د.محمد عبدالحليم عمر: صومك وصلاتك وصدقاتك لا تغفر لك تقصيرك في أداء عملك عن موقف الاسلام من بعض الصائمين الذين يقصرون في أداء أعمالهم وواجباتهم الوظيفية بدعوي الصيام يقول د.محمد عبدالحليم عمر أستاذ الاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر: البعض يفعل ذلك بحسن نية. فهم يقولون نتفرغ للعبادة والطاعة حتي نخرج من رمضان بأكبر قدر من المكاسب. وهم بالتأكيد مخطئون في فهمهم للعبادة وفي تعاملهم مع الشهر الفضيل. لأن رمضان شهر عمل وانتاج كما هو شهر عبادة وطاعة وتواصل انساني واجتماعي. واذا كان هدف الصيام تحصيل التقوي كما أخبرنا القرآن الكريم في قوله سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون".. وقوله عز وجل: "وتزودوا فان خير الزاد التقوي".. فهذه التقوي هي التي تدفع المسلم الي أن يقوم بواجباته ويؤدي عمله علي الوجه الأكمل. فالتقوي التي هي هدف الصوم ينبغي أن تعصم المسلم من ارتكاب ما حرم الله. والإكثار من عمل الخيرات. والتقرب الي الله تعالي بكل سلوك راق. وهذا لا يتحقق الا بأن يصوم المسلم عن المفطرات التي تتمثل في شهوات البطن والفرج. وان يؤدي واجبه نحو مجتمعه وأهله. وأن يقوم بواجباته في العمل الذي كلف به علي أكمل وجه. بل أن يكون صيامه حثا له علي إتقان العمل وجودته. لأن هذا من علامات تقوي الله واخلاص العمل لوجهه الكريم. وينبغي أن يكون التزام الصائم في أدائه لعمله انعكاسا وترجمة للتخلق بأخلاق الصيام. لا يجوز أبدا أن يستخدم الصائم صيامه ذريعة للتقصير في أداء واجباته أو الاهمال في القيام بالعمل المكلف به. فأحيانا يكون عمل الانسان فيما يعود عليه أو علي الناس بالنفع أفضل عند الله وأولي من العبادة. ولذلك رخص للصائم الافطار منعا للمشقة عليه. ورخص لصحاب العمال الشاق في رمضان بالفطر. لأنه يؤدي عملا نافعا للمجتمع ولنفسه. إن العبادات التي يؤديها المسلم في رمضان من صوم وصلاة وصدقات مفروضة وتطوعية لا تشفع للصائم تقصيره في أداء عمله. ومن يعتقد أو يفهم غير ذلك فهو لا يدرك المقاصد الشرعية والأهداف السامية للعبادات وخاصة عبادة الصوم.. فالصيام ليس مجرد طقوس يؤديها المسلم. بل هو عبادة ترتبط بعبادات ويترتب عليها واجبات. وإهمال الأعمال والواجبات في رمضان تقصير يحاسب عليه المسلم لاشك في ذلك. وقد يحرم هذا التقصير من أجر وثواب العبادة فيكون ممن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيهم: "رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش".. وهذا أمر مهم ما أحوجنا الي أن نتدبره ونعي حقائقه.