" أخيراً " هنا ذات وقع فاصل. انها تكاد ترتبط بزمن محدد، وهى تعنى أن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل قد تعرض من قبل لاتهامات وحملات عنيفة لم يكن يعباً بها ولا يهتم، وربما خرج منها أقوى مما كان أما الاتهامات فى هذه المرة فهى ممتدة، وعمرها حوالى سنة، إذ بدأت منذ أواخر العام الماضي، ولم تتوقف، بل استمرت وتصاعدت وأصبحت قريبة من أن تصدر بشأنها لائحة اتهام أو أكثر، بما قد يقود نتنياهو إلى تصرف ما فراراً من قرار إدانة، قد ينتظره لعل هذا ما استنبطه هو بنفسه من أن المستشار القانونى » سارة « للحكومة أبلغ زوجة نتنياهو رسميا يوم الجمعة الماضى أنه يعتزم توجيه لائحة اتهام ضدها » الاحتيال وخيانة الأمانة « بتهمة على خلفية تحويلها نحو ??? ألف من الدولارات من الأموال العامة لاستخدامها الخاص، وذكر بيان صادر عن مكتب المستشار القانونى أن قرار تقديم لائحة الاتهام ضد زوجة نتنياهو اتخذ بعد الاطلاع على ملفات القضية وسماع مواقف الجهات ذات الصلة، بما فى ذلك توصيات الشرطة والنيابة العامة. فأين قضية الزوجة من القضايا المفتوحة والمثارة ضد الزوج، والتى تعددت ملفاتها وأرقامها. وبحيث لم يعد السؤال هو: هل تصدر لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى والذى قضى حوالى ثمانية أعوام فى هذا المنصب ويطمع فى المزيد، بل هو ماذا سيحدث من نتنياهو وحزبه وائتلافه الحاكم، ومن معارضيه بعد صدور لوائح الاتهام؟ قبل شهور فقط، لم يكن مثل هذا السؤال مطروحاً بالقدر نفسه من الوضوح. فهل كان مستبعداً؟ ربما، نتنياهو كانت تغطى » فهلوة « ولأن وتطغى على أنباء كانت تتسرب، ثم تتردد إلى أن تخمد. فقد كان حوله ولا تزال مجموعات من الأنصار والمؤيدين كانت أصواتهم تحجب الاعتراضات فى مهدها. وكان هؤلاء يرددون صباح مساء أنه لا يوجد بديل فى مستواه يمكن أن يحل محله. وربما كان نتنياهو نفسه يرى الأمر فى هذه الحدود، وأنه سيخرج من هذه الأزمة كما خرج من سابقاتها: خروج الشعرة من العجين، دون أن يلحق به أذى أو يصيبه عقاب. وكان يتغافل عامداً عن استمرار الاتهامات وتصاعدها ظناً منه أنه باقٍ وأن قدمه راسخة، ولن تهتز أو تترنح عن كرسى رئاسة الحكومة إلى أن يسجل أنه كان الأطول فى هذا الكرسى من أى رئيس وزراء آخر فى إسرائيل منذ إنشائها، بما فى ذلك ديفيد بن جوريون الذى ا » مؤسس إسرائيل « يوصف بأنه نسى نتنياهو كيف كانت نهاية بن جوريون فى الحكم، مع أنه الأول » ملك إسرائيل « الذى حمل لقب الملك « ولا نهاية حكم اربيل شارون فى حين يعتبر نتنياهو ..» الثاني ويضفى البعض هذا » الملك الثالث « على مناحم » ملك إسرائيل « اللقب بيجين؟ البدايات وأربعة ملفات منذ سنوات وهناك أحاديث فى المجتمع الإسرائيلى عن ميل أسرة نتنياهو إلى الإسراف والتمتع بملذات الحياة وتكاثرت هذه الأحاديث وتحولت إلى اتهامات شفوية بإساءة استخدام المال العام الذى تحت تصرف الأسرة بحكم المنصب، ثم تحولت الاتهامات إلى تحقيقات ما لبثت أن أصبحت ملفات لها أسماء محددة وبها اتهامات محددة قادت إلى فرض عقوبات على عدد من كبار العاملين إلى جوار نتنياهو وقد تم تسجيل عناوين هذه الملفات على النحو الآتي: الملف رقم ???? وهو خاص بشبهات حول حصول نتنياهو وزوجته على هدايا خروجًا على قوانين سارية وبالطبع شملت التحقيقات أسماء كثيرة ممن دفعوا وممن تسلموا ومن توسطوا ثم ولماذا جرى هذا و ما تأثيره على مواقف وخطوات نتنياهو بشأن بعض القضايا، لأن أحدًا لن يدفع مبلغًا طائلًا دون مقابل، وكان لعدد من الصحفيين دور كبير فى كشف خفايا هذا، مما فتح معركة حامية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبين الصحافة والإعلام بصفة عامة، خاصة حين تم فتح الملف رقم ???? وهو خاص بقضية صحفية بالأساس. الملف رقم ???? : ربما يكون هو الملف الذى أثار القضايا كلها، وفتح أبواب الحديث عن خفايا الصحافة الإسرائيلية وصدى ارتباطها بالسياسة والسياسيين.. وكتب ولايزال يكتب الكثير فى هذا الشأن. وكانت البداية فى هذا الملف هى لقاءات بين نتنياهو وصاحب ومحرر حيث » يديعوت احرونوت « صحيفة عرض الثانى على الأول الوقوف إلى جانبه صحفياً مقابل أن يتدخل رئيس الوزراء لوقف توزيع صحيفة وهو التوزيع الذى » إسرائيل اليوم « وعلى الإعلانات » ايديعوت « أثر على فيها. وقد تم تسجيل هذه اللقاءات على يدى أحد مساعدى نتنياهو ممن تعرضوا للتحقيق والمساءلة وتم مصادفة » الكنز « العثور على هذا عند تفتيش منزله. وهنا خرج »!« صحفيون إسرائيليون كبار ليتحدثوا ويكتبوا تفصيلاً عن العلاقة الوثيقة بين رئيس الوزراء والمسئولين فى لدرجة أنه كان » إسرائيل اليوم « يجرى خمسة اتصالات فى اليوم مع رئيس تحريرها! أما الملف ???? فهو خطير إلى أبعد الحدود، وهو خاص بعملوات أو رشاوى فى صفقة بملايين الدولارات لشراء عدد من الغواصات من ألمانيا. وتم التحقيق فيها مع ديفيد شومرون المقرب من نتنياهو وعائلته، وهو محاميه وحامل أسراره. وشملت التحقيقات عددا من قيادات البحرية وغيرهم، وستبلغ وقائع هذا الملف ذروتها حين يشمل التحقيق نتنياهو نفسه. وتتحدث أوساط صحفية عن الملف رقم ???? وأنه سيتم الكشف عنه، قريباً وعلى ضوء أحد هذه الملفات وأسرارها تم توجيه الاتهام إلى سارة، على النحو الذى سلف ذكره والصحيفة التى توقعت هذا قبل أيام من وقوعه وتوقعت أيضاً أن تصدر لائحة اتهام ضد نتنياهو نفسه، وخلال فترة ليست بعيدة فماذا يمكن أن يحدث عندئذ؟ مواقف واتجاهات الاتهامات والملفات ضد نتنياهو كادت تحيى المعارضة ضده بعد أن دخلت منذ سنوات فى حالة غيبوبة، فى ظل الضعف الشديد وهو « الذى اصاب حزب العمل حزب بن جوريون أصلاً وكان اسمه وهو الحزب الذى كان فى »» الماباي « الحكم طويلاً والذى يوصف بأنه ولكنه تحول إلى » بانى اسرائيل « المعارضة بعد هزيمته فى ???? ثم عاد إلى الحكم على فترات إلى أن خرج منه على يدى نتنياهو.. وبضعف العمل وتراجعه وصعود نجم نتنياهو ضعف المعارضة ككل إلى الآن ولكنها بدأت تنتعش فى ظل الاتهامات ضد نتنياهو، وبدأت تستعد لما بعد توجيه لائحة اتهام ضده وهناك اجتهادات قانونية ذات طابع سياسى فى هذا الشأن.. أنصار نتنياهو ومؤيدوه يرون أنه يمكن أن يظل فى رئاسة الحكومة حتى لو صدرت ضده لائحة اتهام.. أما معارضوه فيرون العكس ويلحون على هذا من الآن، وقد عبرت عن هذا بشكل واضح تسيبى ليفنى أحد قادة المعارضة التى قالت انه مع تقديم الاتهام لا يستطيع نتنياهو البقاء فى رئاسة الحكومة. وأضافت: عندما نرى كل الفساد العام فى محيط نتنياهو وحكومته وبين مستشاريه، يصبح الحديث عن ثقافة قادها نتنياهو فى إسرائيل ولهذا السبب ايضاً لا يستطيع ان يجب تنظيف « يكون رئيساً للحكومة الاسطبلات وعدم السماح لمن خلق أجواء الفساد هذه بالبقاء فى .» منصبه » ميرتس « أما زعيمة حزب اليسارى فدعت من قبل فى بيان حاد إلى استقالة نتنياهو وبدأت التصريحات تصب فى هذا الاتجاه دون أن تؤثر فى موقف الليكوديين المؤيدين لنتنياهو على طول الخط.. ولكن الأيام الأخيرة شهدت هجوماً عنيفاً من داخل الليكود على من » الليكوديين الجدد « يسمونهم والذين يتهمونهم باليسارية والتآمر لتخريب الحزب من داخله.. ويبدو ان هذا بدأ يؤثر فى مواقف بعض القوى المشاركة فى الائتلاف الحاكم التى راحت تضغط لاستغلال الضعف الذى سيعانيه رئيس الحكومة. ويبدو ان الفترة الزمنية التى كانت متاحة أمام نتنياهو للمناورة والتلاعب ومحاولة التغلب على الأزمة قد ضاقت بحيث لا يستطيع أن يجد مبرراً قانونياً للذهاب مثلا إلى انتخابات جديدة أو لحل الحكومة وبناء ائتلاف جديد.. وأصبح أمامه اما الاستقالة أو المضى فيما هو قائم لأطول فترة ممكنة ولو لجأ فى سبيل هذا إلى تفجير معركة على إحدى الجبهات!! ان نتنياهو بات على استعداد للجوء إلى ابعد الاحتمالات عن الرشاد والمعقولية من أجل ان يبقى فى الحكم، لكن الأوضاع السياسية العامة داخلياً وخارجياً وموقف قوى الائتلاف وقوى المعارضة والصحافة والإعلام والرأى العام كل هذا سيكون له كلمة وربما تأثير فيما يمكن ان يحدث من تطورات.. وأيا كان ما سيحدث فستكون له تأثيرات كثيرة تحتاج إلى رصدها عصر « والاستعداد، فهل أوشك الإسرائيلى على الأفول؟ » نتنياهو لننتظر قليلاً ولا نتسرع فى اصدار فالسياسة تشهد أحياناً ما هو ضرب من الخيال.. واسلمى يا مصر.