سقطت أمريكا في شراك ما يسمي بحقوق الإنسان.. ذلك السلاح الفتاك الذي طالما لعبت ولوحت به واستخدمته بضراوة لتخويف وإرهاب الدول والحكومات العدوة والصديقة علي حد سواء.. سقطت أمريكا بتقرير خارجيتها الأخير الذي فتح نيرانه في وجه الجميع ينتقد ويهاجم ويضرب ويدمر وجاء في المقدمة طبعاً أعداء ماما أمريكا لاسيما روسياوالصين. لم يسلم أحد من الأذي الأمريكي الذي طال وتطاول علي الجميع واخترق القوانين وخرق المواثيق الدولية الثابتة والراسخة منذ عقود وقرون لدرجة أنه أسقط صبغة الاحتلال عن اغتصاب إسرائيل للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية فلم يعد المحتل محتلاً ولا المغتصب مغتصباً.. إسرائيل التي اغتصبت أراضي العرب في أعقاب عدوان 67 سفاحاً لم تعد كذلك وبإمكانها وفق الفرمان الشيطاني الأمريكي الأخير اعتبار كل هذه المناطق المحتلة جزءاً لا يتجزأ من حدود دولتها الوهمية الهلامية التي أعطاها من لا يملك لمن لا يستحق. ولكن هل يصمت العالم أمام افتراءات الأمريكان هذه المرة وكل مرة.. هل يبتلعون الإهانات والتجريحات والتلفيقات التي تبتعد كثيراً عن الحقيقة وأقل ما توصف بها أنها خيالات مريضة كتبها مرضي واستقوها من مصادر مريضة ذات أهواء وأجندات خاصة.. لا لم يصمت العالم هذه المرة.. لم يقدروا علي التحمل والصمود أكثر من ذلك.. ضج العالم وصرخ في وجه البعبع الأمريكي: كفاية كده حرام عليك.. اللي بيته من زجاج لا يلقي الناس بالحجارة.. وإذا بليتم فاستتروا.. روسيا ردت بعنف علي الهجوم الأمريكي علي الأوضاع في جزيرة القرم والذي يواكب احتفالات الدب الروسي بسنة خامسة علي ضم القرم إلي الامبراطورية الروسية أو بمعني أدق عودتها إلي أحضان الأم.. الصين راحت أبعد من ذلك وكشفت عن كتاب صيني جديد يحلل وينتقد حقوق الإنسان في بلاد العم سام.. وأكد الصينيون في كتابهم أن حقوق الإنسان في الولاياتالمتحدة ليست علي ما يرام وهناك ثمة خروقات فادحة تتعلق بانتهاكات أمريكية لحقوق إنسانية أمريكية وغير أمريكية.. الغريب هو الصمت العربي إزاء إضفاء الشرعية علي الاغتصاب الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية ولم نسمع إلا أصواتاً قليلة من فلسطينالمحتلة تنتقد وتدين وتشجب التقارير الأمريكية التي اعتبروها تمادياً للصلف والعدوان الأمريكي المستمر علي الحقوق الفلسطينية التاريخية الراسخة والذي بدأ منذ منتصف القرن الماضي وبلغ أوجه وذروته عقب قدوم ترامب وإعلانه القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وقراره بنقل سفارته إليها. انكشفت ألاعيب الأمريكان وبات كارت حقوق الإنسان الذي يلعبون به منذ زمن بعيد محروقاً ومفضوحاً.. وقد جاء الرد المصري حاسماً وقاطعاً وسريعاً وقالت الخارجية إن التقرير الأمريكي جاء بعيداً عن الحقيقة وتجاهل انجازات وحقائق مهمة تحدث علي أرض الواقع ويعيشها المصريون بمختلف عقائدهم وتياراتهم تؤكد حقوق المواطنة والمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات.. وقالت الخارجية إن الأمريكان مازالوا يستقون معلوماتهم من مصادر غير موثوق فيها وتفتقد للأمانة والحيادية.. ويبدو أن واشنطن لم تستوعب الدرس بعد.. تنسي أو تتناسي المذابح البشعة التي ارتكبتها قديماً في اليابان والفلبين وغيرها.. وحديثاً في العراق وسوريا.. ملايين الأبرياء قتلوا وجرحوا وتشردوا علي يد الأمريكان الذين نصبوا من أنفسهم شرطي العالم يتحكم في مصيره يعاقب من يشاء ويعفو عمن يشاء وفقا لتوازنات المصالح والأهواء.