انزعج أحد النواب من مظاهر غير لائقة.. اجتاحت ساحات الجامعات وقاعات المحاضرات.. فعزم علي التقدم للبرلمان بتشريع يدعو الطلاب لارتداء زي موحد.. لعله يقضي علي مشاهد مرفوضة.. ويمنع الملابس الضيقة.. والبنطلونات المقطعة وقصات الشعر المنفرة.. ويساهم في إعادة الهيبة للحرم الجامعي. رغم ان هذا الاقتراح لا يمس القضايا الحقيقية للجامعة.. إلا انه أثار جدلا كبيرا.. وأحدث انقساما بين تأييد الأقلية.. ورفض الأكثرية.. حيث رأي الطرف الأول ان هذا الإجراء من شأنه أن يحفظ آداب الحرم الجامعي.. ويساعد علي خلق المناخ الآمن.. ويذيب الفوارق بين الطلاب.. ويجد كثيرا من مظاهر التدهور الذي لحق بالقيم والتقاليد.. الأكثرية.. اعتبرت "الزي الموحد".. تقييدا للفكر والذوق.. وكبتا للحرية.. وهدما للشخصية.. وتعديا علي أبسط حقوق الآخرين.. خاصة ان هناك قضايا داخل الجامعة أهم وأعمق وأخطر من زي الطلاب. بمنتهي الحيادية.. الملابس غير اللائقة مرفوضة تماما داخل الحرم الجامعي.. لكن منعها ليس بالإجبار.. ولا بالزي الموحد.. فقد تجاوز الطالب مرحلة من يفكر ويختار له.. وصار يملك من الوعي والحرية وما يعينه علي حسن اختيار ما يناسب مظهره وذوقه.. كما ان زي الجامعة الحقيقي يكمن في سلوك الأدب وانتهاج العلم.. وليس في توحيد الشكل والهيئة.. ومن ثم تصبح مطالبة الطالب بزي محترم ولائق ومناسب لمكانة وهيبة الجامعة هي الأجدر والأنسب. استكمالا للحيادية.. نعم هناك من القضايا داخل الحرم الجامعي أجدي بالمناقشة من "الزي الموحد".. مثل قضية الزواج العرفي بين الطلاب.. وظاهرة تعاطي المخدرات إلي جانب بحث أسباب الانحلال الأخلاقي الذي شاب سلوكيات الأبناء.. وكيفية توقيع غرامة علي "المدخن" داخل الحرم أو الكلية. "الزي الموحد".. لن يخلص الجامعة من ظاهرة تحرش بعض الأساتذة بالطالبات ولن يمنع الطالب من معانقة زميلته نهارا جهارا وسط الحرم الجامعي.. ولن يسد النقص في امكانات وقدرات وأجهزة الكليات العملية.. ولن يقضي علي ظاهرة الدروس الخصوصية.. ولن يساوي بين أبناء الأساتذة وأقرانهم المتفوقين.. ولن يرتقي بالمناهج العلمية.. ويحدث التطور المأمول في مستويات الإلمام والفهم. الأهم من "الزي الموحد".. العمل علي مقاومة الانحدار الأخلاقي.. والتدهور العلمي.. وإنقاذ العادات الأصيلة والأخلاق الرفيعة من هوي وشطح المهووسين.. وإقامة حائط صد منيع ضد الأفكار المتطرفة.. والنظرات الهدامة.. وابعاد المتحرشين سواء أكانوا طلابا أم أساتذة.. عندئذ.. تعود الهيبة والقدسية.. والآداب العامة إلي الحرم الجامعي.