وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    كوريا الشمالية تطلق نوعا جديدا من الصواريخ وتختبر "رأسا حربيا كبيرا جدا"    كانسيلو يعلق على خروج برشلونة من تشامبيونزليج وآخر الاستعدادات لمواجهة ريال مدريد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل سياسي
ألف باء
نشر في الجمهورية يوم 21 - 08 - 2017


لم يعرف التاريخ شعبا أسوأ حظا من الأكراد..!
ظلمتهم الجغرافيا . فجعلت أرضهم مغلقة بلا منفذ . ووزعت قبائلهم علي 5 دول . فعاشوا فيها مشتتين ومضطهدين .. لأنهم دائما ¢الأقلية¢ في كل دولة ..!.
وظلمهم قادتهم في كل العصور . باتخاذ مواقف غير محسوبة .. أدت الي تعرضهم لانتكاسات واحباطات وخدع ومآس لاحصر لها ..! . وظلموا أنفسهم .. لأنهم لم يتعلموا من دروس التاريخ ..!
عندما نشبت الحرب العالمية الأولي أعلن الأكراد دخول الحرب . واشتركوا فيها دون أن يكون لهم أي مصلحة في ذلك .. والنتيجة : اصابتهم بخسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات ..!
- سمحوا للدول الكبري باستخدام قضيتهم كورقة في لعبة الصراعات بينها .. فاذا ما انتهت اللعبة . فقدت الورقة قيمتها ولم يجن الأكراد شيئا ! .. حتي أصبح يضرب بهم المثل في المواقف التي يتم فيها اللعب بشخص ما أو خداعه .. فيطلق علي ذلك ¢استكراد¢ . وهو مصطلح جديد في اللغة العامية يعني أكل حق شخص ما ..!
- عاشوا حياتهم يبنون مواقفهم علي حسابات خاطئة .. ويصدقون كل من يعدهم باقامة دولتهم التي يحلمون بها ¢كردستان¢ .. وهو حلم يبدو من المستحيل تحقيقه في ظل الوضع الدولي الراهن . لأن الدول الخمس التي يعيش فيها الأكراد . وهي : تركيا . والعراق . وايران . وسوريا وأرمينيا . لن تسمح أي منها باقتطاع شبر واحد من أراضيها لاقامة دولة ¢كردستان¢ عليه ..!
- لكن لأن المناطق التي يعيش عليها الأكراد في هذه الدول االخمس متصلة جغرافيا .. فانهم ينامون ويصحون كل يوم علي أمل ضم هذه المناطق في دولة واحدة تجمعهم .. وهو أمل صعب المنال جدا .. لم يتحقق في تاريخهم الطويل الذي يمتد لأكثر من 4 آلاف عام سوي مرة واحدة فقط .. ولفترة قصيرة جدا لم تكمل 11 شهرا ..
* قصة قيام هذه الدولة تعود الي فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . فرغم أن شاه ايران رضا بهلوي أعلن الحياد أثناء الحرب . الا أن ستالين اتهمه بأنه كان متعاطفا مع هتلر ودفع بالقوات السوفيتية للتوغل في الأراضي الايرانية . فهرب رضا بهلوي الي الخارج وتم تنصيب ابنه محمد رضا بهلوي مكانه .. كان ستالين يخطط لتوسيع نفوذ الاتحاد السوفييتي في محيطه الاقليمي بآسيا وخلق كيانات موالية له . فشجع الأكراد علي اقامة دولة مستقلة لهم علي جزء من الأراضي الايرانية ..
* تم الاعلان عن قيام هذه الدولة يوم 22 يناير عام 1946 . عندما وقف القاضي محمد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في ساحة جوارجرا ¢القناديل الأربعة¢ بمدينة ¢مهاباد¢ التي تقع في أقصي شمال غرب ايران . وأعلن مع مصطفي البرازاني عن قيام جمهورية كردستان الديمقراطية ذات الحكم الذاتي . وذلك وسط اجتماع حاشد حضره مندوبون يمثلون المناطق الكردية في كل من ايران والعراق وتركيا وسوريا .. الدولة الوليدة قامت علي ثلث المناطق التي يعيش عليها الأكراد في هذه الدول . وهو الجزء الذي يقع داخل ايران .. وأعلن أن عاصمتها مدينة ¢مهاباد¢ . ورئيسها القاضي محمد . وقائد جيشها مصطفي البرازاني . وقد أطلق عليها فيما بعد اسم ¢جمهوپرية مهاباد¢ ..
* لكن شاه ايران تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ضغطت بدورها علي الاتحاد السوفييتي فسحب قواته من الأراضي الايرانية ..
* بعد ذلك دفع شاه ايران بقواته الي مدينة ¢مهاباد¢ . فاقتحمتها في 17 ديسمبر 1946. وألقت القبض علي القاضي محمد ورفاقه . وتم اعدامهم شنقا في 30 مارس 1947 بنفس ساحة ¢القناديل الأربعة¢ .. بينما فر مصطفي البرازاني الي الاتحاد السوفييتي . حيث أقام به 12 عاما ومنحه السوفييت رتبة ¢جنرال¢ ..
* هكذا اسدل الستار علي ¢جمهورية مهاباد¢ الكردية الأولي .. الدولة الوحيدة في تاريخ الأكراد كله .. والتي لم تكن سوي ¢ورقة¢ في لعبة لعبها ستالين لمعاقبة رضا بهلوي علي تعاطفه مع هتلر .. وعندما انتهت اللعبة .. سقطت الورقة ..!
تكرار المحاولة
رغم خيبات الأمل التي صاحبت الأكراد علي مدي عصور التاريخ . في كل محاولة لاقامة دولة مستقلة تجمعهم "أكثر من 20 محاولة" .. الا أن حلم اقامة هذه الدولة لم يفارقهم أبدا ..!
- الآن تتكرر المحاولة .. يقودها مسعود البرازاني حاكم اقليم كردستان بشمال العراق . الذي أعلن يوم 7 يونيو 2017 عن اجراء استفتاء شعبي بالاقليم يوم 25 سبتمبر2017 لتقرير مصير الاقليم . حول ما اذا كان سيبقي جزءا من العراق أو يستقل عنه ..
- حسابات البرزاني قامت علي أساس أنه عندما أجري الاستفتاء علي الدستور العراقي في عام 2005 .. قامت منظمات المجتمع المدني بوضع صناديق خارج لجان التصويت للاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان عن العراق . فجاءت النتيجة بالموافقة علي استقلال الاقليم بنسبة 98,89% ..
- قامت أيضا علي أساس أن هناك قوي اقليمية ودولية سوف تدعمه . لأن لها مصلحة في تقسيم العراق .. هي اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ..
- مصلحة اسرائيل في قيام دولة مستقلة باقليم كردستان .. تتلخص في أن هذه الدولة سوف تتحول الي قاعدة عسكرية لاسرائيل علي حدود كل من ايران وتركيا والعراق .. وقصة التحالف الاستراتيجي بين الأكراد واسرائيل معروفة ..!
- أما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .. فتتلخص في أن قيام دولة مستقلة باقليم كردستان . سوف يوفر للولايات المتحدة البديل الأنسب لنقل قواعد حلف شمال الأطلنطي من تركيا الي كردستان . اذا واصل أردوغان توثيق علاقته مع الروس . وشراء أنظمة دفاعية من الصين . والتحدث بصوت عال مع واشنطن .. عندئذ يمكن لواشنطن طرد تركيا من حلف شمال الأطلنطي ..!
- هناك مصلحة شخصية أيضا لمسعود برزاني في استقلال الاقليم .. تكاد تكون هي المحرك الأساسي في دعوته لاجراء هذا الاستفتاء .. وهي أن يبقي علي رأس السلطة كرئيس لدولة كردستان الجديدة ومؤسسها. بعد أن انتهت المدة الدستورية لرئاسته لاقليم كردستان منذ عام 2015 ..!
رغبة مسعود برزاني البقاء في السلطة دفعته الي تعطيل برلمان كردستان عن العمل عام 2015 . عندما فشل في الحصول علي موافقة البرلمان علي تمديد ولايته لرئاسة الاقليم عامين اضافيين . بعد انتهائها في 20 أغسطس 2015 ..
- تعطيل البرلمان أدي الي تعقيد المشهد السياسي داخل الاقليم .. فبينما أصر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة برزاني علي التمديد له لعامين آخرين . وقال : ¢انه رجل المرحلة الذي لابديل له . سيما في الأوقات العصيبة الراهنة التي يمر بها اقليم كردستان . استنادا الي التحديات والمخاطر المحدقة بالاقليم وكيانه السياسي القائم¢ ..
- تمسكت الأحزاب الأخري بعدم الموافقة علي التمديد . وأبرزها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني . بالاضافة الي ¢حركة التغيير¢ , و¢الاتحاد الاسلامي¢ . و¢الجماعة الاسلامية¢ .. وطالبت بتغيير النظام السياسي في الاقليم الي نظام برلماني . يتم فيه انتخاب رئيس الاقليم عن طريق البرلمان . وليس عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر . باعتبار أن الاقليم مازال جزءا من العراق وليس دولة مستقلة .. كما دعت بعض القوي السياسية الأخري الي تطبيق نظام ¢اللامركزية¢ في ادارة الاقليم . بما يتطلبه من سحب معظم صلاحيات رئيس الاقليم واسنادها الي رؤساء المدن للقضاء علي البيروقراطية .. بل وصل الأمر ببعض القوي السياسية الي المطالبة بتقسيم الاقليم الي ادارتين حكوميتين . احداهما في أربيل والأخري في السليمانية علي غرار ما حدث أثناء فترة الاقتتال الكردي بين عامي 1994 و2006 ..
- حاول برزاني الوصول الي صفقة سياسية مع أحزاب المعارضة لكنه فشل .. فاعتبر أن عدم موافقة البرلمان علي التمديد له في رئاسة الاقليم يعد ¢انقلابا سياسيا¢ .. وقام بتعطيل عمل البرلمان بصورة كاملة .. واستمر في السلطة ..!!
* في تلك الآثناء كان تنظيم داعش يبسط سيطرته علي مساحة واسعة من الأراضي العراقية ويحتل مدينة ¢الموصل¢ . بينما كان الجيش العراقي في حالة انهيار كامل . وحكومة بغداد غارقة في الصراع حول توزيع الحقائب الوزارية . واقليم كردستان مهدد بالوقوع تحت سيطرة قوات داعش . التي كانت قد تمكنت بالفعل من احتلال بعض القري الكردية..!
* هذه الظروف ساعدت مسعود برزاني علي البقاء في السلطة دون أن يواجه باعتراضات شعبية تذكر ..
* وحرصا منه علي التأكيد بأنه ¢رجل المرحلة¢ .. أخذ يظهر أمام كاميرات التلفزيون بالزي العسكري الميداني وهو يتفقد قوات ¢الباشمرجة¢ المرابطة علي حدود الاقليم . لصد أي هجوم محتمل من داعش..
* في نفس الوقت استغل انهيار الجيش العراقي وتقهقره بعيدا عن تخوم الاقليم . وبدأ يبسط سيطرته علي المناطق المتنازع عليها .. خاصة في كروك التي تعوم علي بحيرة من البترول .. كما استمر في بيع البترول بمعدل نصف مليون برميل يوميا بمعزل تام عن حكومة بغداد . حتي يتمكن من ادارة الاقليم بصورة مستقلة ..
* رافق ذلك استحداث اجراءات أمنية فرضها لتكريس فكرة استقلال الاقليم عن العراق .. حتي وصل الأمر الي درجة منع أي مواطن عراقي من دخول اقليم كردستان دون الحصول علي موافقة أمنية مسبقة . ووجود كفيل كردي له.. !
* هكذا تمكن مسعود البرزاني من تمهيد الواقع علي الأرض لفصل اقليم كردستان عن العراق واعلان قيام دولة كردية مستقلة في الاقليم .. فأعلن يوم 7 يونيو 2017 أن واقعاً جديداً قد طرأ وفرض نفسه . وأن مسألة استقلال اقليم كردستان ¢ بكامل حدوده التاريخية¢ أصبحت متوقفة علي بعض الاجراءات الخاصة بالاعداد لاجراء استفتاء عام في الاقليم والمناطق المتنازع عليها ..
ردود الفعل
بمجرد اعلان برزاني عن اجراء الاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان .. انطلقت موجة من ردود الفعل المحلية والاقليمية والدولية علي هذا الاعلان .. وبرزت التحديات التي تواجه عملية الاستفتاء علي كافة الأصعدة .. نلخصها فيما يلي :
* علي الصعيد الداخلي الكردستاني. توجد تيارات معارضة قوية لاجراء عملية الاستفتاء في الوقت الراهن لعدم توفر الظروف الاقليمية والدولية المناسبة له .. فضلاً عن مشكلات أخري تتعلق بالوضع الاقتصادي المتردي داخل الاقليم بسبب تفشي الفساد . حتي أصبحت حكومة الاقليم عاجزة عن دفع مرتبات الموظفين .. بعض موظفي الحكومة لم يحصلوا علي مرتباتهم منذ 5 شهور! .. كما أصبحت الحكومة عاجزة عن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين . وبلغت الديون المستحقة عليها 32 مليار دولار .. بالتالي فان الاستفتاء في ظل هذه الظروف قد يقود الي قيام دولة فاشلة مفلسة .. لعل ذلك هو ما ساعد علي ظهور حركة شعبية تتنامي داخل اقليم كردستان تقول : ¢لا للاستفتاء¢ .. !
* علي الصعيد العربي .. أكدت مصر ضرورة الحفاظ علي وحدة العراق وسلامته الاقليمية . واعتبرت أن أي تحرك في اتجاه الاستفتاء لابد وأن يحظي أولا بموافقة الحكومة المركزية في بغداد .. كذلك كان موقف جميع الدول العربية استنادا الي المواثيق الدولية . كميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية التي تؤكد كلها علي وحدة أراضي الدول وسيادتها علي كامل أراضيها رسالة أبو الغيط
الموقف العربي عبر عنه أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في ¢رسالة خاصة¢ بعث بها الي مسعود برزاني . أكد فيها علي أن ¢الاستفتاء المزمع اجراؤه في 25 سبتمبر المقبل سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي من غير الأكراد. ويفتح الباب أمام رياح الشرذمة والتفتيت. ويزيد من تعقيد الأوضاع الاقليمية. بل قد يسهم في تعقيد المشهد الكردي ذاته بصورة لا يرغب فيها أحد¢..
- أضاف الأمين العام للجامعة العربية أنه ¢فضلاً عن دقة التوقيت الحالي وخطورة الظرف الذي يستلزم تكاتفاً أكبر وتوافقاً أوسع. فان التحرك بغير اجماع وطني ومن دون تنسيق وتوافق مع الحكومة في بغداد قد يكون من شأنه تأزم الموقف ودفع الأطراف جميعاً الي اتخاذ مواقف مُتصلبة لا تخدم مستقبل العراقيين. بمن فيهم الأكراد.¢
- ركز أبو الغيط في رسالته علي موقف الجامعة العربية الرافض لمبدأ الانفصال. مشيرا الي أن ¢حقوق الأكراد لا يمكن تلبيتها بصورة كاملة الا في اطار الدولة العراقية الفيدرالية الديمقراطية¢.. كما ناشد بارزاني ¢أن تأتي المساعي الكردية من أجل تأمين هذه الحقوق وصيانتها في اطار الوطن العراقي وليس بالتحرك بعيداً عنه. وأن تكون هذه المساعي بالانسجام مع الدستور وليس بتهميشه. علماً بأن هذا الدستور سبق التوافق عليه بين مكونات الطيف السياسي كافة بديمقراطية كاملة¢.
* رد برزاني علي رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية برسالة قال فيها : ¢ان حكام العراق عبر تاريخه السياسي فشلوا في بناء دولة ديموقراطية وشراكة حقيقية فيما بين مكونات الشعب العراقي عبر نوع من اللامركزية أوالحكم الذاتي أوالفيدرالية¢ ..!
الموقف الأمريكي
تعارض الولايات المتحدة الأمريكية اجراء الاستفتاء من حيث التوقيت وليس من حيث المبدأ ! .. هذا ما عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في اتصال هاتفي مع مسعود برزاني . فسأله برزاني عن الضمانات التي يمكن أن تقدمها واشنطن للأكراد في حال تأجيل موعد الاستفتاء .. فنصحه تيلرسون باستمرار التفاوض مع حكومة بغداد من أجل الحصول علي موافقتها علي انفصال الاقليم ..!
- كما هو واضح فان الولايات المتحدة الأمريكية ليست ضد تقسيم العراق ونشوء دولة كردية في الشمال .. لكنها تخشي أن اجراء الاستفتاء في هذا التوقيت - كما جاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية - ¢يمكن أن يصرف الانتباه عن أولويات أخري أكثر الحاحا¢ مثل هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية ..!
أخطر التحديات
* أما أخطر التحديات التي تواجه مسعود برزاني بشأن الاستفتاء الذي دعا اليه في 25 سبتمبر القادم .. فهو موقف كل من تركيا وايران الرافضين لقيام دولة مستقلة للأكراد في شمال العراق .. لأن قيام هذه الدولة سيتبعه اقتطاع الأراضي التي يعيش عليها الأكراد في كل من تركيا وايران وضمها الي الدولة الكردية الناشئة ..
* لعل ذلك هو ما دعا رئيس أركان حرب القوات الايرانية للقيام بزيارة الي تركيا الأسبوع الماضي استمرت عدة أيام . التقي خلالها بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان . وأجري مباحثات مكثفة مع القادة العسكريين في تركيا من أجل الاعداد لتحرك عسكري تركي ايراني مشترك في شمال العراق في حال اقدام برزاني علي اجراء الاستفتاء الذي دعا اليه ..
* فكرة ¢التحرك العسكري¢ ليست من عندي .. انما هي خلاصة تصريحات المسئولين الأتراك علي مدي الأسابيع الماضية بشأن اجراء الاستفتاء المزمع في اقليم كردستان .. حتي وصل الأمر بوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو الي القول بأن اجراء الاستفتاء يعني نشوب حرب أهلية .. أسباب نشوب مثل هذه الحرب الأهلية كثيرة ومعقدة ويطول الحديث فيها . لكنها ترجع أيضا الي وجود ¢تركمان¢ يعيشون في اقليم كردستان .. وكانوا الي وقت قريب يشكلون أغلبية السكان في مدينة كركوك .. لكن بسبب الثروات البترولية الهائلة التي تمتلكها كركوك . قام مسعود برزاني علي مدي الأعوام الماضية بعملية احلال واسعة للأكراد في المدينة حتي أصبحوا يشكلون أغلبية سكانها .. لكي تصبح كركوك بعد ذلك جزءا من الدولة الكردية التي يحلم باقامتها..!
* فاذا أضفنا الي ماسبق طبيعة الزائر الايراني لتركيا .. وهو رئيس أركان حرب القوات الايرانية .. ندرك بسهولة أن هدف الزيارة هو تنسيق التدخل العسكري التركي الايراني المشترك في شمال العراق عند اجراء الاستفتاء ..
* هنا يثور سؤال : وهل ايران في حاجة الي التنسيق مع تركيا اذا ما قررت التدخل العسكري في العراق..؟
* الاجابة : نعم .. لأن ايران يمكنها أن تتدخل عسكريا كما تشاء في جنوب ووسط العراق .. لكن عندما يتعلق الأمر بشمال العراق . فلابد أن تنسق مع تركيا ..!
* هكذا يمكن القول ان تركيا وايران اللتان تختلفان 180 درجة في سوريا .. تتفقان تماما عندما يتعلق الأمر بشمال العراق .. لأن المصالح تتصالح..!
الموقف الإسرائيلي
اسرائيل هي الداعم الرئيسي لمسعود برزاني في عملية الاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان عن العراق .. لأنها جزء من المخطط الاسرائيلي لتقسيم العراق ..
* الحديث عن علاقة برزاني باسرائيل والزيارات المتعددة التي قام بها والده مصطفي برزاني الي اسرائيل قصة قديمة لن أضيف لها شيئا .. لأنها مسجلة في الوثائق والكتب . ومتوفرة علي شبكة الانترنت بالصور والتفاصيل ..
* لكني هنا سأحاول الاجابة علي السؤال عن سبب المخطط الاسرائيلي لتقسيم العراق .. التي لاتشترك مع اسرائيل في الحدود الجغرافية ..
* قصة ذلك تعود الي تصريح صدر علي لسان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في عام 1989 بعدما انتهي من حربه مع ايران .. قال فيه : ¢ان العراق لديه أسلحة يمكن أن تحرق نصف اسرائيل¢ ..
* كان صدام يريد أن يثأر من اسرائيل . لأنها قامت بقصف المفاعل النووي العراقي يوم 7 يونيو عام 1981 .. بينما كان الجيش العراقي يخوض حربا ضروس ضد ايران . فلم يتمكن صدام ذلك الوقت من رد الضربة الي اسرائيل .. لذلك بعد أن فرغ من حربه مع ايران . بدأ يفكر في الثأر من اسرائيل .. مشكلته أنه صرح بذلك لوسائل الاعلام ..
* بقية القصة معروفة .. تم استدراج صدام حسين الي غزو الكويت .. ثم فرض الحصار الاقتصادي علي العراق وتجريده من أسلحته .. ثم غزو العراق .. والقبض علي صدام حسين . وتعليق رقبته في حبل المشنقة ..!
* المخطط الاسرائيلي يستهدف تقسيم العراق الي 3 دول ضعيفة .. تعيش في حالة حرب مع بعضها بسبب الخلاف حول الحدود والأرض وآبار البترول ..
* لأنه لو ترك العراق موحدا .. فربما يولد فيه صدام حسين جديد يهدد اسرائيل بحرقها ..
* لاحظ الصدفة التي جعلت مسعود برزاني يعلن عن اجراء استفتاء لانفصال اقليم كردستان عن العراق .. في الذكري ال 36 لقصف اسرائيل للمفاعل النووي العراقي.. يوم 7 يونيو 1981.. الساعة السادسة والربع مساء ..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.