لا شك أن الأخلاق هي سمة المجتمعات الراقية المتحضرة. فأينما وجدت الأخلاق فثمة الحضارة والرقي والتقدم. ولما أرسل الله تعالي نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام جعل من مهمات دعوته وصميم رسالته أن يتم الأخلاق ويكملها. فالأخلاق موجودة راسخة برسوخ الأمم ونشوئها قبل النبوة والبعثة. غير أنها كانت ناقصة مسلوبة الروح والمضمون. فجاءت الشريعة الإسلامية لتكملها وتلبسها لباساً يجملها ويجعلها في أحسن صورة. والأخلاق الحسنة هي حالة إنسانية سلوكية يسعي كثير من الناس الباحثين عن الكمال للوصول إليها وإدراكها. والأخلاق ترفع درجة الإنسان في الحياة الدنيا وفي الآخرة. فالناس يحبون صاحب الأخلاق الحسنة الحميدة ويتقربون إليه ويتمنون صحبته وصداقته. فإن كلمة الأخلاق مشتقة من كلمة "الخلق" وهي تعني صفة من الصفات الثابتة التي خلق الإنسان بها دون معاناة. حيث تعتبر مكوناً أساسياً من المكونات التي يشملها الإنسان. كما أن كلمة الخلق من قديم الزمان تقابل كلمة القيم في معاناها في الوقت الحاضر. كما أن الخلق يعتبر المقياس الأساسي لكل إنسان. لذا وصف الله سبحانه وتعالي رسوله الكريم محمد "صلي الله عليه وسلم" بقوله "وإنك لعلي خلق عظيم". حيث تعبر الخلق عن القيم التي يؤمن بها الفرد. أما بالنسبة للسلوك فيعبر عما يتصرفه الفرد من تصرفات في حياته اليومية. وممكن أن يعبر السلوك عن مستوي خلق الإنسان فيمكن أن يكون السلوك متساوياً مع الخلق أو أقل منه لكن لا يمكن أن يتخطي السلوك نسبة الخلق أبداً. ومن هنا فقد دعا الدين الإسلامي وجميع الأديان الأخري. كما حث عليها المصلحون. حيث إنها تعتبر حجر أساس حضارة الشعوب. حيث يتعامل بها الشعوب علي مدار التاريخ كما كان يتغني بها الشعراء أيضاً.. كما أن الأخلاق تلعب دوراً كبيراً في سلوكنا وفي عادتنا وتصرفاتنا كما قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم" "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" حيث أراد الرسول الكريم "صلي الله عليه وسلم" أن يوصل لنا مدي أهمية الأخلاق وما تمثله من قيمة في نفوس الأمة كما أنه يريد من جميع الناس أن يتعاملوا مع بعضهم بأخلاق نابعة من قلبهم وليس بحكم أي قانون أو سياسة إنما نابعة من تصرف الإنسان الداخلي. ولكي تنتشر الأخلاق في المجتمع لابد من وجود أشخاص يعتبرهم الشخص مثلاً أعلي يحتذي به. فالمثل الأعلي يغير مفاهيم مجموعة كبيرة من الناس ممن يؤمنون به وأول مثل أعلي لابد أن يكون حاضراً في الأذهان بعد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. هو الملك أو السلطان الذي يحكم البلاد. والذي لابد من أن يتصف بالعدل والحكمة. فالعدل أساس الملك. وأساس كل الأخلاق الحميدة. فالإنسان لا يشعر بالرضا إلا في ظل دولة يحكمها قانون عادل. قانون لا يميز بين غني وفقير. أبيض وأسود. قانون يعطي الحق لصاحب الحق. هكذا تتقدم الشعوب. وهكذا تولد وتنمو الأخلاق. فالتربة الصالحة تنتج محصولاً صالحاً. والتربة الفاسدة لا تثمر إلا هلاك. فلو تخيلنا مجتمعا لا يحترم فيه أحد الآخر. كما ترك الكل أخلاقه. سنجد أن هذا ينتهك حرمة بيت هذا ويهتك عرضه. كما أنه سوف يقوم بالتعدي علي حقوق هذا دون أن يشعر بأدني ذنب. الأمر الذي يعني فساد المجتمع وتهتك العلاقات لأبعد حد. وعلي قول الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.