تصوير: هيثم صبري ما بين أتوبيسات أشبه بعلب السردين و أخري تذهب وتعود بعدد ركاب لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وخريطة توزيع عشوائية ومجاملات فجة للمناطق الراقية وحرمان متعمد للمناطق المأهولة بالسكان تقع هيئة النقل العام. المحظوظون دائماً سكان أطراف القاهرة والمدن الجديدة لديهم عدد هائل من الخطوط وكم أكبر من الاتوبيسات ما بين مكيف وذكي وآخر بوصلة شاحن وشاشة عرض وتذاكر إلكترونية. *. أما المغضوب عليهم من هيئة النقل العام فيذوقون العذاب يومياً تحت أشعة الشمس الحارقة صيفاً والبرد القارس شتاء ليستقلوا في النهاية صندوقاً حديدياً محمول علي 8 عجلات يقوده سائق "قرفان من نفسه" ومحصل "زهقان من الدنيا". فعلي مدي سنوات طويلة ورغم الازمات المتلاحقة التي اعترضت هيئة النقل إلا أنها استطاعت عبورها ونجحت في نقل المصريين لأعمالهم قبل مترو الانفاق حتي أجهزت عليها بعض القرارات العشوائية التي قامت بتفريق مقدراتها بين الوزارات ليتلقط القطاع الخاص طرف الخيط وينافسها ويستحوذ علي خطوطها ويحول الهيئة إلي أطلال. بداية المأساة لم تكن خلال العام أو العامين الماضيين ولكنها بدأت قبل ما يقرب من نصف قرن عقب تأميمها عام 1959 وأصبحت تتبع محافظة القاهرة وانضمت مرة أخري لوزارة النقل من عام 1965 إلي عام 1971 بقرار من الرئيس جمال عبدالناص وشهدت أفضل عصورها في تلك الفترة حتي صدر قرار آخر بضمها إدارياً لمحافظة القاهرة وفنياً لوزارة النقل واعتبار هيئة النقل العام هيئة مستقلة ذات موازنة خاصة لا تخضع للجهاز الإداري بالدولة. أما الانهيار الحقيقي فبدأ بعد عام 2003 حيث كان عدد سيارات الهيئة 4700 سيارة يضمها 28 جراجاً ووصل عدد العمال ل 42 ألف عامل لكن مع تولي حكومة نظيف بدأ الانكسار بإدخال النقل الجماعي وتم تزويد السيارات دفعة تلو الأخري ووصل عدد أتوبيسات النقل العام ل 700 سيارة فقط في 2014 وأصبح عدد الجراجات 24 جراجاً ووصل عدد العمال ل 35 ألفاً بعد ان كان النقل العام المسيطر علي نقل الركاب داخل القاهرة الكبري. وقد فتح انهيار النقل العام الباب لاستحواذ شركات النقل الجماعي علي عدد هائل من الخطوط وانتشار سيارات التاكسي بنوعيه القديم والأبيض بشكل لم يسبق له مثيل. وجاء انتشار "الميكروباص" والتي وصل عددها ل 373 ألف سيارة ليزيد من ضعف الهيئة. وفي النهاية حاولت هيئة النقل العام تبييض وجهها أمام الجمهور فاستعانت بأتوبيسات مكيفة مكثت في الخدمة 20 عاماً وانهارت لعدم وجود قطع غيار تم تلتها الاتوبيسات الذكية التي وصل سعر التذكرة فيها حوالي 5 جنيهات.