رغم الجهود الضخمة التي تبذلها الدولة في مكافحة الفساد والتصدي للمخالفات والتعديات علي الممتلكات العامة.. إلا أنه.. للأسف لا زال بعضها والتي هي منافع لكل المصريين- مطمعا لكثير من محترفي النهب والسطو علي المال العام وحقوق الآخرين مهما كانت النتائج التي تترتب علي ذلك والتي تلحق الضرر بالمجتمع كله. عقب ثورة أو انتفاضة يناير 2011 شهد نهر النيل أو المجاري المائية عموما اعتداءات صارخة في كل محافظات مصر رصدت وزارة الري مؤخرا جانبا منها في رقم خرافي يؤكد بشاعة ما حدث لهذه الشرايين الرئيسة للحياة في مصر.. فقد كشف تقرير صدر منذ أسابيع عن قطاع حماية وتطوير نهر النيل بالوزارة أنه تم إزالة 41 ألفا و 808 حالات تعدي علي النيل منذ 5 يناير 2015 وذلك من إجمالي 50 ألفا و399 مخالفة. وأشار التقرير إلي أنه تم تحرير 45 ألفا و 611 مخالفة جديدة وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الإزالات حيث يتم شن حملات يومية في كافة المحافظات المطلة علي نهر النيل والتي يصل عددها 16 محافظة. وأكدت وزارة الري أنها لن تتهاون أو تتقاعس حتي يتم القضاء عليها وتنظيف النهر منها. وأن الحملة تستهدف جميع التعديات الموجودة علي نهر النيل دون النظر إلي الاشخاص المعتدين وأكد الوزير أن معدلات تنفيذ إزالة التعديات علي نهر النيل والمجاري المائية علي مستوي الجمهورية تأخذ شكلا تصاعديا وتعكس رغبة الدولة في إزالة التعديات علي نهر النيل والمجاري المائية للحفاظ علي هذا المرفق الحيوي والمورد الطبيعي المهم في ظل التعاون المستمر بين أجهزة الدولة وأجهزة الوزارة المعنية. **** أتمني أن تتكاتف كل أجهزة الدولة لازالة هذه التعديات القبيحة علي نهر النيل وكل المجاري المائية في كل محافظات مصر بعد أن أصبحت مظهرا للفوضي والعشوائية وتحدي كل القوانين والعقوبات المقررة بها.. كما أنها تمثل تحديا لسلطة وهيبة الدولة وتكشف عن طمع وجشع بعض المواطنين الذين لا يهمهم إلا منافعهم الشخصية لذلك ردموا مساحات شاسعة من المجاري المائية وضموها لممتلكاتهم وأقاموا عليها مساكن عشوائية ومعظمهم ليس في حاجة الي مسكن ليقيم فيه بل من أجل التجارة وبحثا عن حفنة من المال ولا يهم بعد ذلك تأثير ذلك علي أهم مورد للحياة في مصر. أعتقد أن الدولة في اختبار حقيقي لفرض القانون علي الجميع واستعادة المساحات المعتدي عليها من أراضي طرح النيل وإعادة الحياة لها من جديد.. وهنا لا ينبغي أن يتحجج أحد بأن معظم المخالفين من البسطاء الذين يبحثون عن الاستقرار الاجتماعي وحل مشكلات أسرهم لأن حل مشكلات هؤلاء لا ينبغي أن يكون عبر مخالفة القانون ولا يكون علي حساب مرفق مهم وحيوي لكل المصريين مثل نهر النيل وكل تفريعاته. وينبغي أن يسعي هؤلاء البسطاء الي حل مشكلاتهم عبر الوسائل والقنوات الشرعية والدولة تفتح أبوابا عديدة لذلك كما أن بعض الأثرياء أقاموا فيلات وقصورا علي مساحات من نهر النيل وأحسنت الدولة صنعا أن بدأت حملات الإزالة بهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر ويجب أن تتواصل حملات مواجهة جشع هؤلاء وتحديهم للقانون. لقد استعادت الدولة هيبتها وواجهت مافيا المباني المخالفة سواء داخل المدن الكبري أو علي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.. ونحن في انتظار تفعيل حملات إزالة التعديات علي المجاري المائية فأمام الوزارة كم هائل من التعديات يجب أن يواجه بكل حسم وسرعة حتي تتوقف التعديات ويتعظ من يفكر في التعدي بما حدث لأسلافه من الطامعين والفوضويين. احترام الممتلكات العامة للدولة واجب علي الجميع ويجب فرضه علي الجميع.. لا فرق بين مسئول كبير ومواطن بسيط. كما لا فرق بين صاحب نفوذ وآخر لا نفوذ له. ولا بين غني وفقير.. بل ينبغي التعامل بحزم مع كل مسئول يخالف القانون. وقد أحسن رئيس مدينة دمنهور صنعا عندما بادر وأزال مخالفة بناء لأحد كبار المسئولين في محافظة البحيرة منذ أسابيع. الدولة التي تريد فرض قوانينها علي الجميع يجب أن تبدأ بمواجهة مخالفات الكبار وتجاوزاتهم. وأعتقد أن الحكومة المصرية تسير في هذا الاتجاه. **** لقد واجهت الدولة بعد استرداد عافيتها كثيرا من المخالفات والتجاوزات في اتجاهات عديدة ويجب أن تستمر تلك المواجهات دون تردد حتي تتوقف المخالفات والتجاوزات. منذ أيام اتصل بي أحد الأصدقاء ودعاني لزيارة منزله المطل علي نهر النيل الرئيسي والذي حجبت عنه رؤية النيل تماما بسبب المخالفات التي أقامها البعض علي شاطي النهر بل وداخل المياه مباشرة وعدم قدرة أحد من المسئولين في الري علي الاقتراب منهم أو إزالة مخالفاتهم فطمأنته بأن الدولة- وفقا لتصريحات الوزير- جادة في مواجهة كل المخالفين وعودة نهر النيل في كل المحافظات الي بريقه بعد إزالة كل المخالفين. صحيح أن إزالة المخالفات التي تمت علي المجاري المائية خلال السنوات الماضية تحتاج الي وقت وجهد وإمكانات.. لكن من المهم أن تتواصل حملات الإزالة يوميا لنقل رسالة واضحة لكل من يفكر في مخالفات جديدة بأنه لن يفلت من العقاب. كما لا ينبغي أن تقتصر المواجهة علي إزالة المخالفات حيث ينبغي أن تكون هناك عقوبات أخري رادعة لكل من يخالف القانون ويعتدي علي ممتلكات الدولة والمرافق الحيوية لكل المواطنين وأهمها نهر النيل والطرق العامة والفرعية والتي أصبحت هي الأخري مطمعا للكثيرين.