أهدي الله تعالي عيد الأضحي للمسلمين ليفرحوا بأيامه ويصلوا أرحامهم ويتهادوا ويعطوا الفقراء من أضحياتهم. وليتذكروا قصة فداء الله لإسماعيل عليه السلام وطاعة سيدنا إبراهيم عليه السلام لأمر الله عز وجل بذبح ابنه. ويختلف العيد في الأراضي الحجازية لأن الحجاج يستكملون المناسك في مني برمي الجمرات في أيام التشريق. ومن ذكرياتي في العيد هناك أثناء ادائي الفريضة عام 2011 القصة التي بدأت في فندق هيلتون بمكة وتنتهي في مخيم "مني" حيث لاحظت مع رفيقاتي أن كل ما كنت أقوله أو أرغبه حتي دون النطق به يحققه الله لي. وكان من بين جيراننا في الحجرة المجاورة السيدة "نجوي" المتكبرة التي تتعالي علينا وعلي رفيقاتها الثلاث بمنطق أنها من سكان التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة. وفي أحد الأيام أرسلت نجوي إلينا إحدي رفيقاتها تطلب غلاية الماء الكهربائية لتشرب شاي الصباح. ولأن الغلاية كانت لزميلنا محمد وكان قد طلبها منا قبل حضور هذه السيدة رفضت أن أعطيها لها وأعدتها لزميلي. وشجعني علي هذا أنها لم تأت لتطلبها وأرسلت زميلتها في الحجرة. وكأنها قد أرسلت خادمتها كما تعودت في بيتها لتقضي لها حاجاتها. ونتيجة رفضي طلبها كان يقتصر حديثنا إذا إلتقينا مصادفة علي رد تحية الإسلام. ثم كان صباح يوم آخر نزلت من حجرتي لأستقل أتوبيس الفندق إلي الكعبة لأؤدي صلاة الظهر. فالتقيت علي الباب مع سيدة مسنة ريفية كانت تبكي. فاقتربت منها وسألتها عن سبب دموعها فحكت لي ان ابنها المدير العام بإحدي الشركات إختار قريبة لها لتكون مرافقتها في الحج برغم أنها لا صلة لها بالشركة. وهي تعاملها أسوأ معاملة ولم تراع وصية ابنها لها. كما رفضت أن تصحبها إلي الكعبة أو إلي مسجد الفندق لتصلي جماعة. فطيبت خاطرها وأوصلتها إلي المسجد وقبل أتركها لألحق بالأتوبيس سألتها عن اسمها وأين تسكن في طوابق الفندق العشرة لأطمئن عليها بعد عودتي. فأخبرتني أن اسمها "منتهي" وأن حجرتها بالطابق التاسع بالمبني الثالث. وتكتمل قصتي في صباح أول أيام العيد في خيمتنا بمني حينما كنا ننتظر أن نأكل "فتة اللحم" كما تعودنا في بيوتنا سنة عن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم. بديلا عن الوجبات الجافة التي مللناها منذ مغادرتنا الهيلتون. ولكن جاءنا المشرف "رامي" وناداني لآخذ صناديق الوجبات فوزعتها علي زميلاتي ولم أفتح صندوقي. ولما رأيت بعض رفيقاتي يأكلن "البطاطس المحمرة" رغبت فيها لكني لم أرد الخروج لشرائها. فقلت لزميلاتي إن نجوي هي التي ستأتيني لتشتري لي البطاطس فتعجبوا من قولي هذا لأنهم يعرفون انها لا تهتم إلا بنفسها وأن ما تريده تطلبه من رفيقاتها بدلا من أن تحضره لنفسها. وبالفعل ما أن انتهيت من عبارتي حتي رأيتها تقدم علينا وتسألني إذا كنت أريد طبق بطاطس فأجبتها بالموافقة وأعطيتها الريالات المطلوبة فأحضرته لي وبدأت آكله ونظرات الدهشة في عيون زميلاتي .. وفي المساء خرجت من خيمتنا مع رفيقتي طلبا لنسمات الهواء العليل بديلا عن المكيفات الباردة. وقد صحبت زميلتي خوفا من أن أضل طريق العودة كما حدث لي مرتين من قبل. وما أن غادرنا باب سرادق الخيمة حتي رأيت مشهداً لم أكن أتوقعه حتي ولو في فيلم سينمائي. كانت السيدة المسنة ساكنة الطابق التاسع في الهيلتون منتهي تجلس علي الأرض فوق سجادة صغيرة. وأمامها صحن من الفاكهة وبجوارها رفيقتها التي اشتكت لي من سوء معاملتها لها وإخفائها عن الجميع انها حماة أختها خجلا منها لأنها قروية وأمية بينما هي نجوي من سكان القاهرة الجديدة.. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.