كان بكلمة السيد الرئيس التي ألقاها أمام اجتماعات الدورة 73 للأمم المتحدة تأثيراً كبيراً علي المستوي الانساني بجانب السياسي والاقتصادي مما يترتب عليه اهتمام دول العالم الثالث وأيضاً في داخل بلادنا بما جاء فيها... عندما يتحدث رئيس أكبر دولة عربية وأفريقية أمام العالم مصارحاً الجميع في تساؤل بالغ الأهمية عن كيف نلوم عربياً يتساءل عن مصداقية الأممالمتحدة وما تمثله من قيم في وقت تواجه فيه منطقته مخاطر التفكك وانهيار الدولة الوطنية لمصلحة مواجهات إرهابية وصراعات طائفية ومذهبية تستنزف مقدرات الشعوب العربية أو يتساءل عن عدم حصول الشعب الفلسطيني عن حقوقه المشروعة للعيش بكرامة وسلام في دولة مستقلة تعبر عن هويته الوطنية وآماله وتطلعاته. موجهاً في كلمته نحو الشأن الأفريقي ومتساءلا عما إذا كان هذا الانسان مغالياً ان شكا من انعدام فاعلية النظام العالمي بينما تعاني قارته نظاماً اقتصادياً يكرس الفقر والتفاوت ويعيد انتاج الأزمات الاجتماعية والسياسية ولا يتيح آفاقاً للتطور أو التقدم. هكذا تلامست كلمات الرئيس مع الالام وآمال المواطن العربي الذي يعاني من وطأة الإرهاب والخراب والتفرقة الدينية والمذهبية والطائفية وكذلك الافريقي الذي يعاني من التجاهل العالمي له وتركه يعاني من الفقر والجهل والمرض.. بل ويكون عرضة للنزاعات العرقية وخلق بيئة خصبة لايواء الجماعات الإرهابية كإحدي وسائل الحصول علي الأموال التي تساعدهم علي الحياة حتي ولو كان ذلك علي حساب تصدير الإرهاب للدول المجاورة لها. ومن هنا فإن كلمة الرئيس لم تكن مجرد كلمة سياسية في المقاوم الأول فقط بل انها تضمنت ملامح انسانية وواقعاً حقيقياً تعيش فيه العديد من الدول العربية والأفريقية مما جعل لها اثراً واسعاً علي نفوس ووجدان كل من استمع اليها ولم يترك الرئيس تلك النقاط التي طرحها علي المجتمع الدولي بدون وضع استراتيجية أو رؤي لحلها أو علي الأقل التصدي للبعض منها.. بل قام بوضع ثلاثة مبادئ يمكن الاستناد إليها دولياً إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدي المجتمع الدولي لخلق مصداقية له لدي الدول التي تعاني من تلك المشاكل التي أشرنا إليها.. حيث يتعين علي هذا المجتمع ومنظماته الدولية الحفاظ علي وحدته الاساسية أي الدولة الوطنية القائمة علي مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة. وهو ما حرصت عليه مصر لتحقيقه في تجربتها وحربها ضد الإرهاب حيث بذل شعبها المخلص جهداً جباراً لاستعادة دولته وانقاذ هويته واختار ان تكون الدولة الوطنية القادرة والعادلة هي بابه للاصلاح وتحقيق تطلعاته في الحرية والتنمية والكرامة. ثم يأتي المبدأ الثاني وهو يتعلق بايجاد حلول سليمة مستدامة للنزاعات الاقليمية والدولية والتي تأتي من أولويات نشأة الأممالمتحدة وهنا أشار إلي تلك الدول الأفريقية التي تعاني من تلك النزاعات مثل جنوب السودان وافريقيا الوسطي ومالي حيث يتطلب الأمر ضرورة حشد الموارد لمساعدة تلك الدول والعمل علي إعادة تأهيل مؤسساتها وبدء إعادة البناء والتنمية بها.. ثم تطرق أيضاً إلي القضية الفلسطينية مطالباً بضرورة ايجاد حل عادل لها يحقق طموح الشعب الفلسطيني في العيش بسلام في دولة تكون عاصمتها القدسالشرقية استناداً إلي ما أقرته الشرعية الدولة وقرارات الأممالمتحدة والا فقدت تلك المنظمة مصداقيتها وحيادها في التعامل مع تلك القضية. ثم جاء المبدأ الثالث والمتمثل في الالتزام بتحقيق التنمية المستدامة والشاملة بحسبانها الشرط الضروري لنظام عالمي مستقر كوسيلة للوقاية من النزاعات المسلحة والأزمات الانسانية. لقد وضع الرئيس بكلمته المجتمع الدولي ومنظماته المختلفة أمام المسئوليات الملقاة علي عاتقهم في مكاشفة صريحة وواضحة تشير إلي وجود قصور ملحوظ نحو تحقيق الأهداف المرجوة من قيام تلك المنظمات عسي ان يكون ذلك بمثابة جرس انذار وتنبيه للمنظومة الدولية للنهوض بدورها والذي علي أساسه تم تأسيسها منذ عشرات السنين. وتحيا مصر..