بعد إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القمة التي كانت من المقرر أن تجمعه بالزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون في سنغافورة الشهر القادم. بدأت التكهنات تتصاعد للبحث عن أسباب مقنعة لهذا القرار المفاجئ والمتوقع في نفس الوقت. الغريب أن من بين الدول التي كان اسمها يتردد بشكل مستمر في الأزمة الكورية . مثل الولاياتالمتحدة والصين وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية . كانت هناك دولة أخري غير معنية بالبرنامج النووي لبيونج يانج وتبعد عن شبه الجزيرة الكورية آلاف الأميال ولم يذكر اسمها إلا في إطار التهديدات . يمكن اعتبارها كلمة السر في تأزم الوضع من جديد بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية وهي ليبيا. كان للتهديدات الأخيرة التي أطلقها مستشارون أمريكيون بشأن احتمال أن يواجه زعيم كوريا الشمالية مصير معمر القذافي دور في إغضاب بيونج يانج. حيث يري محللون أن تلك الإشارات كانت متعمدة وتهدف لاستفزاز كيم يونج أون. التلويح بمصير القذافي أزعج الزعيم الكوري . الذي وجد أن تطوير البرنامج النووي لبلاده يعتبر الدرع الأكثر أمنا له في مواجهة الولاياتالمتحدة .. فبعد أن تخلي الرئيس الليبي عن برنامجه النووي في أوائل العقد الأول من القرن الحالي مقابل تخفيف جزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة علي ليبيا وتحقيق مكاسب أخري لبلاده . كان مصير القذافي القتل بيد شعبه خلال ما عرف بثورات الربيع العربي عام 2011. وبحسب تقرير أوردته وكالة الأنباء الكورية الرسمية علم 2016 . لم تسلم العراق بعد صدام حسين أو ليبيا بعد القذافي من الدمار رغم تنازل الرئيسين العربيين طواعية عن الأسلحة النووية. يذكر أنه في الوقت الذي كانت فيه الصحف العالمية تتناقل أنباء الانفراج الشديد في الأزمة الكورية الأمريكية . كان مستشارو ومسئولو البيت الأبيض يلوحون بتهديدات جددت حرب التهديدات بين واشنطنوبيونج يانج. علي سبيل المثال . تطرق جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي أكثر من مرة طوال الفترة الماضية عن "النموذج الليبي". قائلا إن "كوريا الشمالية عندما تسمع عن "النموذج الليبي" فإنها ترتد". وشدد علي ان بيونج يانج كانت عازمة علي التمسك بأسلحتها النووية تحديداً من اجل تجنب مصير القذافي. تلك التصريحات التي دفعت نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي كيم كي جوان يهدد بالانسحاب من القمة المزعومة مع ترامب. حيث ذكر في بيان "لا نخفي شعورنا بالاشمئزاز تجاه بولتون". كما كرر نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس استخدام مصطلح " النموذج الليبي" في حديثه عن الأزمة الكورية .. ورغم ذلك تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجنيب نظيره الكوري مصير القذافي وتقديم حماية أمنية له مقابل تفكيك برنامجه النووي . لكنه أكد في الوقت نفسه أن ما فعلته بلاده في ليبيا والعراق ممكن أن يتكرر مع كوريا الشمالية إذا لم يتم التوصل إلي "صفقة" ترضي جميع الأطراف. من هنا كانت "ليبيا" هي الشفرة التي تحولت بها بوصلة الأزمة الكورية من مؤشر يميل إلي السلام والتهدئة إلي عودة جديدة للحرب الكلامية والتجارب الصاروخية.. وقد أعاد خطاب ترامب الذي قرر فيه إلغاء القمة مع كيم إلي الأذهان التصريحات "النارية" المتعلقة ب "زر" النووي الذي يملكه الحانبان . حيث حمل الرئيس الأمريكي في خطابه كوريا الشمالية المسئولية عن إلغاء اللقاء "بسبب كمية الغضب والعداوة التي تسود الخطاب الكوري الشمالي". علي حد تعبيره.