بهيجة حافظ.. فنانة من الرعيل الأول للسينما المصرية.. بل إنها نالت شرف لقب أول بطلة في السينما المصرية والعربية عندما لعبت بطولة الفيلم المصري الصامت "زينب" اخراج محمد كريم وبطولة دولت أبيض وسراج منير وزكي رستم واستطاعت ان تجمع ما بين التمثيل والتأليف وكتابة السيناريو والاخراج والانتاج.. بل انها انفردت ايضا بتأليف الموسيقي التصويرية لجميع الافلام التي شاركت في بطولتها وغيرها لتصبح أول سيدة مؤلفة للموسيقي التصويرية للأفلام السينمائية في مصر والوطن العربي.. بل ايضا علي المستوي العالمي فلم تسبقها سيدة أو فنانة أجنبية في ذلك الأمر. كما كانت أول فنانة مصرية تقبل في جمعية المؤلفين الدولية بباريس وتحصل علي حق الاداء العلني لمؤلفاتها. حققت بهيجة حافظ نجاحا ونجومية وشهرة في السينما المصرية.. بل انها شعرت بقيمة ما تنتجه في مجال السينما فاقتحمت المهرجانات السينمائية العالمية فكان لها الشرف والانفراد بأن يكون فيلمها "ليلي بنت الصحراء" اول فيلم مصري يعرض في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.. وكان حديث الوسط السينمائي لما تضمنه من ديكورات ضخمة وأزياء جذبت الانتباه.. وبرغم النجاحات المتوالية عاشت في ال25 سنة الاخيرة من عمرها في الظل لا يسأل عنها احد سوي الاصدقاء المقربين. وفي السنوات العشر الاخيرة من عمرها كانت طريحة الفراش حتي رحلت في 13 سبتمبر 1983 عن عمر 75 سنة وأمس الخميس 13 سبتمبر يمر علي رحيلها 35 عاما والمفارقة انها ماتت وحيدة.. وشعر جيرانها بوفاتها بعد يومين.. فجاءت شقيقتها وابن شقيقتها من الاسكندرية لتشييع جثمانها وتدفن في مدافن الاسرة بالقاهرة.. وبدون ان يمشي في جنازتها أحد من الفنانين الذين فتحت لهم الطريق قبل سنوات من مولدهم.. كما لم تقم اسرتها ليلة عزاء لرحيلها واكتفت بوداعها في مثواها الاخير. الميلاد والموهبة ولدت بهيجة اسماعيل حافظ في 4 اغسطس 1908 بحي محرم بك بالاسكندرية من اسرة ثرية سليلة الباشاوات فكان والدها اسماعيل باشا محمد حافظ هو ناظر الخاصة السلطانية. في عهد السلطان حسين كامل. كما كان ابن خالتها اسماعيل باشا صدقي رئيسا لوزراء مصر في عهد الملك فؤاد. تعلقت بهيجة منذ طفولتها بالموسيقي حتي أنها كانت تجيد العزف علي آلة البيانو وعمرها أربع سنوات. كما كان والدها هاويا للموسيقي وعازفا بارعا علي آلات العود والقانون والبيانو. بينما كانت والدتها تعزف ببراعة علي آلة الكمان. فدرست بهيجة الموسيقي علي يد صديق الاسرة المايسترو الايطالي جيوفاني يورجيزي وتمكنت وعمرها 9 سنوات من تأليف مقطوعة موسيقية اعجب بها والدها واطلق عليها اسم "بهيجة" ومع وفاة والدها المبكرة انتقلت بهيجة للعيش في القاهرة. ثم سافرت الي باريس لتستكمل دراستها الموسيقية.. فحصلت علي دبلومة في التأليف الموسيقي من معهد الكونسرفتوار بباريس. أول بطلة عادت بهيجة حافظ الي مصر عام 1930 بعدما نالت شهرة واسعة في عالم الموسيقي كأول سيدة مصرية تقتحم ميدان التأليف الموسيقي حتي ان مجلة "المستقبل" نشرت صورتها علي الغلاف وهي مرتدية البرقع والطرحة وكتب تحتها عبارة "أول مؤلفة موسيقية مصرية" وكان يصدر المجلة اسماعيل وهبي المحامي شقيق الفنان يوسف وهبي وتصادف ان شاهد الغلاف المخرج محمد كريم الذي كان يبحث عن بطلة لفيلمه السينمائي الاول "زينب" فعرض عليها بطولة الفيلم خاصة ان يوسف وهبي رفض ترشيح الفنانة أمينة رزق لتلعب البطولة فرحبت بهيجة بأن تعمل في السينما رغم انها لم تمثل اطلاقا.. ولم تكتف بذلك بل وضعت الموسيقي التصويرية له والتي وصلت الي 12 مقطوعة موسيقية لتحقق نجاحا جديدا بمؤلفاتها الموسيقية في عالم السينما وفي نفس الوقت رفضت اسرتها العمل بالسينما كممثلة لدرجة ان شقيقتها شيدت سرادق بجوار المنزل وتلقت العزاء فيه. بالرغم ان بهيجة كانت اول بطلة في السينما المصرية الا ان تاريخها السينمائي لم يتعد ال9 افلام ما بين تمثيل وتأليف واخراج ومونتاج وانتاج وتصميم ملابس وتأليف الموسيقي التصويرية.. وافلامها زينب في السينما الصامتة ثم الضحايا التي أعادت انتاجه ليكون نادلتا ثم افلام "الاتهام - ليلي بنت الصحراء - ليلي البدوية - سلوي - زهرة السوق - السيد البدوي - القاهرة 30". اول جائزة نالت أول جائزة في السينما عندما اعادت انتاج فيلم الضحايا عام 1932 وادخلت الصوت بعدما كان يعرض صامتا وفي عام 1936 قدمت اضخم انتاج في ذلك الوقت لفيلم ليلي بنت الصحراء مع حسين رياض وراقية ابراهيم وعباس فارس وبلغ تكلفته 18 الف جنيه وكان اول فيلم مصري يستخدم اللغة العربية الفصحي ولكن هذا الفيلم صدر قرار ملكي بمنع عرضه داخليا وخارجيا بعدما اعتبرت دولة ايران انه اساءة الي تاريخ كسري انو شروان ملك الفرس وكانت وقتها الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق متزوجة من شاه إيران رضا بهلوي فتكبدت بهيجة خسائر فادحة وفي محاولة لانقاذ الفيلم اعادت تصوير مشاهد جديدة وبدلتها بأخري واطلقت علي الفيلم "ليلي البدوية بنفس ابطاله الا انها توقفت عن الانتاج عشرة اعوام لتعود بانتاج فيلم "زهرة السوق" مع علوية جميل وصلاح منصور ومحمد توفيق وغناء الصوت الصاعد حينذاك وديع الصافي.. الا ان الفيلم لم يحقق عام 1947 النجاح المطلوب فتوقفت نهائيا عن الانتاج والتمثيل.. الا انها عادت عام 1966 بدور صغير في فيلم "القاهرة 30" لتلعب دور الأميرة مع سعاد حسني وأحمد مظهر واخراج صلاح أبوسيف.