تطوير مشروع منطقة سور مجري العيون وتقديم الموقع بأبعاده التاريخية والجغرافية والعمرانية والمعمارية يعيد مجري العيون إلي مكانته الأثرية كأحد أهم وأضخم المباني المتبقية من منظومة المنشآت المائية الإسلامية في مصر. يشمل مخطط تطوير المنطقة إنشاء مجموعة من الخدمات والبازارات والفنادق ومتاحف لعرض مراحل تطور دباغة الجلود والمصالح الحكومية وتوفير الخدمات بعد نقل المدابغ إلي مدينة الجلود بالروبيكي بالمنطقة الصناعية بمدينة بدر. منذ البداية كان الهدف من إنشاء مجري العيون هو توصيل المياه من نهر النيل إلي قلعة صلاح الدين "قلعة الجبل" ولذا فإن الحفاظ العمراني لمجري العيون يجب ان يتكامل مع القلعة والنهر في رسالة ثقافية واحدة بأن يكون هناك ربط في تقديم العناصر الثلاثة. ارتبطت المدابغ بمجري العيون خلال القرن الماضي كما انه من الطبيعي ان ترتبط المدابغ بالمدبح مصدر المواد الخام التي تغذيها كصناعة قديمة بالمدينة وسبب وجود المدبح والمدابغ بهذا الموقع معروف حيث ان المدابغ كانت دائما خارج المدينة الإسلامية حيث مع بداية نشأة مدينة القاهرةجنوب باب زويلة ولكن مع امتداد العمران انتقلت إلي مكان لم يكن عامرا في ذلك الوقت ومع مرور الزمن ازداد تلوث المكان بالروائح الكريهة والضوضاء وتزايدت ورش ميكانيكا السيارات والصناعات الحرفية لبعض حرف الجلود والجبس كان لابد من وضع خطط لتطويرها حتي لا يضيع الجانب الأثري والحضاري لها. تعتمد فلسفة التطوير للمشروع المقترح علي وضع رؤية شاملة للسور ككل متضمنة منطقة المدابغ ومصانع الغراء بعد إزالتها وتنفيذ خطة الهيئة العامة للتخطيط العمراني لتطوير منطقة المدبح والمدابغ والمشروعات المحيطة المقترحة وخطة وزارة الآثار بانشاء متحف الحضارة. فيما يتعلق بفلسفة التنمية الشاملة للمنطقة علي المدي البعيد والتي يشترط لها أولا إزالة منطقة المدابغ ومصانع الغراء فهي تعتمد علي عدة محاور أهمها اعتبار المنطقة ضمن المسار السياحي الذي يبدأ من القلعة ثم منطقة سور مجري العيون من تقاطعه مع شارع صلاح سالم وحتي كورنيش النيل ثم مقياس النيل ثم قصر محمد علي بالمنيل. تعتمد فلسفة مخطط التطوير العمراني المقترح علي خلق محور خدمي ترفيهي استثماري من خلال تحويل منطقة المدابغ لتعمل كعنصر ربط بين ما هو مقترح من مشروعات في منطقة المدبح مرورا بحديقة الفسطاط وحتي المكان المخصص لمشروع متحف الحضارة. قال محمد عبدالعزيز- مدير عام القاهرة التاريخية- ان للمشروع عدة أهداف تفعيل التغير الحضري لبعض العناصر الأساسية للمنطقة علي سبيل المثال نقل منطقة المدابغ والتغيير في بعض الأنشطة المتداخلة مع النشاط السكني وتحسين أداء شبكة الشوارع نظرا لتردي كفاءة الشبكة الحالية داخل المنطقة وتطوير وصيانة شبكة المرافق العامة نظرا لعدم جدواها مع الكثافة السكانية الحالية وتحسين البيئة العامة والصحية للمنطقة من الملوثات التي تسببها صناعات الدباغة والغراء وزيادة كفاءة ربط المنطقة بشبكة النقل الحالية لمدينة القاهرة وتأكيد ربطها مع مسارات الحركة الرئيسية "طريق صلاح سالم/ طريق الكورنيش". ويهدف لتأسيس تجمع عمراني بأنشطة غير ملوثة للبيئة لتنشيط نمط اقتصادي يعمل علي ايجاد مركز للأنشطة اليدوية والتجارية للمنتجات الجلدية والارتقاء بالبيئة العمرانية لمنطقة الدراسة وتحسين أداء العنصر الأثري المتمثل في سور مجري العيون مع توحيد ورفع كفاءة الهيكل العمراني للمنطقة. يؤكد عبدالعزيز اهتمام الحكومة بمشروع تطوير منطقة سور مجري العيون الذي يهدف لإحياء المنطقة التاريخية وإعادة إبراز رونقها الحضاري بما تتمتع به من قيمة ثقافية لتمثل اضافة جديدة علي خارطة المقاصد الأثرية والسياحية بمصر خاصة بعد معاناتها طويلا من التدهور العمراني والتلوث البيئي والبصري وتهالك شبكات البنية الأساسية وقصور الخدمات الأمر الذي يستوجب وضع استراتيجية شاملة للنهوض بهذه المناطق. أوضح أن مخطط التطوير العمراني والأثري لسور مجري العيون يشمل اقامة إسكان اقتصادي علي مساحة 5.4 فدان وإسكان متوسط علي مساحة 13.15 فدان ومسارح وسينما علي مساحة 2.38 فدان وشركات صرافة وسياحة 0.45 فدان وإسكان إداري علي مساحة 1.95 فدان وتجاري علي مساحة 1.1 فدان وتعليم عالي خاص جامعات ومعاهد علي مساحة 4.70 فدان وعيادات ومستشفيات استثمارية علي 2.60 فدان ومناطق خضراء علي مساحة 3.40 فدان وانشاء المسار السياحي علي مساحة 3.78 فدان وانشاء متحف منظومة المنشآت المائية الإسلامية في مصر ومتحف آخر لعرض تطور صناعة دباغة الجلود. أضاف ان وزارة الآثار مسئولة عن مبني سور مجري العيون ومنطقة الحرم الخاصة به والمقدر ب30 متراً من السور ناحية الجهة الجنوبية ويتم تمويل المشروع من عائد بيع الأراضي المخصصة للأنشطة الاستثمارية والأراضي المخصصة للإسكان. التطوير تأخر كثيرا يقول ايهاب عمر- ويعمل في مجال تجارة الكيماويات الجلود بالمدابغ- انه منذ ان كان يعمل مع جده بحرفة دبغ الجلود وهو كان يحكي له ان الدولة تسعي لتطوير المنطقة وتحويلها لمكان سياحي ونقل المدابغ لمكان آخر ومرت السنوات وتعاقبت الحكومات ولكن لم ينفذ ما سمعته من المرحوم جدي لكن منذ شهور فوجئنا بقرار نقل المدابغ من سور مجري العيون إلي مدينة بدر الصناعية ولكن علي مراحل وبالفعل تم تنفيذ المرحلة الأولي ونقل عدد كبير من المدابغ وهدمها ومن رفض النقل حصل علي تعويض ليعمل بحرفة أخري ولكن نطالب عند نقلنا بتسهيل حركة الانتقال وتوفير خطوط مواصلات لأن أصحاب المدابغ اضطروا لتأجير سيارات لنقل العمال للمنطقة الجديدة كما نشكو ارتفاع أسعار توصيل الغاز للمدابغ بالمكان الجديد ويكفي علينا ارتفاع أسعار الخدمات وارتفاع أجور العمال وفواتير الكهرباء والمياه. يضيف هاني محمد- أسطي بإحدي المدابغ- انه سمع ان نقل المدابغ سوف يتم علي مراحل للروبيكي وتم تنفيذ المرحلة الأولي وهي نقل 40 مدبغة وتعمل بنصف طاقاتها ويعانون ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء وتكاليف الانتقال وهو الأمر الذي دفع الكثير منهم للاستغناء عن بعض العمال ويكفي ارتفاع أسعار الجلود إلي 50% مما اضطرنا لتخفيض الإنتاج والإقبال علي شراء الجلود الطبيعية ضعيف للغاية لارتفاع سعره واتجه الكثيرون لشراء الجلد الصناعي. يشكو صابر محمود من تواجد بقايا هدم مدابغ المرحلة الأولي واعاقتها للمرور وغرق الشوارع بمياه المواسير المكسورة مما أدي لوفاة أكثر من حصان أثناء نقله للجلود علي العربات الكارو.