحة. ولكن ما بناه صاحب هذه الكلمات علي هذه المقدمات من أن "صلاح الدين الأيوبي مش بطل الأبطال" بدا لي قلقاً ومبتوراً. ومثير للتساؤل. وهل خلا التاريخ من جميع الأخطاء ولم يبق إلا تصحيح أن "صلاح الدين ليس بطل الأبطال". وإذا لم يكن الرجل هكذا فهل هو "بطل" فقط. أو أنه لم يكن بطلاً علي الإطلاق؟ لا أخفي أن هذا الاستنتاج استوقفني. واستدعي إلي الذهن تساؤلات مختلفة. مما دفعني إلي طرح الموضوع علي عدد من الأصدقاء المهتمين بالتاريخ. وتاريخ "حروب الفرنجة" خاصة وممن لهم اهتمام قراءة أو كتابة بصلاح الدين الأيوبي. ولم أجد عند كثير منهم ما يفيد في جلاء ما رأيته غامضاً فيما ورد علي لسان الدكتور زيدان أو فيما نسب إليه ولكن صديقاً فتح لي باباً واسعاً. وتذكر وذكر أن الدكتور يوسف زيدان نفسه تطرق من قبل في مقال نشرته "المصري اليوم" أيضاً إلي صلاح الدين الأيوبي. ثم ساعدني في الوصول إلي هذا المقال المنشور في 22 سبتمبر الماضي بعنوان "الناصر أحمد مظهر". ضمن سباعية لها عنوان أساسي هو "أوهام المصريين" أي أن الناصر أحد هذه الأوهام. سواء قرأت هذا الناصر علي أنه أحمد مظهر أو صلاح الدين نفسه. أو حتي "صلاح الدين عصري" أي جمال عبدالناصر. ومن المعروف أن الفنان القدير أحمد مظهر قام بتمثيل دور صلاح الدين في الفيلم السينمائي الشهير "الناصر صلاح الدين". الذي أخرجه العبقري يوسف شاهين. وقد ذكر الدكتور يوسف زيدان أنه قيل له همساً حسب تعبيره أن شاهين كان يكره ذكره. أي ذكر اسم الفيلم. أو ربما اسم صلاح الدين أو الناصر.
قرأت المقال. بل أعدت قراءته ثلاث مرات. فوجدت فيه خلطاً كثيراً. واستخفافاً لا يليق بكاتبه ولا بموضوعه الذي اهتم به عدد كبير من كبار المؤرخين العرب والمسلمين وغيرهم سواء في الماضي أو في الحاضر. وتناولوه بما يستحقه من عمق وأستاذية هما عماد من يتصدي لأحداث التاريخ ووقائعه وأبطاله.
ومن المعروف أن الدكتور يوسف زيدان لمع اسمه في السنوات الأخيرة في حياتنا الثقافية والفكرية منذ أن أصدر رواية اسمها "عزازيل" أثارت وما تزال أصداء واسعة في الداخل وفي الخارج. بحيث كاد يعرف بها فقط في دوائر غير المتخصصين مع أنه صاحب أعمال سابقة وفيرة تأليفاً وتحقيقاً للمخطوطات التي يشرف علي مركز لها في إطار مكتبة الإسكندرية.
ونقف هنا واليوم خاصة عند حديث الدكتور ذلك النادي الذي اسمه "انترويل" ومقاله عن "الناصر أحمد مظهر". ومن الواضح أن ما قيل في هذا النادي ليس بعيداً عما كتبه الدكتور يوسف زيدان من قبل. مما يشفع لسؤال مثل: هل أخذ علي عاتقه أن يوضح لنا حقيقة صلاح الدين الأيوبي ويكشف غشاوة رانت علي أذهاننا وعقولنا فحسبناه بطلاً. وهو لم يكن كذلك؟. رسالة لا بأس بها إذا كانت تستحق. وإذا كانت تفيدنا في التخلص من "أوهام" تاريخية تقيد حركتنا عن العمل والانطلاق إلي المستقبل. ومن الجدير بالذكر هنا أن الدكتور زيدان قدم لسباعيته "أي سبع مقالات" عن أوهام المصريين بتبيان مقصوده. فقال: "الوهم هو الاعتقاد الخيالي في أمر ما. والتصديق به. ومن دون أن يكون له إثبات في الواقع الفعلي..". ثم أضاف "وهناك لفظة مهذبة تطلق علي مثل هذه الاعتقادات الوهمية هي كلمة "الأساطير" التي أشار إليها القرآن الكريم. وجعلها مرتبطة بالأولين. والمراد من التعبير القراني "أساطير الأولين" هو الأوهام المسيطرة علي عقول الناس مع أنها ليست حقيقية" "المصري اليوم. في 15 سبتمبر الماضي".
وقد بدأ الدكتور يوسف زيدان حديث الأوهام هذا ب "المخلص الذي لا يخلص". وختمه بقوله الذي يفصح عن حقيقة هدفه من هذه المقالات. وهو: "في المقالة القادمة. التي ستكون بعنوان مُفصح عن محتواها "الناصر أحمد مظهر" سوف استعرض بعض "الحيل" التي خيلت للناس أن المخلص آت لا محالة. وكرَّست في وعينا العام وهماً عميقاً يدعونا إلي الصبر علي المعاناة وانتظار المخلص. بدلا من العمل لتخليص أنفسنا".. وفي مقال "الناصر أحمد مظهر" يعود الدكتور يوسف زيدان ليؤكد أنه "يختلف عن الناصر صلاح الدين. الذي تختلف حقيقته التاريخية عن صورته "السينمائية" التي في أذهاننا. والتي تختلف بدورها عن صورة الرئيس عبدالناصر بكل ما فيه من فضائل ومثالب. لنقول إن وهم "المخلص الذي لا يخلص كان وهماً يتم توجيهه تلاعباً بالعقول وتضييعاً لعقل هذه الأمة".
ومن يدقِّق جيداً في هذا المقال. ويجرده من الهواجس ومن قضايا عدة تطرق إليها الكاتب. نجد أن الحديث الذي ينصب بشكل مباشر علي الناصر صلاح الدين الأيوبي لا يتجاوز ربع عدد كلمات المقال وربما أقل. وهذا "الربع مقال" هو ما يعنينا في التدقيق والتحقيق حول الناصر أحمد مظهر الذي يري الدكتور يوسف زيدان أنه ألحق هذا الفيلم بالوعي المصري والعربي العام "الخسارة الكبري" بسبب "مخيالية الفيلم" ومخايلاته وأكاذيبه الكثيرة فما هي تحديداً هذه الأكاذيب؟. إذا نحينا جانباً حديث الدكتور زيدان عن "أكذوبة عيسي العوام" فإن "الأكاذيب الكثيرة" التي يتحدث عنها الدكتور زيدان تتحدد في أكذوبتين يمكن تلخيصهما فيما يلي وبكلمات الدكتور زيدان نصاً مع حذف الاستطراد.
أولاً: لم يكن "صلاح الدين" هو ذلك "البطل" الذي تم الترويج له في زمن حكم العسكر. لأنه كان مثلهم عسكرياً. فالتاريخ يخبرنا بحقائق مغايرة لما عرفناه من فيلم "الناصر". منها أن صلاح الدين الأيوبي كان قائداً خائناً للسلطان نورالدين الذي أرسله علي رأس الجيش من دمشق إلي مصر لتأمين حدودها ضد هجمات الصليبيين. فترك الأمر ومهَّد لنفسه السلطة لأقاربه وترك المهمة التي جاء من أجها.
ثانياً: بعد مناورات كثيرة ومداورات اضطر صلاح الدين الأيوبي إلي اقتحام القدس. ولم يفلح في انتزاعها من قبضة الصليبيين إلا صلحاً.. ثم أعادها الأيوبيون ثانية إلي الصليبيين. كهدية سنة .628
وهذان الاتهامان علي النحو الذي ساقه الدكتور يوسف زيدان فيهما معاً وفي كل منهما علي حدة تبسيط كثير. بل وفيهما خروج علي "وقائع تاريخية" معروفة ومحددة. بل ومعترف بها من أعداء صلاح الدين الأيوبي قبل أصدقائه. قديماً وحديثاً. سواء من تناول منهم "تاريخ صلاح الدين" أو "أسطورة صلاح الدين". الذي تعرض ككل بطل تاريخي لكثير من الأقوال. حياً وميتاً ودعنا من الكلام غير الدقيق عن "العسكر" و"حكم العسكر" وهل عسكر أمس مثل عسكر اليوم. ولنسأل هل كان صلاح الدين "عسكرياً" أو كان قائداً سياسياً من طراز فريد؟
إن ما ساقه الدكتور يوسف زيدان بشأن "بطل حطين" و"محرر القدس" طبقاً لوصف المؤرخين له وطبقاً لكتب كثيرة حملت هذين الوضعين عنواناً لها هو موضع دراسات علمية موثقة عديدة. لعل من أكثرها مباشرة وأدقها علمياً كتاب الأستاذ الدكتور محمد مؤنس عوض أستاذ تاريخ العصور الوسطي بكلية الآداب في جامعة عين شمس عن "صلاح الدين الأيوبي بين التاريخ والأسطورة" الصادر في القاهرة في 2008 والدراسة العميقة التي كتبها الأستاذان هادبة دجاني شكيل وبرهان الدجاني بعنوان "صلاح الدين بين التاريخ والملحمة والأسطورة". وهي فصل من مجلد ضخم حرره الأستاذان معاً وصدر في بيروت في 1994 بعنوان "الصراع الإسلامي الفرنجي علي فلسطين في القرون الوسطي" بالإضافة إلي كتاب الأستاذ الدكتور شاكر مصطفي بعنوان "صلاح الدين الفارسي المجاهد والملك الزاهد المفتري عليه" الصادر في دمشق في 2003. وكان هذا الكتاب رداً مباشراً علي كتاب الأستاذ حسن الأمين "صلاح الدين بين العباسيين والفاطميين والصليبيين" الصادر في بيروت في 1995. والذي تناول موضوعه بكل أسف من وجهة نظر شيعية!!. وهي وجهة نظر تجد بكل أسف مرة أخري من يرددها هنا واليوم.
وليس لدي المرء أدني شك أن هذا كله. وربما أكثر منه. لا يخفي علي الدكتور يوسف زيدان بما له من باع في دراسة المخطوطات وتحقيقها والحفاظ عليها.. ولعل هذا يجعل ما كتبه عن صلاح الدين أهم من أن يهمل. بمعني أن اتهاماته ضد صلاح الدين لو صدرت من غيره لما استحقت الرد ولما استوجبت عناء التوقف أمامها. فما كتبه وذهب إليه يردده آخرون ويسطرونه هنا وهناك. ولكن كلامهم يذهب دون صدي وربما دون أثر وبالطبع كان هذا ليس قدر الدكتور يوسف زيدان الذي أصبح موضع اهتمام كثيرين. خاصة منذ صدور روايته "عزازيل".. والغريب أن المكانة التي أحرزها أخيراً تأتي لدي العامة من القراء غير المتخصصين من رواية يتيمة وليس من عشرات الأبحاث والتحقيقات التي يفيض بها موقعه عن المخطوطات علي الشبكات العنكبوتية أو "الإنترنت" ومن هنا. فإن ما كتبه عن صلاح الدين كان يستحق ردود المؤرخين خاصة مؤرخي وأساتذة العصور الوسطي. وما أكثرهم في جامعاتنا المختلفة.. وقد تصورت أن يكون أحدهم بادر إلي ذلك. ومنذ قرأت كلمات الدكتور زيدان فيما يسمي نادي الأنرويل. رحت أقلب صحفاً مختلفة ومواقع عديدة علي الإنترنت فلم أجد شيئاً من هذا. مع أن ما كتبه الدكتور يوسف زيدان عن صلاح الدين أخطر من أن يمر في صمت ففيه ظلم كبير لبطل عظيم من ناحية. وفيه اجتراء خطير علي وقائع تاريخية. لدرجة أن الرد يسائل نفسه كيف تأتي للدكتور يوسف زيدان أن يجرِّد صلاح الدين الأيوبي من انجازه الأكبر وهو تحرير القدس الذي كان أمنية حياته كما يقول مؤرخون كبار من معاصريه منذ استقر له الأمر في مصر. وتكفي شهادة علي هذا المجد والعمل العظيم الذي حققه صلاح الدين كلمات المؤرخ الكبير ابن الأثير وكان من نقاد صلاح الدين وليس من مشايعيه وقوله: "وهذه المكرمة من فتح البيت المقدس لم يفعلها بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير صلاح الدين رحمه الله. وكفاه ذلك فخراً وشرفاً" أما الوصول إلي حد القول إن صلاح الدين "لم يفلح في انتزاعها "أي القدس" من قبضة الصليبيين إلا صلحاً" فهو تجاوز للحقيقة التاريخية التي تعلو كل اعتبار وهي "أن صلاح الدين الذي سجل التاريخ سيرته هو محرر "بيت المقدس". وهو الذي خرق حدود الخوف من الفرنج وقوتهم واجتاز حدودهم وكسر شوكتهم. وقضي علي ملك ظنوه أبدياً". وهذه ليست كلماتي بل كلمات الأستاذين هادبه وبرهاني اللذين سلفت الإشارة إليهما. واللذين تصديا أيضاً وبعمق افتقده للأسف الدكتور يوسف زيدان للعلاقة بين البطلين نورالدين محمود وصلاح الدين الأيوبي. ولم يريا فيما حدث بينهما "خيانة" كما حرراً تحريراً دقيقامسألة تولي صلاح الدين وهو أحد قادة السلطان "السني" نورالدين الوزارة لحاكم فاطمي وهو "شيعي".. وفي هذا تفصيلات كثيرة قد نعود إليها مرة أخري لنؤكد أن هناك قضايا تاريخية عديدة لا يجوز التصدي لها بتبسيط غير لائق وبعرض غير دقيق يجافي الحقيقة ويكاد يكون عدواناً علي الحق. حق الأمة والشعب في احترام رموزها. والدفاع عن عقليتهما التي مازالت روح صلاح الدين تبعث فيهم "الهمة والأمل وتذكي فيهم الحماسة.. وما زال انتصار حطين بشير النصر في الانتصار علي الهجمة المعاصرة علي أرض فلسطين" فهل يريد الدكتور يوسف زيدان أن ينزع من نفوس الناس أملاً يراودها وبشيراً تترقبه. "بدعوي أن هذا من مخيلات وأكاذيب وأوهام صنعها "العسكر"؟!.. أي عسكر يا مولانا؟.. فتح الله عليك وهداك إلي الخير. وهدانا إلي الدفاع عن صلاح الدين بل عن عقل الأمة ورموزها وأبطالها صانعي أمجادها ومستحقي ثناءها وتمجيدها. دون وهم. ودون اصطناع و تخيلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.