قرار زيادة أسعار كروت الشحن أصابت صديقي مندوب المبيعات بالغضب الشديد وصب سخطة ولعناته علي الحكومة التي تأتي دائماً علي الغلابة ولا تأخذ شيئاً من الأغنياء.. وتساءل لماذا لا تأخذ الحكومة من كل رجل أعمال مليار جنيه بدلاً من زيادة أسعار الشحن فالمليار جنيه بالنسبة لرجل الأعمال لا تساوي أكثر من عشرة جنيهات بالنسبة للفقير.. وفجأة جاءه اتصال هاتفي فسكت غضبه. كان الاتصال من زوجته ورفض صديقي المكالمة ليتصل هو من رصيده.. ومن الواضح أن زوجته أخبرته بأن هناك فأراً تسلل إلي منزله وأخذا يتناقشا في احتمالات وتوقعات للاجابة عن سؤال هام وهو "من أين دخل الفأر؟".. وهل من المنور أم شباك المطبخ واستغرقت المكالمة أكثر من خمس عشرة دقيقة.. وما أن أنهاها حتي سألني : "تفتكر الفأر دخل منين؟".. فأجبته عن ضرورة أن يكون هذا الفأر قد أرسلته الحكومة.. فالفئران لا تدخل إلا بيوت الفقراء لتشاركهم أكلهم ومساكنهم وأننا لم نسمع عن قصور للأغنياء يدخلها الفئران أبداً رغم أنها عامرة بكل ما لذ وطاب. عدت أسأل صديقي لماذا يستهلك كل هذا الوقت من رصيده للحديث عن موضوع من الطبيعي أنه سينتظره إلي أن يعود للمنزل.. خاصة أن زيادة كروت الشحن جعلته يلعن الحكومة منذ قليل ففاجأني بأن الخط الذي يستعمله تابع لعمله وأنهم من يقومون بشحن تليفونه شهرياً حتي يستخدمه في الاتصال بالعملاء الذين يتعامل معهم. لست مع زيادة الأسعار بالتأكيد ولكنني أرصد مظاهر وصفات سلبية أصبحت جزءاً من تركيبة الشخصية المصرية للأسف.. فكثير منا لا ينظر إلي نفسه وعيوبه وبالتالي لا يحاول اصلاحها.. فلأن الرصيد ملك للشركة فيصبح حلالاً أن نهدره في توافه الأمور.. ولأن الشوارع ملك للدولة فلا مانع من إلقاء زبالتنا فيها.. ولأن المواصلات لا تخضع لملكيتنا الخاصة فيصبح تخريبها واجباً وطنياً.. وإذا وجهت النصح لأحد سنجد إجابة خالدة لا تتغير "يا عم يعني هي جت عليا؟".