وسط هذه الأجواء.. المليئة بالخديعة.. والكذب والتآمر.. والرشوة علينا. أن نكون أكثر حيطة. وحذراً.. وعلينا. ألا نستجيب للمغالطات. والأكاذيب. والخدع التي يقذفوننا بها.. ويلقونها علي عقولنا.. ويحاولون أن يغطوا بها عيوننا. حتي نفقد الرؤية. ما أود الوقوف عنده والتحذير من المغالطات التي بدأت تثار حوله.. هو: حادث القطارين الأخير.. الذي راح ضحيته 41 قتيلاً. أو شهيداً.. وأكثر من 162 جريحاً. فعلي الرغم من أن "الكارثة" واضحة. وبعيدة عن أي التباس. أو غموض. نجد أن الصحف وأجهزة الإعلام والتواصل.. غارقة في حكايات وتفاصيل. بعيدة تماماً عن الواقعة.. وعن الحقيقة.. وعن الحادث وأطرافه. يتحدثون عن "مدي صلاحية القضبان".. ويتحدثون عن الإشارات الضوئية. يغرقون في تفاصيل بشأن تقييم الصيانة.. واحتياجات البنية الأساسية.. وغيرها من التفاصيل. التي من شأنها الابتعاد عن أي مسئولية فردية كانت أو جماعية. أو تنظيمية. أدت إلي الكارثة. هذا.. بينما ذهب "اللواء سعيد طعيمة".. رئيس لجنة النقل والمواصلات. بمجلس النواب.. إلي "صُلب الحقيقة" ومباشرة.. ودون أي محاولة للبحث عن مبررات. أو احتمالات بعيدة عن الواقع. يخفي وراءها مسئولية الكارثة. أعلن اللواء طعيمة.. وبكل قوة وصراحة وحزم: أن السبب هو وجود فساد في المنظومة.. وليس أبداً السبب. النقص في الإمكانيات. .. وأن السبب هو الإهمال المتعمد.. وأنه لا توجد غرفة عمليات حقيقية. تكشف القصور والإهمال. وتتجنب الكوارث.. ولهذا ولكل هذه الأسباب وغيرها.. فإن ما حدث "إهمال متعمد".. وهو "جريمة قتل".. تستوجب المحاسبة.. ورغم ما يوجد من تصور. إلا أن هيئة السكك الحديدية. في الواقع لا تعاني من ضعف الإمكانيات!! * * * * * ثم نعود مرة أخري إلي أصل الموضوع. وبدايته.. وهو: هل الحادث.. جريمة مع سبق الإصرار؟!.. ومع تدبير جري الإعداد له؟!.. ودفع أطراف الحادث نحو التنفيذ الإجرامي والمؤلم؟!!! أم أنها الفوضي.. وضعف الإمكانيات.. والإهمال؟!!.. ومع كل النوايا الحسنة إلا أن السلوك العام.. والممارسات اليومية. وفي كل اتجاه.. ومع مختلف القضايا والعلاقات العامة والخاصة.. وكلها تثبت وتؤكد.. أن سوء القصد موجود.. وأن النوايا مبيتة.. فوجود قطار في "حالة انتظار".. في طريق قطار قادم وبسرعة غير عادية.. أو حتي عادية.. لا يمكن أن يكون محض صدفة. وغير مدبر. فالقتل عند عدد كبير.. وللأسف الشديد.. من أبناء وطننا العزيز. أصبح مسألة عادية وطبيعية!! القتل لم يعد يهز شعرة عند القاتل.. ولا يحرك للحظة ضمير متآمر. وإلا.. فعلي مَن يشكك في هذه الحقائق الجديدة والمخزية.. أن يفسر لنا: كيف يمكن لإنسان طبيعي.. أن يسمح لنفسه.. بأن يقوم وبكل ثقة في النفس والعزم بإفراغ سلاح يحمله.. سواء كان بندقية أو مسدساً.. في قلب أو ظهر جندي بسيط. يتولي حراسة مؤسسة عامة.. تخدم الوطن والمواطن. ودون أن يقترف جرماً أو إثماً. ضد القاتل.. أو غير القاتل.. وإنما يحمي فقط مصالحهم وخدماتهم. وبلا تمييز؟!!! واللافت في هذه الظاهرة.. ظاهرة القتل.. غير المبرر.. وضد أناس لم يقترفوا جرماً.. ولم يسلكوا سلوكاً منحرفاً.. أصبحت تمر علي المجتمع.. وكأنها.. تصرفات وسلوكيات عادية. وطبيعية.. ويعتبرها "المنفذون".. والقتلة الممارسون لها تصرفات سياسية طبيعية.. ضد النظام وضد.. بينما الحقيقة في هذا السلوك وهذا الفهم غائبة تماماً!! فإذا كان الخلاف مشروعاً.. بين فئة من الناس أو المواطنين. وبين السلطة. أو الحكم في الدولة فالمؤكد.. أن هذا "الخلاف المشروع". أو المقبول.. لا يمكن أن يتضمن "حق القتل" أو "حق التخريب".. للمواطنين.. ولمصالحهم. وهذا الأمر يفرض علينا جميعاً.. نحن أبناء هذا الوطن.. أن نقف في مواجهة هذه الجرائم.. وهذا الإرهاب.. المدبر في الخارج.. والمنفذ علي أيدي أبنائنا في الداخل. * * * * * لقد خرج علينا.. وسط هذا التوجه الإجرامي.. من "يبشرنا".. أو بمعني أدق واضح مَن "يهددنا".. بأن ما تقوم به داعش. من جرائم.. لن يتوقف قبل 30 عاماً.. وأن الفوضي التي فرضها علينا الغرب. باقية ومستمرة لعدة سنوات. والسؤال: ما المقصود بهذه "الإملاءات".. أو هذه الأفكار الخبيثة واللئيمة؟!! أيريد الغرب أن يغرس في القلوب والنفوس. والسلوك حالة من اليأس.. أو نوعاً من التسليم بأمر واقع. لا نستطيع إيقافه.. أو مواجهته؟!! أم أن المسألة.. هي العمل وبكل الوسائل.. سواء كانت: فكراً. أو سلوكاً. أو ممارسة.. بأن تتحول الأوضاع وكما خطط لها "الخارج".. حالة دائمة من الفوضي. والاقتتال.. ضحاياها هم شعوب المنطقة.. منطقتنا؟!! وأن تتواصل هذه الفوضي. وعمليات القتل والتصفية والتخريب. إلي أن يتمكن. المخططون والمدبرون. والعملاء من الداخل والخارج.. من فرض الخريطة الجديدة للمنطقة وشعوبها ودولها وكياناتها.. بالتفتيت. والتقسيم. والتخريب والقتل. وباللجوء لجميع أشكال وأنواع الخِسَّة والعدوان والجريمة. ولهذا كله وغيره.. وأمام هذه الأنواع المتعددة من الجرائم والاعتداءات.. علينا جميعاً.. نحن شعوب العالم الثالث.. نحن أبناء الدول والكيانات المستهدفة أن نتيقظ.. وأن ننتبه إلي كل الحيل والألاعيب. التي تلجأ إليها القوي المعتدية. وعملاؤها.. وأن نميز في أحكامنا.. وفي سلوكياتنا وفي مواقفنا.. بين الحق وبين الباطل.. وأن نفرز ونميز بين ما يطرح علينا بسوء نية وقصد.. وبين ما يستهدفه طريق البناء والتنمية.. وإلا كان النصر للأعداء. * * * * * كان الأمل.. بعد هذا العمر الطويل.. من الاضطهاد.. ومن الظلم.. وبعد ما حققته الشعوب الصغيرة والفقيرة.. من تقدم ومن معرفة.. بسبب انتشار التعليم بين أبنائها. وأيضاً.. وبسبب المعارف التي وصلت إلي عقل وضمير. العديد من أبناء شعوبنا.. كما وصلت إلي العديد من أبناء القوي والدول الظالمة. كان المتوقع أن تؤدي هذه "الخلطة" الجديدة إلي نوع من التفاهم. والتقارب. والتعاون بين الجميع. تقارب وتفاهم وتعاون.. يقضي علي العداوة. وعلي الكراهية. وعلي الصراع. فلم يعد مستبعداً أن تصل توابع الكراهية. والعداء إلي الكبار.. ولا تقتصر فقط علي الدول النامية. وبالتالي.. تتسع مساحات الموت والقتل والدمار.. فلا تشمل الصغار فقط.. بل تضم إلي ساحاتها.. الكبار.. بأبنائهم ومصالحهم وكياناتهم.