بناء الإنسان هو مشروع مصر القومي الذي يجب أن تلتف حوله كل الجهود وتشارك فيه كل أطياف المجتمع.. لتعويض سنوات وسنوات من التخلف التعليمي ومنظومته التي خرجت أجيالاً تعاني من الأمية الحياتية والثقافية. لهذا السبب جاء تبني الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذا المشروع معبراً عن تطلعات الشعب المصري نحو مستقبل أفضل من خلال أجيال مسلحة بالمعارف العلمية والثقافية والحياتية.. هذه الحقائق تجعل من تقييم البدايات الأولي لتطوير منظومة التعليم في مصر نوعاً من المشاركة في المشروع من خلال التعريف بنواحي القصور ومشاكل التطبيق. فعلي أرض الواقع وبعد بدء العام الدراسي الأول من أعوام منظومة التطوير نجد أنفسنا أمام مشاهد مضطربة لا تتناسب مع حجم المشروع ولا مع أهدافه.. وسوف استعرض هنا بعض ما تعرض له ابناؤنا الطلاب في الصف الأول الثانوي.. فقد اكتشفوا أن المدرسين لا يعرفون شيئاً عن منظومة التطوير.. المدرسون لا يعرفون هل سيطبق نظام المجموع التراكمي هذا العام أم لا..پولا يعرفون شيئاً عن نظام التقويم ولا عن الامتحانات ولا عن التغييرات في المناهج أو أساليب التدريس. ولعل خير مثال علي ذلك رد أحد المدرسين علي طلابه عندما سألوه عن النظام الجديد حيث أجاب أن منظومة التطوير "أمن قومي" محاط بالسرية حتي علي من يفترض أنهم مكلفون بتطبيقها.. وكل ما استطاع المدرسون معرفته ونقله للطلاب هو أن نظام تقسيم المناهج علي فصلين دراسيين قد ألغي وأن علي طالب الصف الأول الثانوي.. علي سبيل المثال دراسة.. حوالي 16 مقرراً دراسياً طوال العام والامتحان فيها كلها في نهاية العام.. ولنا أن نتخيل حجم معاناة هؤلاء الطلاب مع كل هذا العدد الهائل من المناهج. مناهج الصف الأول الثانوي تشمل من المواد الأدبية التاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم النفس.. ومن مناهج العلوم الأحياء والفيزياء والكيمياء.. ومن الرياضيات مجموعة المواد الرياضية بفروعها.. هذا بخلاف المواد المشتركة كاللغات العربية والانجليزية والفرنسية.. والمواد التي لا تدخل في المجموع ولكنها مواد رسوب ونجاح كالتربية الدينية والكمبيوتر والاحصاء والكثير مما يصعب حصره.. كل هذا يدرسه الطالب في وقت واحد ثم نطالبه بالاستمتاع بالتعليم وممارسة الأنشطة والانخراط في تفاصيل الحياة المدرسية.. فهل هذا معقول؟. البدايات الأولي لمنظومة التطوير بوضعها الحالي لا تتناسب مع أهمية المشروع ولا مع أهدافه.. ويبدو أن الاستعداد للتطبيق لم يكن كافياً ولا علي مستوي الحدث.