النواقض العشرة للإيمان لمحمد ابن عبد الوهاب هي مركزية. لكل جماعات التكفير الإسلاموية. وكل من جاء بعده كان شارحاً لما جاء به. مثل الشيخ محمد إبراهيم الذي قرر صراحة إن الكفر بالحاكمية ينقسم إلي كفر اعتقادي مخرج من الملة. وهو الكفر الأكبر. وإلي كفر عملي لا يُخرج من الملة. وهو الكفر الأصغر. وكان هذا مستجداً. أخذه كل التيار فيما بعد. حيث تم تقسيم أنواع الكفر الاعتقادي بالحاكمية. المخرج من الملة. إلي: جحود الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله. وأن لا يجحد. لكنه يفضل حكم غير الله علي حكمه. وأن لا يفضل. لكنه يساويه به. وأن لا يفضله ولا يساويه. لكنه يعتقد جواز التحاكم إليه. خطورة صياغة ¢نواقض الإسلام العشرة¢ في أغلبها أنها صياغة عامة مجملة. وبعضها يحتمل أفهاماً مختلفةً ومتباينةً. ما جعل الأبواب مفتوحة علي مصراعيها لتأويلها بحسب قارئيها. فمن كان جانحاً نحو التكفير فإنه سيجد في تلك النواقض ما يسند توجهه. ويغذي نزعته التكفيرية تلك. وعلي سبيل المثال النص الثالث. وهو "من لم يكفر الكافر فهو كافر" فهذا النص المجمل فتح المجال لجماعات الغلو للاستناد إليه في تكفير من لم يكفروه هم. حتي ولو كان تكفيرهم بمكفر لا يراه مخالفوهم مكفرا حقيقيا. وهذا ما فعله داعش فيما بعد. ¢النواقض العشرة¢ بمثابة متون عقدية مقررة عند كل التيارات الإسلاموية. خاصة الجهادوية منها. وهي بصياغتها المجملة والعامة. تحتمل تأويلات متعددة. وقد استندت إليها جماعات الغلو والتشدد في تكفير مخالفيهم من أهل السنة. كما جري في سوريا والعراق مثلاً. الجماعة المحتسبة. كما جماعة التكفير والهجرة . ثم جماعة "الشوقيون" . لم يتباينوا كثيراً في مسألة نواقض الإيمان. وتحدثوا عن الكفر بالطاغوت. أي بداءة الكفر به قبل الحكم بالإيمان. وفسروه وفق ما فسره محمد ابن عبد الوهاب. في الدرر السنيّة. أنه كل ما عُبد من دون اللهپ أبو محمد المقدسي. المنظر المعروف للسلفية الجهادية. رغم أنه يكفر الحكام. إلا أنه استنكر الإفراط في استخدام النواقض العشرة. وقال: إن إساءة استخدام الغلاة لهذه النواقض. وعدم ضبطها بشروط التكفير وموانعه لا يعني إلغاءها أو نقدها. بل التحذير من أخطاء التكفير والتنبيه علي التحقق من أسبابه. والنظر في شروطه وموانعه. لافتا إلي أنه فعل ذلك في رسالته المسماة ب ¢الرسالة الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير¢ . بالفعل لقد قام منظر الإخوان سعيد حويپپبالعمل بالنواقض. وأضاف نواقض غريبة للإيمان ومنها التوكل علي الله. رغم أنها اعمال قلبية. والإخوان قاموا بالفعلپبعملية إحيائية لنواقض الإيمان. وتفصيلها بشكل تم فيه الإفراط في استخدامها. وإضافة نواقض جديدة عليها. وبعدها كان لا بد من سردية للمتون العقدية. فوضحت هنا الفروق بين كل التيار الإسلاموي علي العموم. ما بين من يكفّر بالمعصية. أو بين من ينزل أحكام "الديار" علي قاطنيها. ومن يعذر بالجهل والتأويل. ومن لا يعذر. ومن يحكم علي أعوان الحاكم بالكفر والردة. ومن يحكم عليه بمفرده. ومن يكفر الطوائف كالشيعة علي العموم. ومن يقبل توبة المرتد ومن لا يقبلها. في الإجابة عن سؤال التفكيك للفكر المتطرف. سنجد أن مركزية المعالم الفكرية. كالحاكمية. السيادة. الاستخلاف.. إلخ. بدأت بشكل واضح من محمد ابن عبد الوهاب. الذي طرح ما يسمي "النواقض العشرة للإيمان" ثم تطورت بتراتبية واضحة منهجية تيار الإسلام السياسي العريض. بداية من الإخوان. وحتي داعش. التي توسعت في مسائل التكفير. كتكفير الأعوان. والتكفير باللوازم. وتنظيرها الجديد حول القتل بالمصلحة. إلي المسائل الأخري التي فرقت أيديولوجياً ما بين جماعات متعددة. حول مسائل مثل العذر بالجهل. وأدت إلي بروز تيار جديد يطلق عليه "الحازمي". ورغم الخلاف الحادث بالفعل بين بعض التنظيمات. إلا انها انتهلت من مرجعية واحدة. تحتاج إلي التصدي لها. وإعادة قراءتها وهي ما يسمي ب"نواقض الإيمان".