هي بحق دون مبالغة لوحة عبثية شديدة القبح تلك المعبرة عن كثير من شوارعنا الكلاب الضالة تمرح وتلعب تتسول وتعبث في الأركان بكل الأنواع والأحجام نباحها المنفر المستمر يشق سكون الليل تنقض علي فريستها كهل أو طفل أو فتاة وحسب الاحصائيات والأرقام يصل عددها إلي الملايين وضحاياها بالآلاف نتيجة العقر والإصابة والجروح المميتة أو انتشار أمراضها الفتاكة للإنسان والحيوان شيء لا يصدق خاصة وسط القاهرة وبالقرب من أجهزة ومؤسسات هامة ومرموقة لقد قادتني قدماي منذ أيام إلي هذه المنطقة بعد حضور ندوة أدبية في أحد مراكز الثقافة والفكر القريبة المشهد تعجز الأقلام والأوراق والأفلام التسجيلية في التعبير عنه ورصد فصوله وأحداثه العجيبة أصوات وضجيج آلات التنبيه السيارات بكل الأنواع أتوبيس وميكروباص وملاكي تكاتك ونصف نقل ودراجات بخارية لا يوجد خط سير محدد وواضح السير في خطوط حلزونية ومتقاطعة والتوقف في منتصف الشارع لصعود الركاب أو نزولهم باعة الملابس يسدون المنافذ والطرقات بجوار أعمدة وشماعات حديدية وأسياخ تتدلي منها في سوقية كافة الأنواع والألوان والمقاسات من الملابس والأحذية لجميع الأعمار أما ميدان الجيزة والطرق المؤدية إلي شارع الهرم فهي لا تقل قبحاً وفوضي الباعة الجائلين وصناديق ودواليب أوهي غرز الشاي في تحد صارخ أسفل الكباري وفوق الأرصفة وبجوار انفاق المشاه أما الشيء العجيب والغريب الذي لا أجد له تفسيراً حتي الآن استخدام الميكروفون للنداء علي البضاعة خاصة بائع الروبابيكيا والذي يتفنن في الصياح بكلمات ودرجات صوتية مختزلة تعلو وتنخفض في قبح شديد وتحد يجوب الشوارع والأحياء المختلفة بشتي المحافظات لقد رأيته وسمعته في بلدتي أسيوط قلب صعيد مصر حيث ترتفع عقيرته المنفرة أثناء سماع صوت الأذان من المساجد والمناطق المختلفة دون احترام للحظات الخشوع والجلال حيث يختلط معها هذا الصياح ماذا حدث للشخصية المصرية نسمع ونقرأ عن جرائم لم تسجل في ذاكرة الوطن من قبل عبر الزمان والمكان. ماذا حدث لكثيرين يعيشون بيننا أصابهم الإهمال واللامبالاة والبلادة والتحدي والفوضي؟! لابد من تطبيق القانون الرادع حتي يعود لشارعنا إنضباطه وتحضره!