** يدفع الشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً للخلافات المستمرة بين "فتح وحماس".. وعدم التزام قيادات الحركتين بما يتم الاتفاق عليه في عدة مبادرات للصلح أغلبها بذلت فيها مصر جهوداً كبيرة للتوفيق بين الأشقاء وإنهاء الصراع وتشكيل حكومة وحدة وطنية وبسط سيادة السلطة الفلسطينية علي كافة الأراضي بقطاع غزة والضفة ورام الله.. وللأسف أضاع العناد كل الجهود!! كلما توصل الطرفان إلي اتفاق فسرعان ما يعود الانشقاق.. ويقوم كل جانب بتحميل الآخر المسئولية.. بل ويصبح الأمر أكثر صعوبة في رأب الصدع خاصة في ظل انقسام عربي حاد وانشغال الجامعة العربية بالحروب الأهلية المشتعلة في عدة بلدان من المحيط إلي الخليج من سورياوالعراق إلي اليمن وليبيا.. إلي جانب مناوشات "البوليساريو" مع المغرب مما أضاع قضية فلسطين التي مازلنا نؤكد عليها أنها القضية المحورية للعرب!! يزيد من تعقيد الوضع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة الصراعات الدولية بين القوي العظمي في عالم مازال نظامه الجديد "تحت التشكيل" بعد عقدين من سيطرة قوة واحدة هي الولاياتالمتحدة وذلك منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وتوابعه من دول المعسكر الشرقي.. فعلي المستوي الدولي عادت روسيا لتبحث عن دور.. وظهرت الصين "كمعلاق اقتصادي" من حقه أن يسعي لزعامة سياسية علي الأقل لضمان مصالحه التجارية.. ولازال الأوروبيون أبناء "القارة العجوز" يدافعون عن إرثهم الاستعماري وامبراطورياتهم التي غابت عنها الشمس في العالم القديم.. وتوجد قوي صغري تحاول.. ونمور اقتصادية تناور.. بينما العرب يزدادون تشتتاً!! خطورة استمرار الخلافات والانشقاقات ما بين قيادات فتح وحماس. إن توابعها لن تقتصر علي مجرد لمن تكون السيطرة علي غزة ومعبر رفح.. ولا لتكرار الاتهامات المتبادلة باعتقالات من هنا وهناك للمنتسبين إلي المنظمتين.. ولا لقطع الرواتب عن الموظفين الحكوميين.. ولا لحل المجلس التشريعي "البرلمان".. ولا حتي لاستقالة الحكومة.. فكل ذلك يمكن السيطرة عليه لو خلصت النوايا وتم إعلاء مصلحة الشعب الفسطيني الذي يدفع الثمن باهظاً.. وإنما الخطورة الحقيقية أن إسرائيل تستغل خلاف فتح وحماس والصراعات العربية في تحقيق مكاسب تعزز من احتلالها للأراضي وانتهاكها لكل المقدسات وقتل وتشريد آلاف الفلسطينيين!! لابد من تحكيم العقل.. ومعرفة أنه لا سبيل لاقامة دولة فلسطينية إلا بتحقيق المصالحة بين كافة الفصائل.. وأنه لا حل نهائياً للقضية الفلسطينية إلا بتكاتف الدول العربية وإنهاء كافة الخلافات والحروب الأهلية و"البينية" و"الكلامية".. أو علي الأقل التوصل للحد الأدني من التوافق حتي لا تفرض علي العرب الحلول الخارجية والصفقات التي لا تحقق طموحات العرب والفلسطينيين خاصة أن الصهاينة يحققون كل يوم انتصارات علي الأرض وإعادة علاقات دبلوماسية مع دول كانت لا تعترف بإسرائيل منذ إعلان قيامها عام 1948 أو قطعت علاقاتها بها بعد عدوان 67 أو أثناء حرب أكتوبر 1973 عندما انتصر العرب لأنهم كانوا يداً واحدة!! أين العرب من تحركات إسرائيل؟! ** هل كان هناك من يتخيل يوماً أن تهبط طائرة علي أرض سلطنة عمان أو في تشاد وهي تقل بنيامين نتنياهو الملطخة كلتا يديه بدماء الأبرياء من أطفال ونساء فلسطين ومن وسع من رقعة الأراضي المحتلة.. والذي أعطي أوامره بحفر نفق تحت السور الغربي للمسجد الأقصي عام 1996 "خلال رئاسته للوزراء أول مرة" وكان غرضه أن يتهدم السور وينهار المسجد.. ثم بعد ذلك يأمر جنود الاحتلال باطلاق الرصاص علي أطفال الحجارة.. وفي نفس الوقت يحمي المستوطنين اليهود الذين يدنسون ساحات "الأقصي" بأحذيتهم ويمنعون المصلين العرب من الوصول إليه؟! كما فعلت أمريكا.. فإن البرازيل ودولاً أخري في الطريق لنقل سفارتها إلي القدس.. ومن الأنباء التي تناولتها وسائل الإعلام أنه تم الاتفاق علي أن تمر الطائرات الإسرائيلية المدنية فوق الأجواء العمانية.. ووصف نتنياهو زيارته إلي تشاد وإعادة العلاقات معها بأنها "ثورة إسرائيلية" في أفريقيا وأنه سيقدم لهم التكنولوجيا وأساليب الزراعة الحديثة والسلاح وسيعاون دول القارة السمراء في مجال الأمن!! يعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه في مأزق بعد إعلان إجراء انتخابات نيابية مبكرة في شهر أبريل المقبل لذلك يسعي لتحقيق أكبر قدر من المكاسب داخلياً بتكثيف الغارات علي غزة.. ومصادرة الأراضي في الضفة.. والسماح ببناء مستوطنات جديدة.. وتشديد قبضة جنود الاحتلال بقتل وتشريد واعتقال المئات من الفلسطينيين.. وخارجياً بضرب سوريا بالصواريخ والطائرات.. وإعلانه أنه لن يربط إعادة العلاقات مع دول عربية بتحقيق السلام مع الفسطينيين وللأسف يجد من يستقبله ويحقق أمنياته في غياب تام للجامعة العربية!! وتتضمن خطة نتنياهو الخارجية أن يكسب المعركة الدبلوماسية لذلك يقوم بجولات مكوكية من أوروبا إلي آسيا.. ومن أفريقيا إلي الولاياتالمتحدة.. يعقد صفقات مع موسكو وبكين وأمريكا.. ويقترب من منابع النيل ويوهم أبناء القارة السمراء بأنه يستطيع حمايتهم من الجماعات الإرهابية أمثال "داعش وبوكو حرام".. ويتخطي الحدود إلي البرازيل ويعترف برئيس فنزويلا الذي تؤيده أمريكا حتي يقطع كل الطرق علي منافسيه!! منذ أسبوعين امتلأت حوائط شوارع عدة مستوطنات يهودية بملصقات ولافتات تدعو إلي قتل الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن".. وبالقضاء التام علي المقاومة في الأراضي الفلسطينية خاصة قطاع غزة.. فهل يعي قيادات "فتح وحماس" ما يدبره جنود الاحتلال للشعب الفلسطيني دون تمييز.. وهل يتم تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية وتحدث "معجزة الاتفاق" بين الفصائل الفلسطينية لأن كل يوم يمر في الخصام والخلافات يكسب الأعداء أرضاً جديدة ويحققون نصراً دبلوماسياً ويسقط العشرات من الفلسطينيين شهداء وتهدم بيوتهم وتغتصب مزارعهم؟! وإذا كانت البداية يجب أن تكون المصالحة الفلسطينية.. فإن العرب لو استمروا في حروبهم الأهلية والكلامية والتحالف مع الدول الأجنبية واستعدائها علي الأشقاء.. فعليهم ألا يلوموا أنفسهم علي ضياع "الحلم العربي".. ولينتظروا علي من سيأتي الدور بين العراقوسوريا وليبيا واليمن و....!! طقاطيق ** رغم تعدد الإنجازات في مختلف المجالات من شق طرق وبناء مساكن واقامة مصانع وتحديث البنية الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي.. إلا أن مبادرات الرئيس عبدالفتاح السيسي المتعددة في مجال الصحة هي أهم انجازات هذا العصر علي الاطلاق.. فتوفير العلاج لكل مواطن.. وللفقير قبل الغني يحقق العدالة الاجتماعية ويقضي علي آلام الشعب الذي تحمل عبء الاصلاح الاقتصادي ومن حقه أن يعيش بكرامة. *** ** ووفقاً لبيانات جهاز الاحصاء فإن نسبة الأمية بلغت 26% وأن هناك 6 ملايين طفل تسربوا من التعليم عام 2017.. وتوجد بالصعيد 4 محافظات بلغت فيها نسبة الفقر 50%. بينما المتوسط في المحافظات الأخري 22%.. والأهم أن الخدمات الصحية في قري ونجوع الوجه القبلي متدنية.. مما يعني أن مثلث الرعب "الجهل والفقر والمرض" مغلق بإحكام علي "الصعايدة" رغم كل الجهود المبذولة لتنمية محافظاتهم.. مازال الوضع يحتاج إلي مبادرات وخطط عاجلة ومدروسة وضخ استثمارات وتوفير ميزانيات ومشاركة جميع الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية المثلث وتوفير التعليم ولقمة العيش والعلاج بصورة كريمة لهم!! *** ** خلال فترة وجيزة.. ألقي عدة مواطنين بأنفسهم طواعية تحت عجلات مترو الأنفاق.. فقد سقطت سيدة مؤخراً أمام القطار في دار السلام.. وقبلها انتحر شاب في محطة جامعة القاهرة وآخر في شبرا الخيمة.. وقفزت فتاة في محطة جمال عبدالناصر لتسيل دماؤها علي القضبان.. وقبل أن يتحول "الانتحار الأنفاقي" إلي ظاهرة لابد من دراسة أسباب تكرار هذه الحوادث التي تدفع الشباب والفتيات للتخلص من حياتهم بهذه الطريقة البشعة القاسية مع أن الثقافة الشعبية تحذر الناس من الوقوف أمام القطار حتي لا يدهسهم.. فما بالنا بمن يلقي بنفسه بإرادته تحت عجلاته.. هل هو اليأس؟!