القراءة في الشأن الراهن لم تعد تشفي غليلي لأنني لا أجد فيها تفسيراً للواقع. لذلك الجأ إلي قراءة التاريخ.. لكن المرء بحاجة لأن يقرأ التاريخ من مصادر متعددة حتي يصل إلي نتيجة موضوعية.. والنتيجة التي خرجت بها في تفسير الشأن العربي الحالي هي أن العرب في محنة تاريخية ممتدة منذ خروجهم أو بالأحري طردهم من الأندلس قبل قرون.. منذ ذلك الحدث العربي لا حول لهم ولا قوة لم ينجحوا في اعلاء كلمتهم أو اعادة امجادهم أو حتي اعادة ترتيب أمورهم من الداخل علي نحو يقودهم إلي الحفاظ علي كيانهم واستقلالهم. بعد طرد العرب من أوروبا استلمهم العثمانيون. ساقوهم وحكموهم حتي مشارف القرن الماضي مع ضعف الامبراطورية العثمانية انقض الاستعمار الغربي علي البلدان العربية التي اكتشفت الهوة الواسعة بين حالها وبين ما وصل إليه الغرب. عندما انحاز العثمانيون إلي دول المحور في الحرب العالمية الأولي. كان ذلك الطامة الكبري التي لحقت بالجيش العربي ككل. فقد قام العرب بثورة علي العثمانيين عام 1916 وهي الثورة المعروفة في كتب التاريخ باسم "الثورة العربية الكبري" كانت هذه الثورة بقيادة الشريف حسين حاكم مكة ونجحت في انهاك العثمانيين وهزيمتهم وهنا اعتقد العرب أن نجمهم قد بزغ من جديد.. لكن العرب اكتشفوا أزمتهم الممتدة معهم حتي اليوم وهي أنهم أداة وأركز علي كلمة "أداة" في يدي غيرهم فهذه الثورة العربية الكبري كان يقودها مستشار الثوار "لورانس العرب" وتحارب بسلاح وأموال انجليزية وفرنسية. وسرعان ما تبين أن العرب لم يكونوا سوي اداة بيد غيرهم وهم لا يكتشفون المخططات إلا بعد خراب مالطا. لقد كانت الخديعة هي الأساس وكان الاستغفال هو سيد الموقف فالحقيقة أن المنطقة كانت خاضعة لحظة وضعها وزير الخارجية البريطاني مستر سايكس ونظيره الفرنسي مسيو بيكو تم بموجبها تقسيم المنطقة وتوزيعها فأعطيت القدس لليهود وتقاسمت انجلترا وفرنسا الباقي وخلال تلك الحقبة الاستعمارية تقاسم الغرب الاستعماري تركة الدولة العثمانية وتشكلت الدول العربية بحدودها الراهنة وهكذا صار العرب كانتونات مبعثرة تفصلهم حدود خاضعة لاتفاقيات دولية. طوال قرن كامل من الزمن حتي اتفاقية سايكس بيكو لم يتغير العرب وها هم يعيشون ارذل العمر في انتظار سايكس بيكو ربما يجري تنفيذها بالفعل علي أرض الواقع في العراق وسوريا واليمن وليبيا. فالتصريحات القادمة من إسرائيل تقول إن اقامة دولة كردية مستقلة في العراق هو مصلحة إسرائيلية وأمريكية وإذا قُدر للدولة الكردية المستقلة أن تقوم فستكون بداية الزلزال في المنطقة بأسرها وإسرائيل لا تريد تفتيت العالم العربي وحسب إنما العالم الإسلامي بأسره ولا نستبعد أن تكون محنة مسلمي الروهينجا بتخطيط إسرائيلي غربي يهدف الوقيعة بين المسلمين والديانات الآسيوية. إن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر للعالم العربي وكيانه فالصهيونية بالتعاون مع المسيحيين المتصهينيين تعمل من أجل إقامة إسرائيل الكبري التي تمتد من النيل إلي الفرات حسبما ورد في التوراة وهذا ما سوف أتناوله في المقال القادم بالوثائق.