دائما.. يسجل الشعب المصري مواقف وطنية تاريخية تؤكد وعيه ووطنيته واستقلال قراره وحرية إرادته. دائما.. يرفض هذا الشعب الأبي الوصاية عليه من أية جهة داخلية أو خارجية ويظل قرار كل مصري حر شريف من رأسه حتي ولو كان محدود الثقافة والوعي السياسي باستثناء هؤلاء التابعين الأذلاء الذين ارتضوا أن يعيشوا خرافا تقاد الي حيث يريد قادة الجماعة. بعد حادث التفجير بالإسكندرية قبيل بدء الانتخابات الرئاسية بساعات ظن البعض أن نسبة المشاركة في الانتخابات قد تقل خاصة بعد تداول تهديدات لتنظيم داعش عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحذر المصريين من الاقتراب للجان الانتخاب لكن كان للمواطنين في مختلف محافظات مصر رأي آخر فقد اصطفوا أمام اللجان رجالا ونساء ومن مختلف الأعمار منذ الصباح الباكر ولم يلتفتوا لتهديدات الارهابيين وسجلوا مشاهد حضارية ووطنية رائعة طوال أيام الانتخابات لم نشاهد مثلها في أية دولة في العالم الذي يتغني بشعارات الوعي السياسي. لم نشاهد في أية دولة في العالم مريضا يذهب الي لجنة الانتخابات بسرير المرض وفي رفقة مسعفين إلا في مصر.. لم نشاهد هذا العدد الكبير من كبار السن المقعدين يذهبون الي لجان الانتخاب بالكراسي المتحركة أو محمولين من ذويهم إلا في مصر.. لم نشاهد بهجة المشاركة في الانتخابات من الرجال والنساء والذهاب الي اللجان بالعلم الوطني والغناء والرقص أمامها إلا في مصر. ***** ما فعله المصريون في الداخل والخارج أحرج قوي الشر التي توهمت أن حملات التحريض التي قادتها جماعات ضالة ودول مارقة سوف تصيب المصريين بالاحباط وتدفعهم الي الجلوس في منازلهم أو الانشغال بأعمالهم والتعبير عن إحباطهم. بعدم الخروج الي صنادق الاقتراع.. لكنهم خيبوا ظنون الأشرار وأصابوا المتآمرين بحسرة لم يتوقعوها.. خرجوا وحولوا لجان الاقتراع الي مهرجانات وطنية.. غنوا ورقصوا علي أنغام الموسيقي والأغاني الوطنية وانتخبوا رئيسهم رغم إيمانهم جميعا بأن النتيجة محسومة والرئيس القادم معروف. بكل المقاييس كانت الانتخابات محسومة النتيجة والرئيس القادم معروف.. هذه حقيقة يدركها كل المصريين في الداخل والخارج وبالتالي رأي البعض أنه لا فرق بين ذهاب مليون وذهاب عشرة ملايين الي لجان الانتخابات.. لكن وعي هذا الشعب بأن المشاركة في حد ذاتها لها قيمتها السياسية والوطنية وأن عدم المشاركة يعني الاستجابة لأعداء الوطن في الداخل والخارج. ولذلك أصروا علي الخروج ليس لحسم النتيجة لصالح شخص يقتنعون به ويفضلونه علي غيره. ولكن لكي يؤكدوا مساندتهم للوطن ووقوفهم في وجه كل أعدائه. في كل لجان الانتخابات المنتشرة في قري ومدن مصر من أقصاها الي أقصاها أدلي المصريون- من مختلف الأعمار ومن مختلف المستويات الاجتماعية- بأصواتهم بحماس وبهجة. فهم جميعا يدركون أن المشاركة" وفاء للوطن" قبل أن تكون مساندة لشخص وأن واجب المصري الوطني أن يقف مع وطنه في مختلف الظروف.. هذه الصلابة الوطنية لا يتمتع بها إلا أبناء مصر المخلصين. ولولا هذه الصلابة لكانت أحوالنا الآن لا تختلف عن أحوال دول عربية كثيرة ضربتها الفوضي التي حملت شعارات ثورية زائفة ودمرها الفوضويون وأصبح أهلها بين قتلي ومشردين بعد تخريب ديارهم وحرق الأخضرواليابس في بلادهم. ****** ستظل مصر عصية علي الفوضي. وسيظل شعبها صامدا في وجه كل الفوضويين.. سيظل الشعب المصري قويا وعنيدا في وجه كل الخونة الذين باعوا هويتهم الوطنية بأبخس الأثمان من أجل كراسي حكم زائلة وجلبت لمن جلس عليها كل المصائب.. ستظل المشاعر الوطنية الصادقة هي التي تقود المصريين وتحكم تصرفاتهم ومواقفهم في كل وقت حتي ولو كانوا يعانون من الغلاء وسوء المعيشة.. وهذا هو الفارق بين الشعب المصري وغيره من شعوب العالم.. عربية وغير عربية. ***** أعتقد أن رسالة الشعب المصري قد وصلت.. وصلت للأشرار الذين يتوهمون أنهم قادرون علي بث الفتنة بين المصريين.. وسيظل هذا الشعب مفعما بالمشاعر الوطنية محبا لتراب هذا الوطن متحديا كل الخونة قادرا علي قهر وهزيمة كل المتآمرين حتي ولو تفاقمت معاناته واستمرت مشكلاته.. فالمشاعر الوطنية جينات لا تتغير في نفوس المصريين الشرفاء. وهنا ينبغي أن يتخلي المحبطون والمرضي النفسيون عن النظارة السوداء التي يضعونها علي عيونهم كل الوقت.. عليهم أن يتخلوا عن مشاعر الاحباط التي تسيطر عليهم والتي تقتلهم كل يوم وأن يتأكدوا أن القادم سيكون أفضل إن شاء الله فالدولة في مرحلة بناء واصلاح جديدة وأننا جميعا ننتظر ثمرة ذلك في المستقبل القريب وأن ما نراه من خلل ومظاهر فساد علينا أن نواجهه بالقانون وبالمواقف الايجابية وليس بالشائعات والأكاذيب والانضمام الي كتائب المحرضين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. مصر تحتاج الي أشخاص يسيطر عليهم الأمل ليدفعهم الي مزيد من العمل والانتاج.. وليس الي محبطين يسيطر عليهم اليأس ليظلوا طوال الوقت يرددون شائعات عبر فيس بوك وتويتر.