أكتب إليكم من الصين التي أزورها هذه الأيام استكمالا لزيارتي لها خلال مايو الماضي عندما قمت بتغطية أعمال منتدي "الحزام والطريق" وأنا أحمل العديد من علامات الاستفهام حول التنين الصيني.. وكيف أصبح القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وجال في خاطري وأنا أحلق في سماء بكين قبل أن تهبط بي الطائرة وتطأ قدمي أرض المطار سؤال أثار حيرتي.. ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض الدول من الهجمات الإرهابية التي صنعها لها الآخرون لعرقلة جهود التنمية بها.. ويعاني البعض الآخر من التعثر الاقتصادي والأثر السلبي علي كافة الأمور الحياتية للمواطن داخلها.. نجد انطلاقة صينية لم يتم وضع حدود لها.. جعلتها ثان اقتصاد عالميا.. وانعكاس ذلك علي جودة معيشة المواطن الصيني.. كيف أمكن تحقيق ذلك؟؟ بمجرد النظرة الأولي لبعض أبناء وبنات الصين العاملين بالمطار.. وجدت الجدية في العمل بهمة ونشاط.. الابتسامة تعلو الوجوه لتعلن لك أنك علي عرش قلوبهم.. وبين أحضانهم.. وأنك في بلدك.. نظام.. نظافة.. التزام.. هذا مثلث الرقي للأمم.. والتقدم للشعوب.. والازدهار للأجيال القادمة. من أول وهلة بعد خروجي من المطار وجدت بعض المقدمات لتجيب علي بعض الأسئلة التي تدور في ذهني.. وعلامات الاستفهام التي تجول في خاطري لتتحول من الاستفهام والاستفسار إلي الإعجاب واليقين بأن هذا التقدم ليس بالمصادفة.. بل هو إرادة شعب وإرادة رئيس صاحب رؤية واضحة المعالم أراد الخير لبلاده.. فأعلن الحرب علي التخلف وتردي الأوضاع الاقتصادية بعد أن آمن بقدرات المواطن الصيني الذي هو أساس التنمية الشاملة وهو أيضا وسيلتها وغياتها وهدفها.. فجاءت إصلاحاته علي أرض الواقع وتقبلها المواطن وسعي لتحقيقها بعد أن وجد المناخ المناسب.. فنجح.. وتفوق.. وأبدع.. وأصبح يقظا.. محنكا.. واعيا.. ووضع حضارته القديمة بالمتاحف.. وجعلها مزارا سياحيا.. ليسعي الآن ليصنع حضارة جديدة وسط عالم متلاطم الأمواج.. لا يعترف بالضعيف.. ليتكامل ويتناغم الحديث والقديم مترجما الحالة الصينية الحالية التي أبهرت العالم. كل من قابلته في الصين من المسئولين يؤكد لي أن مصر شريك استراتيجي.. ولكن أتمني أن ندرس الحالة الصينية لنعرف ما السر وراءها حتي تحققت المعجزة الاقتصادية في ظرف وجيز.. وأن نتعلم كيف يعمل الإنسان الصيني.. وكيف يتعلم ويُضحي ويبني ويتفاءل ويعمل جماعيا من أجل هدفه.