* اجتمعت بعض العوامل علي الثروة العقارية المصرية خاصة القديمة لتكون خرابات أو خرائب إما يعيش فيها بعض الناس أو تظل مهجورة إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. * أول هذه العوامل هو غياب فرضية الصيانة سواء للمساكن القديمة أو الحديثة خاصة بسبب سوء صناعة السباكة بدءاً بالخامات وقطع الغيار مروراً بسوء مستوي العمالة القائمة بالتنفيذ وكذلك سوء مفردات التشطيب وقد يساعدنا إنشاء أكاديمية للتشطيب بمدينة بدر تابعة لوزارة الإسكان يتعلم فيها جميع أطراف عملية تشطيب المساكن والمنشآت. * ثاني هذه العوامل احتفاظ بعض المستأجرين بوحداتهم السكنية طبقاً لقوانين الإيجار القديمة خالية والنزوح إلي المدن الجديدة لسكني الفيلات والقصور والشقق الفاخرة. إنني أراقب كل يوم من نافذة مسكني بعض شقق الإيجار القديمة مفتحة الأبواب والنوافذ ممزقة الستائر وربما تكون الفئران والحشرات تمرح فيها والجميع ينتظر المستأجرون والملاك لفض هذه العلاقة وإخلاء ملايين الوحدات السكنية لإحداث انفراجة ضخمة في الإسكان في مصر خاصة مع الزيادة السكانية المفرطة الطوفان الذي يهدر كل تنمية وتطور ويحبط وجود حياة مريحة راقية في هذا البلد أصل الحضارة والعمران. * إن المسافر علي كوبري أكتوبر من صلاح سالم إلي غرب النيل سوف يشاهد كماً ضخماً من المباني الكئيبة المتهالكة بدءاً بمستشفي الأمراض النفسية بالعباسية ثم عمارات ميدان العباسية ثم عمارات شارع رمسيس بمنطقة غمرة التي أصابها زلزال 1992 بالشروخ ولم تقع حتي الآن ومازال بعض سكانها مضطرين للبقاء فيها لعدم وجود بديل ثم عمارات ميدان رمسيس التي يمكن أن تسقط إذا ما أصابها زلزال بقوة واحد ريختر. * ومما يعطي إنطباعاً بسوء حالة مبني هو مظهره الخارجي من كآبة الدهانات إلي بقع الصرف الصحي إلي تراكم الأتربة. وقد حاولت محافظة القاهرة مثلاً دهان واجهات العمارات عدة مرات ولكن الدهان كان متعجلاً غير دقيق وغير لائق. * ثالث هذه العوامل هو الخطر الداهم المتزايد في الوادي والدلتا وهو المياه الجوفية والارتفاع المطرد لمناسيبها والذي يقضي علي المباني القديمة المقامة من الطوب الأخضر أو الطوب المصنوع من طمي الأراضي الزراعية ويحاصر معظم منشآت القرية. * في كل قرية مصرية خاصة بالدلتا استطاع القادرون مالياً إحلال البيوت القديمة ببيوت حديثة من الخرسانة المسلحة والطوب الأحمر مع رفع البيت حوالي متر عن مستوي الشارع تحسباً لأي زيادة محتملة في مستوي المياه الجوفية أو تراكم الأمطار. أما غير القادرين فقد تركوا بيوتهم القديمة أكواماً من التراب وهجروها. * إن المهمة الصعبة لمصر هي تطوير التخطيط العمراني لكل قري ومدن مصر وتنسيق هذا التخطيط ووضع مواصفات وشروط البناء يتقبلها أهلنا في الريف ويستطيعون تنفيذها. * والمهمة العاجلة هي إعداد وإصدار قانون لحل مشكلة الإيجارات القديمة مع عدم إعطاء فرصة لتعديل هذا القانون أسوة بقانون اتحاد الشاغلين الذي يتجاهله كل الشاغلين وقانون المرور الذي تغير عدة مرات ولا يجري تطبيق واحد منها والمثال واضح في الطفاية ولبس حزام السائق وتجاوز السرعات والركن الخاطئ وملاحظات الأمن والمتانة. * أما قوانين البناء المختلفة فإنها لم تنجح في حل مشكلة ارتفاعات المباني وعلاقتها بعرض الشارع وهذه قصة متغيرة لم يستطع الاستشاريون وضع حل عادل لها وانظروا أحياء شرق القاهرة حيث تجاوزت عمارات شارع عرضه 6 أمتار إلي 13 دوراً. * في القري يمكن إطلاق الارتفاعات في المباني المطلة علي الطرق السريعة أو الترع أو علي الحقول الواسعة مع أهمية توسيع حواري القرية لتمر منها عربات الإسعاف والمطافئ والعربات بصفة عامة هذه الحواري التي كانت تكفي أرتال الأنعام صباحاً ومساء. * نحن بحاجة إذن إلي ثورة تشريعية وتنفيذية عاجلة ونحتاج إلي الإصرار علي توعية الشعب المصري بواجبه للحفاظ علي ثروة بلده العقارية وغيرها التي هي ثروته أيضا. * لقد نبه الرئيس السيسي بوضع تخطيط أي تجمع عمراني حضري أو قروي قبل البناء لمنع ظهور عشوائيات جديدة أو مناطق خطرة أو أزمات في المرافق