أكد مصدر ل "الجمهورية" أن أزمة "البنسلين" يعود تاريخها لمايو الماضي نتيجة القرارات العشوائية من مسئولي الصيدلة بوزارة الصحة الذين لم يلتفتوا إلي تحذيرات إدارة "نواقص الأدوية" التي حذرت من حدوث أزمة خلال الأشهر القادمة وظل الحال كما هو عليه ليتمكن حيتان الأدوية من تحقيق أرباح طائلة من دماء المرضي. وقد بدأت الأزمة بالتزامن مع تعثر الشركة التي تقوم باستيراد "البنسلين" المستورد والتي كانت تغطي 80% من استهلاك السوق وعلي الفور تقدمت إدارة "نواقص الأدوية" بوزارة الصحة بعدة مذكرات رسمية لقطاع الصيدلة بالوزارة تحذرها من اشتعال الأزمة خلال أيام لقلة إنتاج الشركات المحلية. وفي شهر يونيو قامت رئيسة شركة "أكديما" بمخاطبة رئيس الإدارة المركزية بالسماح لها باستيراد العقار عن طريق الطيران وليس البحر لسرعة تغطية الاستهلاك لتجنب حدوث أزمة ولكن تم رفض الطلب بحجة توافر العقار فازداد الطلب علي العقار وارتفع الاستهلاك الشهري من 350 ألفاً إلي 580 ألف عبوة بسبب تخزين المرضي للعقار. ووسط تعنت إدارة الصيدلة في السماح بالاستيراد كانت هناك مجهودات لمنع حدوث الأزمة من قبل إدارة نواقص الأدوية التي خاطبت إحدي الشركات التي تنتج "البنسلين" ويتوفر في مخازنها 120 ألف عبوة وبالفعل تم طرح الكمية تدريجياً بصيدليات الشركة المصرية لتجارة الأدوية ومتابعة الاستهلاك يومياً. وفي أواخر سبتمبر بدأت الأزمة تتضاعف ولم يعد في شركات التوزيع إلا كميات قليلة جداً وتم إخطار رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بالموقف إلا أنها لم تلتف للمذكرة لعدم وجود توقيع مديرة الإدارة وفي أكتوبر تم رفع مذكرة أخري لها بسبب نقص المخزون الذي لم يعد يكفي إلا أربعة أيام فقط. وتحولت المذكرة إلي الشئون القانونية ورغم اشتعال الأزمة استنكرت رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة تتضيع وقتها واصفة "البنسلين" بأنه "صنف تافه" علي حد قولها!! وفور تفاقم الأزمة تم التحرك بشكل فردي من إدارة نواقص الأدوية بعد أن نما إلي علمها قيام شركة المهن الطبية بتجهيز 100 ألف عبوة تمهيداً لتصديرها إلي اليمن وبعد مخاطبتهم استجابت إدارة الشركة للواجب الوطني والمجتمعي وأوقفت التصدير واستدعت موظفيها من اجازة 6 أكتوبر لفك العبوات المجهزة وإعادة تغليفها تمهيداً لطرحها بصيدليات الشركة المصرية لتجارة الأدوية كما تمت مخاطبة المصرية لفتح منافذ بالمحافظات للتسهيل علي سكان الأقاليم. وفي شهر نوفمبر وبعد عدة اجتماعات بين مسئولي شركة "أكديما" وإدارة الصيدلة وافقت مدير الإدارة علي استيراد 100 ألف عبوة ورفضت أن يتم توزيعها عن طريق صيدليات المصرية للأدوية وتقنين صرفها عن طريق "الروشتات" لمنع التخزين ودخول السوق السوداء في اللعبة وتم طرحها في الصيدليات وابتلعتها المخازن خلال ساعات رغم تحذيرها من السيناريو المتوقع والذي حدث بالفعل. ومن ناحية أخري مازالت الطوابير أمام صيدليات الإسعاف من كل محافظات الجمهورية حيث تحتكر توزيع البنسلين بالسعر الرسمي بينما تعدي ثمن الحقنة 200 جنيه في السوق السوداء. وقد أكد عدد كبير من الصيادلة أن الشركات المصنعة للبنسلين لم تورد عبوة واحدة لهم منذ يوليو الماضي. وأضافت د.إجلال فؤاد مديرة صيدلية الإسعاف أن الأزمة بدأت في أغسطس الماضي وقد تم توزيع 60 ألف عبوة حتي أمس وأشار د.أحمد فاروق رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة أنه سيتم خلال أسبوع طرح كميات من البنسلين في الصيدليات بجميع المحافظات تخفيفاً علي المواطنين من عناء السفر. محمد السيد من السيدة زينب يعاني من روماتيزم في القلب ويحتاج لحقنتين شهرياً فوجئ بصرف عبوة واحدة فقط مما يضطره للحضور مرة أخري بعد 15 يوماً رغم أنه يعاني من مرض القلب. حسين جمال جاء من المنيا مؤكداً وجود أزمة شديدة في البنسلين فهو يعاني من مرض الصرع. مصطفي محمد الإسكندرية يؤكد أن البنسلين اختفي من صيدليات الإسكندرية تماماً ولم يستطع توفيره لعمته التي تعاني من الروماتيزم وحضر للقاهرة بعد علمه بتواجده في صيدلية الإسعاف ولم يستطع الصرف بسبب عدم وجود روشتة للعلاج. علي عبدالرحمن منيل شيحة يعاني من فيروس سي والضغط والسكر بحث ولم يجده في جميع الصيدليات. ويشير رأفت فتحي من المنوفية أنه يعاني من ربو وحساسية والبنسلين علاجه الوحيد وكان متوفراً منذ عدة أشهر إلا أنه اختفي من جميع صيدليات مركز منوف والشهداء وأصبح يباع في السوق السوداء حيث وصلت العبوة ل 150 جنيهاً. ممدوح مبروك من القاهرة يقول لي صديق معاق ويعاني من مرض الكبد وعدة أمراض أخري ولا يستطيع الحركة بسهولة لذلك نقوم نحن أصدقاؤه بإحضار الدواء والروشتة تصرف بعبوتين ولكن فوجئت بالصيدلية تصرف لي واحدة ومطلوب العودة مرة أخري لصرف العبوة الثانية بعد 15 يوماً. أما أماني محمد من الخانكة تعاني من مرض الروماتيزم في القلب منذ الطفولة تقول كنت أصرف البنسلين عن طريق التأمين الصحي حتي أنهيت دراستي وتوقف صرف الدواء ولا أستطيع الحركة دونه. قاسم خالد من العجوزة يؤكد أن الأزمة مفتعلة من شركات الأدوية لرفع سعره لذلك من خلال تقليل المعروض في الصيدليات وطرح كميات قليلة جداً عن طريق صيدلية الإسعاف التي تبيع عبوة واحدة بسعر 10 جنيهات مع العلم أنها كانت تباع قبل الأزمة بمبلغ 4 جنيهات. ويتفق معه في الرأي محمد فتحي من المعصرة حلوان قائلاً: أزمة البنسلين تشبه أزمة لبن الأطفال وأدت لرفع ثمن العبوة الواحدة 65 جنيهاً. محمد قدري صيدلي يؤكد وجود نقص حاد في المعروض علي مستوي الجمهورية ولا نعلم السبب لهذا. ويؤكد أحمد جابر صيدلي بني سويف أن شركات الأدوية المصنعة للبنسلين لم تقم بتوريده للصيدليات منذ شهر يوليو الماضي وعند الاستفسار من المندوب لا نجد إجابة شافية فمرة يقول إنها المادة الفعالة التي يتم استيرادها من الخارج ومرة يقول إن خط الإنتاج توقف لعمل إصلاحات وهو يري أن الشركة ترغب في رفع سعره. وتوضح د.إجلال فؤاد شكري مديرة صيدلية الإسعاف بالقاهرة الأزمة بدأت منذ شهر أغسطس الماضي حيث قام رئيس الشركة المصرية لتجارة الأدوية التابعة للشركة القابضة بإبلاغها بوجود أعداد كبيرة من المواطنين يرغبون في الحصول علي البنسلين وتم صرف 100 عبوة ومنذ ذلك الوقت ونحن نعيش الأزمة علي الرغم من صرف أكثر من 60 ألف حقنة منذ أغسطس وحتي الآن. وقد صرح دكتور أحمد فاروق بنقابة الصيادلة أنه خلال أسبوع سيتم طرح كميات من العقار في الصيدليات العامة بجميع المحافظات تخفيفاً علي المواطنين عناء السفر.