* أيام معدودة ويكتب المصريون تاريخهم من جديد. باختيار رئيسهم عبر انتخابات حرة ونزيهة لا وصاية لأحد عليها . ينتصرون لإرادتهم الحرة ويمنحون الشرعية لمن يقدرها ويستحقها ويصون أمانتها..يذهب المصريون إلي صناديق الانتخاب في أجواء احتفالية لا تجاذبات فيها ولا استقطابات ولا صراعات. فرحين بما حققه الجيش والشرطة من انتصارات في معركة الإرهاب وبما تحققه الدولة من إنجازات في معركة البناء والبقاء. المصريون يعلمون يقيناً مقدار ما حققه الرئيس السيسي من إنجازات تراها أعينهم في كل مكان تطؤه أقدامهم علي أرض الكنانة ..فها هم ينعمون بالأمن والأمان الذي حرموا منه غداة أحداث يناير 2011 جراء ما وقع من انفلات طال كل شيء في حياتهم ..وها هم يشعرون بوجود الدولة قوية بعدما استعادت هيبتها واستردت عافيتها وعادت مؤسساتها قوية تمارس دورها بحيوية واقتدار في الداخل والخارج. يدرك المصريون في هذه اللحظة الفارقة من هو منقذهم في ساعة الشدة. و في لحظات الضيق والخطر. ومن هم مخلصهم من الجماعة الإرهابية التي جثمت علي صدورهم في غفلة من الزمن ولولا انحياز الجيش وقيادته الوطنية لإرادة الشعب الغاضب في 30 يونيو لدانت لها السلطة إلي أمد غير محدود. ربما يتخلف عن أداء الواجب الوطني في صناديق الانتخاب من كان يطلق عليهم في عهد مرسي "عاصرو الليمون" أو من يطلقون علي أنفسهم "ثوار" أو "نشطاء" أو "نخبة" أكلت بلا حياء علي كل الموائد. أو "معارضة" لكنها معارضة من أجل مصالحها الذاتية لا من أجل صالح الوطن.. لكن ماذا يمثل هؤلاء إذا ما قيسوا بالسواد الأعظم من الشعب المصري أو حتي بما يسمي حزب الكنبة الذي سرعان ما ينهض واثباً إذا ما استشعر خطراً علي دولته من هنا أوهناك. نقول للمرشح السيسي ..أهلاً برجل الأقدار والمعارك المصيرية وفي صدارتها تنمية الوطن وإصلاح الاقتصاد بصورة حقيقية. وتحصين جبهتنا الداخلية ضد رياح الفتن والاستنزاف والإضعاف والفقر والمرض والتخلف والفساد. نقول للمصريين.. لقد تحملتم السنوات الأصعب بعد أحداث يناير وما تلاها من توقف للإنتاج وشيوع للفوضي واستهداف للجيش والشرطة ..وها هي الأحوال تتحسن وسوف تتحسن أكثر فأكثر بفضل وقوفكم خلف دولتكم والتحام صفوفكم والابتعاد عن السلبية أو الاستسلام لشائعات المغرضين ..وكما كنتم دائماً علي قدر التحديات فنرجو أن تواصلوا تحمل المسئولية بعزم وإصرار. وأن تخرجوا بكثافة لصناديق الانتخاب لتثبتوا للعالم أن مصر قادرة علي اختيار رئيسها. واستقلال قرارها الوطني. وكما لم تخافوا يوماً من تهديدات الإرهابيين. ولم تستسلموا لغواية أهل الشر وافتراءاتهم الكاذبة ودعاواهم بأن الانتخابات محسومة سلفاً لصالح السيسي. وهو ما يروجه كتائب الإخوان وأعداء مصر في الداخل والخارج ..فليكن الرد العملي من المصريين هو الخروج بالملايين للإدلاء بالأصوات في انتخابات الرئاسة الوشيكة ليقدموا للعالم أروع الأمثلة في النضال والتعبير عن الرأي بحرية تامة دون وصاية من أحد وهو ما يمثل صفعة قوية علي وجه من طالب بمقاطعة الانتخابات. المصريون يظهر معدنهم النفيس في الشدائد. ودائماً ما يبهرون العالم بروعة إنجازاتهم وأعمالهم ومواقفهم » فعلوا ذلك منذ فجر التاريخ وقدموا للإنسانية حضارة لا تزال هي الأعرق..كما حققوا في العصر الحديث انتصارات لا تزال ملء السمع والبصر ولعل أبرزها انتصار أكتوبر العظيم ..ولم يتوقف إسهامهم في رسم مسارات العالم والمنطقة وخرائطها السياسية ..مثلما فعلوا بخروجهم العظيم بالملايين في 30 يونيو ليقولوا للإخوان كفي.. ويقولوا للغرب لا عودة للفوضي ولا مجال لتقسيم مصر ومحيطها العربي. علمتم البشرية كيف يكون التغيير السلمي أمضي الأسلحة في وجه المؤامرات والفتن وميليشيات العنف ..لم تعيروا فتاوي الخراب والدمار اهتماماً .بعد ما عرف بثورات الربيع العربي - وأنتم أكثر أهل الأرض تدينا.. بل تجاهلتم بحس إيماني عميق ما صدر عن القرضاوي رجل قطر وحامل جنسيتها وعرّاب مشروعها الخبيث لتفتيت الدول العربية وهدم جيوشها وأركانها لجعلها لقمة سائغة في أفواه جماعات العنف والإرهاب ومن يمولونهم ويمدونهم بالمعلومات والسلاح. المصريون-كعادتهم- يكتبون تاريخهم بل تاريخ العالم كله بأيديهم..وإذا كان أوباما قد اعترف بخطئه في سوريا وليبيا التي اغتيل سفيره فيها بدم بارد فإن التاريخ سوف يكشف عما فعله لتخريب دول العالم العربي والإسلامي. وعن خطيئته الكبري في مصر حين ناصر الإخوان علي حساب الشعب المصري وأنفق مليارات الدولارات لأجل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كان ينبغي للكونجرس أن يحاسبه عليه وعلي أخطائه الكارثية الناتجة عن سياساته الخارجية..أما حسابه الأكبر فسيكون أمام الله.. ولن يغفر له التاريخ تجاوزاته في حق أرض الكنانة التي ما رماها أحد بسوء إلا ارتد عليه وسقط في مزبلة التاريخ. تصويت المصريين لمن يرغبون في اختياره رئيساً لمصر سيكون صفعة قوية لمشروع الشرق الأوسط المزعوم . وثورة أخري لاستكمال مسيرة البناء والتعمير والإصلاح. وتطهير البلاد من فلول الإرهابيين ومن موجات العنف والخراب التي هبت علي أسنة المتأسلمين الجدد الذين أضروا بصورة الإسلام ونقائه الروحي أبلغ الضرر» وقدموا لأعدائه فرصة ذهبية لتشويهه والطعن فيه بيد بعض المنتسبين إليه زوراً وبهتاناً بممارسات شائنة بالغة القبح والبشاعة والدموية لدين أوصي بالتسامح والعفو والحفاظ علي آدمية الإنسان وكرامته بصرف النظر عن جنسه أو لونه أو انتماءاته. وسوف يكتب التاريخ أن المصريين هم أول من اجتث جذور تلك الشجرة الخبيثة من أرضهم التي احتضنت بذرتها الأولي منذ أكثر من 80 عاماً. تصويت المصريين بكثافة يكتب كلمة النهاية لحروب الجيل الرابع والخامس التي أريد بها هدم الدول وتفجيرها من الداخل بأيدي حفنة من أبنائها الذين أضلهم المال وأعماهم الحقد والغل..الخروج الكبير للناخبين يعني ببساطة أنهم اختاروا رئيسهم بكامل إرادتهم دون خضوع لمشيئة أحد. لا أمريكا ولا إسرائيل .. ويعني كذلك وعي المصريين واستنارتهم ورغبتهم في إنقاذ بلدهم من مخططات الهدم والدمار التي حيكت لهم. ولسوف يذكر التاريخ شئنا أو لم نشأ أن الرئيس السيسي انحاز للشعب الذي خرجت ملايينه تطالب بإزاحة الإخوان عن الحكم ..وانحاز للدولة الوطنية وهويتها دون تردد. وحمل روحه علي كفه حين قرر السباحة ضد تيار عاتي يمثله أهل الشر في الداخل والخارج..ولمن لا يرون جسامة هذه التضحية أن يسألوا أنفسهم: ماذا لو فشلت مساعي السيسي وتمكنت منه الجماعة الإرهابية..ماذا كانت ستصنع به وبنا.. ألم يكن مصيرنا هو نفسه مصير سوريا وليبيا.. وهل يئست قوي الشر من تنفيذ مخططاتها.. أم أن آلة الفتنة لا تزال تعمل بكفاءة للإيقاع بمصر وأهلها في براثن المجهول.. ولمَ لا والمنطقة العربية لا تزال في مخاض صعب . ولا يزال نفطها وخيرها مطمعاً لكل من هب ودب .. ولا تزال قوي الاستعمار القديم تتأهب للعودة من جديد لالتهام ثرواتنا الطبيعية تحت أشكال جديدة من الاستعمار وعبر تخليق تنظيمات عنيفة تخوض ضدنا حربا شرسة بالنيابة عنها.. ثم تعود إلينا بعد التخريب لتشن حلقة جديدة من الاستنزاف بدعوي إعادة الإعمار الذي جري تخريبه من البداية علي يديها لتلتهم ما بقي من الكعكة المنهوبة. ما يجري في ليبيا من محاولات مستمرة لتهريب السلاح لجماعات العنف والدمار ليس بعيدا عن الأمن القومي لمصر وهو أمر لا ينبغي غض الطرف عنه أو التهاون معه بأي صورة وتحت أي ظرف ..فإذا كان مشروع الإخوان قد انتكس في مصر وتقهقر في ليبيا وتراجع في تونس وامتنع في السعودية والإمارات..فليس ذلك نهاية المعركة..وليس معناه أن الحرب وضعت أوزارها.. صحيح أن الفكر الإرهابي غير قابل للحياة في هذه التربة التي لفظته .لكن ذلك لا يعني الاستسلام للدعة والكسل في مواجهته بل علينا الحذر والانخراط في معركة الفكر والثقافة والتجديد الديني والبناء بالعلم لتحصين عقول الأجيال الجديدة حتي تستعصي علي أي اختراق قد يتسلل إليها لتجنيدها في صفوف ميليشيات الإرهاب في غفلة منا ومنعا لأي محاولة جديدة لاستنبات هذا الفكر في تربتنا. لاشك أن التاريخ سوف يقف طويلاً بالفحص والدرس أمام السنوات الثلاث التي تلت أحداث يناير 2011 ليكشف المؤرخون بالوثائق والأدلة كيف انفجرت أحداث 25 يناير ..من دبّر ومن خطط..من خرج بتلقائية وعفوية ونقاء.. ومن ركب الموجة وسرق غضبة الشباب واسترزق منها واتخذها سبوبة لكسب المال الحرام ولو علي أنقاض الوطن ودماء الشهداء الأبرياء من الجيش والشرطة والمدنيين.. كيف انحرفت المسارات وإلامَ آلت النهايات والخواتيم ..وكيف تسارعت وتيرة السقوط والعقاب للمخطئين.. وكيف لفظت مصر الخونة والمرتزقة وطلاب السلطة..وكيف غُلت أيدي العابثين بأمن مصر من أجهزة مخابرات وعناصر أجنبية اجتمعت أهدافهم علي النيل من مصر وضرب استقرارها..ومن يرجع لكلام راشد الغنوشي -وهو قطعا شاهد من أهلها-سوف يدرك كيف خلص الله مصر من أيدي جائعي سلطة غلبت عليهم شهوتهم. فاستحوذوا علي كل شيء وأغرتهم المكاسب. وظنوا أنها حق مكتسب لا يحق لأحد أن ينازعهم فيها حتي جاءتهم صفعة القدر بثورة 30 يونيو التي فضحت مخططهم وزلزلت عروشهم وضربت أحلافهم. قدم المصريون نموذجاً يحتذي في تغيير رئيس لا ينتمي إلا لجماعته وعشيرته واستبدلوه برئيس ينحاز لوطنه وشعبه ودولته ولا يزال المصريون يقدمون نموذجاً في الصبر علي الشدائد والتحمل في مواجهة أعباء الاقتصاد وتبعات إصلاحه وفي مواجهة الإرهاب وفي معركة التنمية والإصلاح..وننتظر أن يبهروا العالم من جديد بالمشاركة السياسية الفعالة واختيار رئيسهم ليتأكد للعالم كله أن ما يجري علي أرض مصر هو ترجمة حقيقية لإرادة شعبها الرافض لأي وصاية. الرافض للإرهاب والذي يملك القدرة علي الفرز والاختيار الرشيد إنه الشعب القائد والمعلم وصاحب القرار الأول والأخير فيما يخص مستقبله ومستقبل أبنائه.