كتب - عبدالعزيز السيد: رغم أن رمضان شهر الصيام إلا أن البعض يستغل الشهر الفضيل في الاسراف والتبذير وخاصة في العزائم والولائم مع أن أكثر من نصف هذا الطعام يضيع هدراً في سلة المهملات. الدكتور مصطفي مراد الاستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر يقول: إن الإسراف في الطعام والشراب والكساء وكل أمور الحياة من أعظم الخطايا والبلايا لقول الحق جل وعلا "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين".. وهؤلاء رغم صيامهم إلا أنهم عباد الرحمن ومنها قوله تعالي "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما". وأضاف د. مراد أن الاسراف سمة المشركين والضالين والمجرمين وهذا كله نجم عن هذه المسألة فإن الاسراف لا يقف عند الطعام والشراب بل يتعداه إلي سوء الاعتقاد وسوء المعاملة.. أما التبذير فهو الانفاق في الحرام كالخمور والزنا ونحوهما لقول الله تعالي "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".. وعلي هذا فهؤلاء الذين يسرفون في الطعام والشراب في رمضان ورغم ما تحياه الأمة الإسلامية من ظروف مادية عصيبة وأحوال اقتصادية قاسية فإنهم مغضبون للحق جل وعلا ولرسوله صلي الله عليه وسلم - مغضبون للصالحين. لذا يتعين علي هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم وأن يفهموا خطورة ما يصنعون فإن النعمة تذهب وتمحق وتذهب بركتها وخيرها بالإسراف وإذا أردنا أن يبارك الله لنا في أقواتنا وأموالنا فعلينا أن نأخذ بالاقتصاد ونترك الإسراف والتبذير لقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه". ولكننا للأسف في العالم الإسلامي نبالغ في الاسراف بشكل يندي له الجبين رغم ما نعلم من وجود كثير من الاشخاص الذين ربما يبحثون عن لقمة عيشهم في المهملات والقاذورات. والاخطر ان غير المسلمين يأخذون بالسنن النبوية في الطعام والشراب حيث يأكل كل منهم علي قدر طلبه في حين أن التقديرات التي يذكرها علماء البيئة وغيرهم عن كمية الفاقد من الطعام وغيرها في بلاد المسلمين قد تصل إلي المليارات فهل يصح مني كمسلم أن ألقي كل هذه الأموال والفقراء يموتون جوعا. لقد بلغ الحرص علي عدم الاسراف حدا جعل الرسول - صلي الله عليه وسلم - يقول في حديث شريف "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من أذي وليأكلها ولا يدعها للشيطان". الشاهد من هذا أن الأمة الإسلامية لن تبلغ النجاح الاقتصادي والفلاح في أمور الدنيا كلها إلا إذا رشدت استهلاكها وحسنت من تقاليدها وتأدبت بالآداب العامة مثل الأمم المتقدمة وهذا يجعلها متقدمة من جانب وقريبة من الله عز وجل من جانب آخر. أما الدكتور عادل هندي المدرس بلكية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر يقول: "إن المسلم يصوم ويفطر في رمضان ولكن بوسطية وتوازن واعتدال فلا يشذ عن الفطرة في صيامه ولا إفطاره وعلي الصائم أن يحذر الاسراف والتبذير في الطعام والشراب والكلام لان الله تعالي لا يحب المسرفين في غير رمضان فما بالك في رمضان شهر الاقتصاد والتهذيب للنفس وتقويم للسلوك فاخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم ورمضان فرصة للتخفيف لذلك قال بعض السلف: جمع الله الطب كله في نصف آية "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" والإنسان إذا أسرف في تناول الطعام والشراب لم يستطع له هضما حيث يصاب بالتخمة وقد تصاب المعدة فيفقد المرء شهيته للأكل كما يؤدي إلي البدانة ناهيك عن أمراض السكر والقلب والمبالغة في تناول الاطعمة يعطل الصائم عن العبادة من صلاة القيام والتهجد والذكر وقراءة القرآن والله تعالي لا يحب المسرفين. وأضاف د. هندي أن الإسلام نهي عن الإسراف في المرافق العامة مثل مياه الشرب والري والوضوء وفي الكهرباء وكذلك الإسراف في التباهي في إعداد الولائم والعزائم في افطار رمضان حيث يوكل منها القليل وتلقي معظم الاطعمة في القمامة رغم حاجة الفقراء إليها. ولقد دعانا الصيام إلي الاقتصاد في كل شيء من خلال الجوع والعطش لنشعر بفقراء الأمة الذين لا يجدون ولقد كان ابن عمر لا يأكل حتي يؤتي لمسكين يأكل معه.. وكان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء". وقال د. هندي إن شهر رمضان هو شهر التقوي والتقرب إلي الله تعالي بصالح الاعمال إلا أن الكثير من الناس يبالغون في شراء من مالذ وطاب من الطعام والشراب والكساء وغير ذلك.