ما أن أغلقت محافظة القاهرة كوبري السيدة عائشة للبدء في إصلاح عيوبه الهندسية وتطويره إنقاذاً لأرواح تزهق.. ووقفاً لنزيف دماء تلطخ مسطحه الحديدي جراء حوادث كارثية تقع عليه من حين إلي آخر.. ازدحمت الطرق.. وتكدست السيارات.. وأصيب محور صلاح سالم وشارع مجري العيون وميدان السيدة عائشة نفسه بالشلل المروري.. وبالتالي فشلت الخطة التي وضعتها اللجنة الفنية المشكلة لوضع التعديلات المرورية اللازمة. أعيد فتح الكوبري المعروف بكوبري الموت في اليوم التالي لإغلاقه وتوقفت أعمال إصلاحه لإشعار آخر.. ليظل الكوبري مصيدة للأرواح لحين الإصلاح. "الجمهورية" تتابع التفاصيل وترصد الواقع أولاً بأول في الميدان وكوبري السيدة عائشة لحين تقرير المصير. الحال عاد إلي ما هو عليه فوق الكوبري والذي ظل يحصد الأرواح علي مدار 30 سنة منذ إنشائه ولقب ب "مصيدة الحوادث" بسبب الفتحات المتسعة التي تعوق حركة السيارات ومنحدره الخطير الذي يؤدي إلي انزلاق السيارات وكبر حجم الفواصل الخرسانية التي تحولت لمطبات. وكانت محافظة القاهرة قد أعلنت منذ ما يقرب من عام عن أعمال تطويره والميدان معاً حفاظاً علي التراث التاريخي لميدان السيدة عائشة ومنع تكرار الحوادث عليه فميدان السيدة عائشة يعد مدخلاً للقاهرة التاريخية والأماكن الأثرية الهامة إذ يمثل المدخل الشرقي للقاهرة القديمة ويشرف علي أجمل مناطق القاهرة التاريخية كالقلعة ومسجد السلطان حسن والسيدة نفيسة وعلي الأطراف منطقة الكنائس لذا كانت إعادة تخطيط الميدان أمراً لا غني عنه بالشكل الذي يتناسب مع أهميته وقدسيته. وبالرغم من محاولات البدء في الإصلاح وإعادة التخطيط للميدان إلا أن الزحام والتكدس المروري أصبح عائقاً منيعاً أمام تطويره. وبالرغم من تخصيص أماكن خاصة للباعة الجائلين ومواقف رسمية للميكروباص إلا أن عدسة "الجمهورية" رصدت عدم التزام الباعة بالأماكن المخصصة لهم إذ قاموا بغلق الشوارع الفرعية للميدان فلا يكاد يستوعب سيارة واحدة للمرور والمارة معاً وكذلك فوضي الميكروباص وعدم التزامه بالمواقف المخصصة له حتي أتوبيسات النقل العام تزاحم الميكروباص وتقف بمنتصف الشارع للحاق بالزبائن قبل الميكروباص. كريم حمدي علي يعمل بإحد المكاتب الخاصة وأحد شهود العيان عن حال الميدان والكوبري حيث يرتاد الميدان يومياً ذهاباً وإياباً ويكشف أن كوبري السيدة عائشة تم إغلاقه الأسبوع الماضي ليوم واحد وتم تحويل حركة السيارات لأسفل الكوبري ورغم أن الجهات المعنية قد أعلنت أن الغلق لحارة مرورية واحدة إلا أن الغلق كان للحارتين وقد تسبب هذا في شلل مروري لقلب القاهرة ومن الميدان لصلاح سالم ووسط القاهرة.. وفي اليوم التالي أعيد افتتاح الكوبري وتوقفت أعمال الصيانة والتطوير وبالنسبة للميدان فالباعة أسفل الكوبري أكثر من السيارات والميكروباص ليس له ضابط أو رابط والميدان يعج بالباعة الجائلين كأكبر سوق تجاري عشوائي لذا لا نلحظ التطوير. ومن واقع خبرته كسائق ميكروباص بالميدان يؤكد سيد أبوالحمد نور الدين أن إعادة تخطيط المنطقة بالكامل أمر لا بديل عنه باعتبار الميدان مدخلاً للقاهرة التاريخية والأماكن الأثرية وكمحور شمالي وجنوبي لقلب القاهرة. ويكشف أنه رغم تخصيص مواقف للميكروباص إلا أن معظم السائقين لا يلتزمون بها إلا في حال وجود رجل المرور الذي يرصد ويسجل المخالفات وما أن يختفي للحظات يتحول الميدان لساحة من الفوضي والعشوائية بين مركبات النقل البطيء والسريع والنقل العام وعشوائية الباعة فالميدان لايزال يحتاج للكثير من الانضباط والالتزام حتي تتمكن الجهات المعنية من تطويره بالشكل الأمثل.. مشيراً إلي الموقف المخصص للميكروباص بجوار ورش الرخام والذي يتكاسل الزبائن في الوصول إليه منتظرين الميكروباص وهو قادم بمنتصف الطريق لإنزال الزبائن والصعود السريع. وكشاهد عيان يؤكد أن كوبري السيدة عائشة يقع عليه حوادث كارثية جميعها تنتهي بالموت المحقق ولايزال النقل الثقيل في أوقات الصباح الباكر يصعد الكوبري في غفلة من رجال المرور رغم التحذيرات وصعوبة سير النقل علي هذا الكوبري الذي لم تجر معه أي محاولات للإصلاح فلازال جسم الكوبري متصدعاً وأسواره متهدمة. ويتفق معه نادر يوسف موظف يرتاد الميدان يومياً في ضرورة تحقيق الانضباط لميدان السيدة عائشة ومنع صعود النقل الثقيل أعلي الكوبري للحد من الحوادث المتكررة ويري من الضروري إقامة أنفاق لسحب الكثافة المرورية من الميدان فالمنطقة بالكامل تعاني من كثافات سكنية ومرورية ومساكن عشوائية حيث يوجد بها أكبر تجمع لحرف البناء في مصر وأسواق تجارية يومية وأسبوعية لذا أصبحت الفوضي علامة لهذا الميدان الحيوي وضرورة تطويره بالكامل مع مراعاة النظر لكوبري الموت الكارثي بأعمال التطوير التي بدأت وانتهت كما لم تكن. في السياق ذاته يؤكد وجيه عبدالمقصود موظف أن كوبري السيدة عائشة أصبح شبحاً يهدد قائدي المركبات ما أن تقترب منه ذهاباً أو إياباً كان عليك قراءة الفاتحة فالمنحنيات الدائرية أعلي جسم الكوبري تدفع السيارات للاصطدام بالأسوار المتصدعة لتندفع فوق رأس المارة والباعة الجائلين أسفله وكان من الضروري إعادة النظر في إصلاح عيوب هذا الكوبري وتطوير الميدان التاريخي بأكمله ولكن يا فرحة ما تمت توقفت أعمال التطوير ورجع الميدان يعج بالعشوائية وعدم الالتزام والانضباط. ويقول أحمد مصطفي عامل أرزقي أعمل بميدان السيدة عائشة منذ ثلاثين عاماً وفي مطلع الشهر الحالي تم وضع علامات إرشادية ولافتات بغلق الكوبري وتحويل مسار المركبات أسفل الكوبري حتي أواخر سبتمبر لاستكمال أعمال التطوير إلا أن غلق الكوبري تسبب بشلل مروري واضطرت معه الجهات المعنية لفتح الكوبري وتوقفت أعمال التطوير أعلي الكوبري. ويتفق معه خليل نجيب موظف في ضرورة اتخاذ الخطوات الجادة نحو الانتهاء من تطوير كوبري السيدة عائشة والميدان بالكامل حفاظاً علي أرواح المواطنين.. وإنقاذاً لتراث المنطقة التاريخي.. بما يستوجب معه نقل الباعة الجائلين للأسواق المخصصة لهم والتزام الميكروباص والنقل العام بالمسارات المخصصة حتي يكون للميدان شكل ورونق حضاري يليق به. ويشهد بأن الفوضي تعج بالميدان من كل جانب ولا يوجد للانضباط أو الالتزام أي شكل من الأشكال لذا تحتاج الجهات المعنية إلي تفعيل دورها في الانضباط المروري والسلوكي تجاه كل المتعاملين مع الميدان من باعة ومحلات وسائقين. ووفقاً لبيان حصلنا عليه من إدارة العلاقات والإعلام بالمحافظة فإن العمل في تطوير كوبري السيدة عائشة يتزامن مع تطوير الميدان بالكامل وإعادة القيمة التاريخية للمكان وأن العمل بكوبري السيدة عائشة تم منذ عدة شهور باستخدام أحد البرامج الهندسية في التحليل الإنشائي لتحديد الطرق المثلي لعلاج مشاكل الكوبري ومنع الحوادث مع تحليل كامل لسرعة السيارات المناسبة للسير علي الكوبري وتقوية جميع العناصر الإنشائية مع إضافة المظهر الحضاري المتناسقة مع طبيعة الموقع العام للمنطقة حيث تم إضافة ألواح محورية لجسم الكوبري وتزويد أعمدة مائلة لتقوية الأعمدة العمودية الموجودة ومعالجة كل العيوب التي تتسبب في الحوادث. اللجنة الفنية المشكلة لوضع التعديلات المرورية اللازمة برئاسة اللواء مدير مرور جنوبالقاهرة وممثلي قطاعات البحوث والتخطيط بمرور القاهرة واستشاري المشروع ورئيس حي الخليفة وجهاز هندسة وتخطيط المرور وضعت البدائل المناسبة وخطة العمل أثناء غلق كوبري السيدة عائشة لاستكمال أعمال التطوير أعلاه والتي تشمل أعمال رصف واستعدال أسوار وإزالة السطح العلوي الأسمنتي وضبط الميول العرضية حيث كان محدداً تاريخ 28 يوليو الماضي لغلق الكوبري حتي نهاية شهر سبتمبر علي مرحلتين الأولي غلق الاتجاه القادم من القلعة إلي مجري العيون وبعد الانتهاء يتم الانتقال للاتجاه الآخر. ولكن الغلق الجزئي للكوبري صاحبه تكدس مروري بميدان السيدة عائشة وطريق صلاح سالم وأعيد فتحه أمام السيارات في اليوم التالي. ويؤكد المهندس محسن فتحي استشاري هندسة الكباري أن هناك خطأ في تصميم الكوبري بالنسبة للاتجاه القادم من القلعة إلي الملك الصالح حيث يوجد منحدر شديد تتعرض فيه السيارات لسرعة كبيرة واندفاع شديد مما يجعل السيارات تصل إلي المنحي فوق الكوبري دون أن تحد من سرعتها فيفقد قائدو المركبات السيطرة علي عجلة القيادة وتنقلب السيارة أسفل الكوبري. ويشير إلي أن الكوبري مكون من 4 كمرات طولية مثبتة بطريقة بسيطة وأرضيته متهالكة بشكل كبير وجزء من الأرضية مربوط بألواح معدنية مربوطة بأساس الكوبري مما يصعب مهمة التعامل معه والتعرض إلي أي منها سيؤثر علي باقي الكوبري.. موضحاً أن منزل الكوبري صعب وكذلك المطلع ويفاجأ السائقون بالمنحنيات وهم علي نفس السرعة مما يتسبب في الحوادث. ولحين الانتهاء من إصلاح عيوب الكوبري ينصح استشاري هندسة الكباري سائقي المركبات بضرورة التعامل بحذر من مطلع ومنزل الكوبري وتفعيل قرار منع صعود النقل تماماً أعلي الكوبري لخطورة منحنياته مع تحديد الارتفاعات علي الكباري بحيث يمنع صعود الترلات والشاحنات مع إعادة تخطيط الكوبري بطرق علمية وتوسعة المنحنيات بالإضافة إلي وضع تخطيط متكامل وشامل للمنطقة بأكملها لتخليصها من العشوائيات والمصانع العشوائية حفاظاً علي المظهر الحضاري والتراثي للمنطقة.