مع نهاية عام وبداية عام. علي كل منا أن ينظر فيما قدم. فإن وجد خيراً حمد الله وسأله المزيد والثبات علي الحق والخير والفضيلة. وإن وجد غير ذلك بادر إلي التوبة والاستغفار المصحوبين بالعزم علي الإقلاع عما كان من المعاصي والإقبال علي الله "عز وجل" بروح وثابة متفائلة غير جازعة ولا يائسة من رحمته سبحانه. ذلك أن الله "عز وجل" فتح لعباده باب الأمل والتوبة واسعاً فسيحاً. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": إن الله "عز وجل" يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. حتي تطلع الشمس من مغربها". ويقول "صلي الله عليه وسلم" "إذا مضي شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالي إلي السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يعطي؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتي ينفجر الصبح". وفي الحديث القدسي يقول رب العزة "عز وجل": "أنا عند ظن عبدي. وأنا معه حين يذكرني. فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه. وإن اقترب إلي شبراً تقربت إليه ذراعا. وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا. وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". وقد فتح الإسلام باب الأمل واسعاً في كل شيء. ففي الحديث الصحيح: "ما من عبد قال: لا إله إلا الله. ثم مات علي ذلك إلا دخل الجنة" قلت: وإن زني وإن سرق؟ قال: وإن زني وإن سرق. قلت: وإن زني وإن سرق؟ قال: وإن زني وإن سرق؟ قلت: وإن زني وإن سرق؟ قال: "إن زني وإن سرق علي رغم أنف أبي ذر". وفي الحديث الشريف عن سيدنا معاذ بن جبل أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال له: يا معاذ. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: لا يشهد عبد أن لا إله إلا الله ثم يموت علي ذلك إلا دخل الجنة. قلت: أفلا أحدث الناس. قال: لا. إني أخشي أن يتكلوا عليه". وكما فتح رب العزة باب الأمل لعباده في أمر دينهم فتح لهم باب الأمل في أمر دنياهم. فلا ييأس مريض من أمر مرضه مهما كان داؤه عضالاً. ولنا في نبي الله أيوب "عليه السلام" أسوة حسنة. حيث يقول الحق سبحانه: "وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكري للعابدين". ولا ييأس عقيم من عدم الإنجاب. فلنا في نبي الله إبراهيم ونبي الله زكريا "عليهما السلام" أسوة حسنة. حيث يقول الحق سبحانه في شأن سيدنا إبراهيم "عليه السلام": "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد". وفي شأن سيدنا زكريا "عليه السلام" يقول الحق سبحانه: "وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين" ولا ييأس من وقع في ضيق من فضل الله وفرجه. فلنا في إبراهيم ويونس وموسي "عليهم السلام" أسوة حسنة يقول تعالي عن إبراهيم "عليه السلام": "قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين". ويقول عن يونس "عليه السلام": "وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين". ويقول سبحانه عن موسي "عليه السلام": "فلما تراءي الجمعان قال أصحاب موسي أنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلي موسي أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسي ومن معه أجمعين". وما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب ونجتهد في الدعاء ونحسن التوكل. فمن أحسن التوكل علي الله أرضاه وكفاه. ومن لجأ إليه قبله وأواه وغفر له. وبدل سيئاته حسنات. وذلك حيث يقول الحق سبحانه: "إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً". نسأل الله العالي العظيم أن يكون عامنا الهجري هذا عام أمن وأمان وخير وبركة للعالمين.