تحية تقدير وإعزاز لروح الرئيس البطل أنور السادات في ذكري انتصارات أكتوبر المجيدة التي نحتفل بها ومصر تقطع خطوات جادة علي طريق بناء مصر الحديثة.. والحفاظ علي الدولة الوطنية وسط تحديات هائلة تموج بها دول المنطقة. ويتأكد لنا عاماً بعد عام مدي ما كان يتمتع به هذا الزعيم الوطني من قدرات خاصة ورؤي صائبة لم نقدرها ونعطيها حقها إلا منذ سنوات قليلة بعد فترة تعتيم سياسي وإعلامي طالت.. وبعدما أعدنا قراءة تاريخنا بعيداً عن الغرض. وقد كانت صفة "الإلهام" واحدة من الصفات التي أطلقت علي الرئيس السادات قبل سنوات قليلة من عملية اغتياله الآثمة رغم اعتراض معارضيه حينها مع غيرها مما أطلق عليه من ألقاب وصفات. ولكن تمضي الأيام وتتأكد لنا هذه الصفة من خلال تجارب عديدة مر بها وطننا. وأمتنا العربية بدءاً من قرار الحرب التاريخي في توقيته المحسوب بعبقرية فذة.. ومبادرة السلام التاريخية التي أعادت لمصر أرضها المغتصبة كاملة بعد كسر أنف الغرور الإسرائيلي وخضوعه لإرادة الانتصار الذي تحقق لجيش مصر القوي الذي ازداد بعدها قوة فوق قوة ومهارة وكفاءة لينال الآن مكانته المستحقة بين جيوش العالم. كان أكتوبر الانطلاقة المبدئية لهذا الجيش العظيم الذي حفظ مصر من أخطار الصراع والتفكك التي مرت بها أمتنا العربية خلال تجربة ما سمي بثورات الربيع العربي التي التهمت دولاً وشعوباً عديدة من حولنا. وكان من المخطط في هذا الربيع المشبوه أن تكون مصر واحدة من هذه الدول الضائعة بل الكعكة الكبري بحكم وضعها الجغرافي والاستراتيجي ووزنها الإقليمي في هذا المخطط المريب.. لولا قوة بأس وصلابة وشجاعة قواتنا المسلحة التي حافظت علي مصر وسط تحديات تآمرية خطيرة.. أنقذ الله شعب مصر من ويلاتها بفضل هذا الجيش وقادته المخلصين الذين حملوا أرواحهم علي أكفهم لمواجهة تلك العصابات السياسية والمرتزقة التي تحالفت معاً للانقضاض علي السلطة في مصر والنيل من هوية هذا الوطن ومحاولة إدماجه في توليفة أهل الشر حلفاء الأنظمة الدولية وأجهزتها الاستخبارية التي مازالت تمارس أدوارها المشبوهة حتي الآن.. ولكن صلابة هذا الجيش وإرادة الشعب المصري العريق دائماً بالمرصاد لوقف مخططات الإرهاب وأهل الشر.. والحفاظ علي الدولة الوطنية ووحدتها وسلامة أراضيها وسيادتها. وفي هذه الذكري الخامسة والأربعين نتذكر كلمات الرئيس السادات في 16 أكتوبر أمام البرلمان المصري وهو يروي للشعب قصة هذا الانتصار ويكرم الأبطال الذين قادوا ملحمة النصر وهو يقول : "لقد آن لهذا الشعب أن يأمن ويطمئن بعد خوف. بعدما أصبح له درع وسيف". بالتأكيد.. لقد وضع هذا الانتصار العظيم نهاية للانكسارات العديدة التي مرت بمصر في حربي 56 و 67 بل أثناء فترة حرب الاستنزاف عندما كانت الطائرات الإسرائيلية الأمريكية الصنع تصول وتجول في سماء القاهرة وتقتل الأطفال في مدرسة بحر البقر.. ولعلنا نذكر زجاج النوافذ الذي كنا نحيطه بالشرائط اللاصقة ونطليه باللون الأزرق وصفارات الإنذار التي كانت أشبه بالعويل حتي كانت ملحمة الإعداد لهذه المعركة من خلال بناء حائط الصواريخ وبطولات أبناء مصر المخلصين الذين ضحوا بحياتهم وهم يبنون هذا الحائط.. حتي كانت ساعة الصفر التي فاجأنا فيها العدو والعالم أجمع بالاقتحام والعبور العظيم الذي كسر شوكة الصلف الاسرائيلي الذي اعترف قادته طوال السنوات الماضية بحجم الهزيمة بدءا من رئيسة الوزراء جولدا مائير ومروراً بوزير الدفاع موشيه ديان وبيجين الذي مات مكتئباً بعد اتفاقية السلام بعدما اكتشف أن السادات انتصر عليهم مرة بالحرب وأخري بالسلام. إذ استعادت مصر أرضها كاملة وفشلت كل محاولات التطبيع أو اختراق الشخصية المصرية التي تعرف جيداً كيف تحافظ علي هويتها سواء كانت المخططات صهيونية أو دينية أو إقليمية. بالتأكيد.. يحق للمصريين أن يحتفلوا بانتصاراتهم ويستمع الأحفاد لقصص البطولة من جيل اكتوبر الذين صار الآن صغار الرتب العسكرية منهم وقت الحرب أجداداً.. وما أروع الأطفال وهم يجسدون مشاهد من معارك أكتوبر في احتفالاتهم المدرسية. هذا الجيل الجديد لا نخشي علي مصر معه.. خاصة مع مبادرات الدولة في بناء مصر الحديثة سواء بتطوير منظومة التعليم والارتقاء بالإنسان تربوياً وصحياً وتعاون وتنسيق كامل قواتنا المسلحة درع مصر وسيفها وسط تحديات ومخاطر لن تتوقف.. لأن هذا هو قدر مصر.. حفظها الله.