المخابرات الأمريكية ال "سي أي إيه" له أذرع باطشة وخشنة كثيرة تستخدمها في الاغتيالات وترتيب الانقلابات ضد الأنظمة والشخصيات السياسية المناوئة لها وتاريخها في هذا الشأن أسود ومعروف راح ضحية جرائمها في التصفيات الجسدية عشرات الآلاف من الأبرياء ولها أيضاً أدوات ناعمة وهي كثيرة وتحت أسماء براقة وجذابة وإنسانية وتنموية وخيرية طوعتها المخابرات الغربية عموماً لخدمة أغراضها الاستعمارية والامبريالية ووظفتها للقيام بمهام خطيرة جداً وأصبحت بمثابة سلاح أساسي في حروب الجيل الرابع والخامس وما يستجد من حروب وأحرزت هذه المنظمات نجاحات منقطعة النظير في الأدوار المنوطة بها وليس أدل من ذلك من دورها في التمهيد والترتيب للثورات البرتقالية في أوروبا الشرقية والإعداد لثورات واحتجاجات ما يسمي "الربيع العربي". منظمات وجمعيات ووكالات بأشكال وألوان مختلفة بأعداد هائلة تعمل في كل المجالات والتخصصات وتقوم بمهمات عديدة تغطي الكرة الأرضية بقاراتها الخمس لا تترك مكاناً أو مدينة أو قرية أو أي تجمع بشري ولو محدوداً إلا وتصل إليه. تجمع عنه كل المعلومات بالصوت والصورة والإحصائيات وكل العادات والتقاليد والعقائد والعرقيات والقوميات وتنفق ببذخ وتقدم مساعدات تحت مسميات جاذبة فتجد تجاوباً وتعاوناً سريعاً سواء من حكومات الدول النامية والفقيرة أو من الجمعيات والمؤسسات أو حتي الأفراد التي تتعامل معهم وتنهال عليها وتنساب إليها المعلومات التي تنقل "طازجة" لمراكز الأبحاث والدراسات التي تقوم بتحليلها واستنتاج النتائج وإعداد التقارير وتقدمها لحكوماتها لتبني عليها قراراتها وسياساتها تجاه تلك الدول أو تلك المنطقة. واحدة من أهم تلك الأدوات الناعمة منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أسسها اليهودي روبرت برينشتين وظل رئيسها الشرفي حتي عام 1999 وكان أحد أكبر الداعمين للكيان الصهيوني والمدافعين عن جرائمه ومن أشهر مسئوليها اليهودي الصهيوني ديفيد كيز مؤسس منتدي المنشقين ومديره وكاثلين بيراتيس عضو مجلس إدارة المنظمة وأحد مؤسسي وداعمي برنامج "حقوق الشواذ والسحاقيات والمثليين" وهو صديق وزميل برنارد لويس في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية وهو الذي اقترح علي الإدارة الأمريكية مشروع تقسيم الشرق الأوسط علي أسس عرقية ومذهبية ودينية ودخل هذا المخطط حيز التنفيذ عام 1999 وهو المشروع الذي وافق عليه حينها الكونجرس الأمريكي. المنظمة أنشئت 1978 بواسطة المخابرات الأمريكية وكانت في هذا الوقت باسم "لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكي" وكل نشاطها بالكامل كان موجهاً إلي الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية قبل تفككها وكان الاتحاد السوفيتي في هذا الوقت العدو الرئيسي للولايات المتحدة والمنظمة هي أداة المخابرات الأمريكية للتشهير بالاتحاد السوفيتي عن طريق إصدار التقارير الكاذبة والملفقة عن حقوق الإنسان والكتلة الاشتراكية عموماً. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وجهت المخابرات الأمريكية المنظمة بعد تغيير اسمها لهيومن رايتس ووتش إلي إصدار تقارير ضد الدول المعادية لها أو التي ترفض سياساتها مثل كوبا وكوريا الشمالية والصين وإيران وركزت علي الدول العربية مثل سوريا والعراق ومصر وليبيا والجزائر والسودان واليمن في إطار التجهيز لتنفيذ مخطط الفوضي الخلاقة وإعادة تقسيم وتجزئة دول المنطقة العربية فيما سمي بالإعلام الغربي ثورات "الربيع العربي" وهو مشروع ساهمت فيه هيومن رايتس ووتش إلي جانب العديد من الأدوات والأذرع الناعمة من المنظمات الدولية الأخري التي كانت تدرب النشطاء علي التهييج وإثارة المشاعر وكيفية إدارة الحركات الاحتجاجية وتوسيع رقعتها واستقطاب مؤيدين وتضخيم أحداثها حتي بإسالة الدماء وقتل مشاركين لتهييج المتظاهرين وإلصاق التهم بقوات الأمن وتزييف الصور وتزوير الأحداث ولكل جمعية أو منظمة دور ومهمة متخصصة فيها حتي تكتمل "حبكة" إخراج الأحداث وكأنها طبيعية وتلقائية وليست من صناعة أجهزة مخابرات وأدواتها الناعمة. توسعت هيومن رايتس في إصدار تقاريرها حتي أصبحت تغطي نحو مائة دولة وتستغلها الولاياتالمتحدة والغرب عموماً في خدمة سياسته ومخططاته لتأليب الرأي العام المحلي أو الدولي ضد من يناهض مواقفه من الدول وبالذات الدول التي تصفها واشنطن بأنها مارقة أو حتي من الدول الحليفة أو الصديقة لإرسال الرسائل أو التحذيرات لها. ممولها الرئيسي هو جورج سورس الملياردير الأمريكي اليهودي قاد تمويل الثورات الملونة في أوروبا الشرقية وغيرها ومول الحركات الانفصالية في عدد كبير من دول العالم وتبرع لها في عام واحد هو عام 2010 ب 100 مليون دولار غير تبرعاته السخية لها وللأدوات الناعمة الأخري علي مدار السنين. هيومن رايتس ووتش ليست واحدة وإنما هناك منظمة أخري مثيلة لها في الأهداف والدور والوظيفة هي العفو الدولية هما منظمتان شهيرتان ومعروفتان غطاؤهما مجال حقوق الإنسان وليس بينهما اختلافات جوهرية والاختلاف في الشكل والهيكل الإداري فقط تركز هيومن رايتس ووتش في وظيفتها علي البحوث وكتابة تقارير طويلة لكن تعمل منظمة العفو الدولية علي كتابة تقارير مفصلة متوسطة الحجم. تقارير هيومن رايتس ووتش منحازة ومسيسة ومنافية للمهنية وغير موثقة تقوم علي تحريف الحقائق بنشر تقاريرها متضمنة مواقف طرف بعينه دون الحرص علي وجود الأطراف كافة في الموضوعات المنشورة فضلاً عن عدم توثيق ما ورد فيها من مزاعم وهذا يخالف القواعد المهنية في إعداد التقارير ونشرها ويضع الثقة فيها في موضع الشك العميق لأنها تعتمد علي بيانات تحريضية وشهادات مزيفة ومحاولات لإثارة الفتن والاضطرابات والفوضي وهذا هو ما يمكن أن يطلق علي تقاريرها المشبوهة. التشكيل الصهيوني للمنظمة يفسر صمتها التام تجاه الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكات حقوق الإنسان تجاه الأسري الفلسطينيين وبينهم أطفال لم يتعدوا سن العاشرة لكن المنظمة طبعاً لا تسمع ولا تري ولا تتكلم تجاه أي تصرف لإسرائيل. وتصمت علي جرائم الجماعات الإرهابية في سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن وتتواطأ مع جماعة الإخوان الإرهابية وتصدر بيانات تأييد ودعم لها وتتجاهل ما تقوم به الجماعة الإرهابية وميليشياتها من جرائم في حق المجتمعات التي تنشط فيها. فمن بعد كل ذلك يصدق مزاعمها وافتراءاتها وهي التي تنحاز للمجرم علي حساب الضحية وفي سبيل ذلك تكذب وتزور وتزيف وتحاول أن تتجمل ببعض الرتوش التي لا تقنع أحداً. الذي أنشأها وكلفها ووظفها ورسم لها مسارها ومولها هو نفسه الذي أنشأ ومول وسلح جماعة الإخوان الإرهابية والقاعدة وداعش والنصرة وبقية العصابات الإرهابية التي ابتلينا بها في العقود الأخيرة.