لا أعلم إن كان هناك أي دلالات للتشابه اللفظي بين كلمتي الناموس والهكسوس أم أن القاسم المشترك لا يتجاوز موسيقي النطق الذي يطلقها وتر الواو والسين في نهاية المعزوفة اللغوية.. إلا أن المؤكد أن قواسم مشتركة بينهما تمنحنا صورة ذهنية واضحة تتكون من الكثرة والتطفل والاعتداء والدماء. ولكن هناك قاسما مشتركا يحمل مذاق الواقع والتاريخ.. أحدهما قام بغزو مصر ولم ينجح والآخر غزاها واستوطن فيها.. لم يكن الناموس يحمل هذا الاسم قبل أن يدخل مصر ولكن بالتأكيد اطلق المصري هذا الاسم عليه لوجه الشبه بينه وبين الغزاة القدامي بينما تحرفت الكلمة علي ألسنة العامة بعد مرور الزمن وتضخم حجم الناموسة لإفراطها في إلهاب أجساد المصريين والتهام دمائهم ولتصبح جاموسة الحشرات أما حرف النون فتمت إضافته بعد حصول الناموسة علي درجة الدكتوراة في إقلاق نوم المصري بوسوستها الليلية وأحياناً إمراضه ليذهب في رحلة نوم أبدية.. والتقي كل ذلك مع أحد أهم المعاني اللغوية للناموس وهو القانون.. حيث أصبح الازعاج نمطا والأمراض نظاما وللقذارة أسس وللبرك والمستنقعات بنود ولوائح تراعي استمرارها بالإهمال وثقافة اللانظافة واللاجمال.. فعاش الناموس بناموس لينخر في الأجساد نخرس السوس ويتضخم كالجاموس. ناهيك عن أن الحشرة شائعة في كل مكان في مارينا والساحل الشمالي والدلتا والقاهرة والصعيد وأسوان فإن البيئة مثالية لتكون مزرعة ومحمية لكل الحشرات والقوارض.. إلا أننا لم نكتف بذلك وجعلناها محميات للإكثار والتسمين. فتري الفأر يسمن في جحور منازل يسكنها الفقر.. والصراصير لا يزعجها سوء المصير.. والذباب تطور وأصبح له في مصر أنياب.. أما الناموس لدينا من نار وجعل من أجسادنا بار ويعب من الدماء كئوساً. وفي غالبية أنحاء المحروسة تضخمت الناموسة لتري بالعين المجردة حواجبها وشعر مناخيرها ولون مونكير أظافرها. في بلاد من لا يعرفون الله أو ربما لا يعبدونه علي طريقتنا لديهم سلوك هو الناموس الذي لا يمنح فرصة لوجود ذباب أو صراصير أو ناموس لأنهم فقط ناس نظيفة يحيون بالفن ويرتقون بالجمال.. تزينوا بالآمال فتزينت لهم وبهم الشوارع والمنازل والجبال.. حلموا بغد أفضل.. وملكوا الحلم للأجيال.. إحنا بقي اتعودنا علي الهرش.. والجري ورا عربية الرش.