أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها في الحكم الصادر ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في القضية المعروفة باسم قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير وعدم قبول الادعاء المدني. جاءت الحيثيات والتي حصلت "الجمهورية" علي نسخة منها في 55 ورقة أوردت فيها المحكمة وقائع الاتهامات وأقوال الشهود والذين كان من أبرزهم اللواء الراحل عمر سليمان نائب الجمهورية الأسبق والمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق والدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية الأسبق واللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق والفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق. بلغ عدد الشهود الذين وردت أسماؤهم في الأوراق 123 شاهداً و1600 مصاب و350 من أهالي المتوفين و150 من الأطباء الشرعيين. صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد عبدالقوي نائب رئيس محكمة النقض وعضوية المستشارين كمال قرني ومحمد طاهر وأحمد البدري وأحمد قزامل بحضور المستشار أحمد أبوالليل محامي عام أول النيابة والمستشار هيثم سليمان رئيس النيابة وأمانة سر طارق عبدالعزيز. قالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه لما كان من المقرر قانوناً إن الأحكام الجنائية الصادرة بالبراءة بناء علي أن الواقعة المرفوعة بها الدعوي الجنائية لم تقع أصلاً أو أنها في ذاتها ليست من الأفعال التي يعاقب القانون عليها تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة للمتهمين الذين قضي لهم بالبراءة أو ليسوا مما نسب إليهم ولو في إجراءات لاحقة المساهمة في تلك الواقعة عينها فاعلين أو شركاء إذا كانت هذه الأحكام تعتبر كذلك فالعلة إنما هي وحدة الواقعة الجنائية وارتباط الأفعال المنسوبة لكل متهم ارتباطاً غير قابل بطبيعته لأي تجزئة ومقتضياً انتفاء كل تفرقة بين هؤلاء المتهمين في صوالحهم المستمدة من ذلك العامل المشترك بينهم وهي الواقعة المتهمون هم فيها بل مقتضياً حتماً أن تكون تلك الصوالح متحدة اتحاداً يستوجب أن يستفيد كل متهم من أي دفاع مشترك وهذه العلة أساسها ما تمليه المصلحة العامة من وجوب تجنب ما تتأذي به الجماعة من قيام أي تناقض في الأحكام الجنائية المتعلقة بالأرواح والحريات الأمر الذي يقتضي اعتبار تلك الأحكام وهذا شأنها حجة في حق الكافة مادام ذلك لا يكون فيه مساس بما هو مقرر لكل متهم عند محاكمته من كامل الحق في الدفاع وهذا هو الذي حدا بالشارع إلي أن يسن للمحاكم التي تصدر هذه الأحكام نظاماً خاصاً يغاير ما وضعه للمحاكم المدنية إذ يسر لها السبيل لأن تتحري الحقائق مجردة بغض النظر عن أشخاص الخصوم الماثلين أمامها دون تقيد بأقوالهم أو طلباتهم التي يدلون بها إليها. وإذن فلا يصح عند محاكمة أي متهم عن واقعة أن يحتج بسبق صدور حكم بالبراءة لمتهم آخر بذات الواقعة بصفته فاعلاً معه أو شريكاً له فيها إلا إذا كانت الأسباب التي أقيمت عليها البراءة مؤدية بذاتها إلي براءة المتهم المطلوب محاكمته أيضاً بحيث لو أن محاكمة المتهمين الاثنين كانت قد حصلت في دعوي واحدة لرمي الحكم فيها بالتناقض البين إذا هو أدان أحدهما وبرأ الآخر. أضافت االمحكمة أنه وحيث إن محكمة جنايات القاهرة قد قضت ببراءة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق من تهم الاشتراك بطريقي التحريض والمساعدة مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المجني عليهم المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه لأسباب حاصلها قيام الاتهام علي الاقتراض والظن والاحتمال وخلو الأوراق من دليل أو قرينة علي توافر عناصر الاشتراك في حق المذكور وصار ذلك القضاء باتاً برفض الطعن بالنقض عليه. وكان البين أن تلك التهم المقضي فيها بحكم بات ببراءة حبيب العادلي هي ذات التهم المنسوب للمتهم محمد حسني السيد مبارك الاشتراك بطريق الاتفاق فيها مع الأول ومن ثم فإنه بعد القضاء المشار إليه ببراءة الشريك حبيب العادلي فإن الاتهام المنسوب للمتهم الماثل "كشريك للشريك" علي ضوء ما سبق من أحكام لا تقوم له قائمة ويفتقد لصحيح الواقع والقانون. بما يتعين معه والحال كذلك القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه. الإدعاء المدني أضافت المحكمة: وحيث إنه عما أثير لدي نظر الدعوي بالجلسات بشأن الادعاء مدنياً فإنه باستعراض تداول الدعوي المدنية خلال مراحل الدعوي تبين أنه لدي نظر الدعوي أمام محكمة الجنيات لأول مرة بعد ضم الجنايتين رقمي 1227 و3642 لسنة 2011 قصر النيل قضت بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد عن تهمة الاشتراك مع مجهولين بطريق المساعدة في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع الجنايتين سالفتي الذكر وبإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المدنية المختصة. وقالت المحكمة: وإذ طعنت النيابة العامة والمتهم علي ذلك الحكم بالنقض فقضي بجلسة 13 من يناير سنة 2013 في الطعن رقم 5334 لسنة 82 قضائية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لمحكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها دائرة أخري وذلك دون ثمة إشارة لأي ادعاءات مدنية إذ لم تكن مطروحة عليها. ولدي نظر محكمة الجنايات محكمة الإعادة للدعوي لثاني مرة قضت بجلسة 8 من يونيو 2013 بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمامها مبررة ذلك بحجية الحكم الصادر بجلسة 2 من يونيو سنة 2012 بهيئة سابقة والمشار إليه آنفاً بإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المدنية المختصة وباقتصار قضاء النقض في الجنايتين سالفتي الذكر علي نقض الأحكام الجنائية بما لا يجيز للمدعين بالحقوق المدنية الادعاء مدنياً أمامها من جديد مضيفة أن طبيعة الطعن بالنقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل مدعين بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوي الجنائية بعد نقض الحكم. كما قضت ذات المحكمة ببراءة حبيب العادلي مما أسند إليه من اتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بالقتل العمد والشروع فيه.. وبعدم جواز نظر الدعوي االجنائية قبل المتهم محمد حسني السيد مبارك بشأن اتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه. وإذ طعن المدعون بالحق المدني والنيابة العامة علي قضاء محكمة الإعادة المشار إليه آنفاً بطريق النقض فقضي بجلسة 4 من يونيو سنة 2015 في شأن الدعوي المدنية بعدم جواز طعن المدعين بالحق المدني بالنقض علي الحكم القاضي بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمام محكمة الإعادة وذلك لكونه غير منه للخصومة أو مانع للسير في الدعوي المدنية. كما قضي بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده محمد حسني السيد مبارك عن تهمة الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه دون غيرها. أشارت المحكمة إلي أنه وحيث من المقرر قانوناً أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوي إلي محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فإن إعادة الدعوي نفاذاً لحكم محكمة النقض إلي هذه المحكمة محكمة الموضوع يعود بها إلي الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض والتي يبين من السرد السابق لمراحل تداول الدعوي اقتصارها علي الدعوي الجنائية من دون الدعوي المدنية وذلك بعدما فصلت فيها في الدعوي المدنية محكمة الإعادة بعدم جواز نظر الادعاء المدني وصيرورة ذلك القضاء باتاً بقضاء محكمة النقض الصادر بعدم جواز نظر طعن المدعين بالحق المدني ومن ثم فإن الجدال في شأن الدعوي المدنية وهي غير مطروحة أمام هذه المحكمة لا يكون جائزاً كما لا يقبل أمامها الادعاء مدنياً لأول مرة بعد نقض الحكم. وسردت الحيثيات وقائع القضية حيث اتهمت النيابة العامة محمد حسني السيد مبارك لأنه خلال الفترة من 25 يناير 2011 إلي 31 يناير 2011 بمحافظات القاهرة والجيزة والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبني سويف. اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم حبيب إبراهيم حبيب العادلي وزير الداخلية حينئذ والسابق إحالته للمحاكمة الجنائية بارتكاب جنايات الاشتراك في قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار المقترنة بها جنايات أخري بأن عقدا العزم وبيتا النية علي قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً علي تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة علي تنفيذ الجريمة وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية علي هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق علي الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين علي التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية لمنصبه واستمراره في الحكم فأطلق أحد قوات الشرطة أعيرة نارية من سلاحه علي المجني عليه معاذ السيد محمد كامل المشارك في إحدي المظاهرات فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياته وقد وقعت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق علي النحو المبين بالتحقيقات. وقد اقترنت بهذه الجناية وتلتها العديد من الجنايات الأخري هي أنه في ذات الزمان والأمكنة. ** اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم حبيب إبراهيم حبيب العادلي وزير الداخلية وقتئذ في قتل المجني عليهم أحمد محمد محمد محمود والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية علي قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً علي تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة علي تنفيذ الجريمة وتابع عمليات إطلاق ضابط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية علي هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق علي الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين علي التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم علي المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين حال مشاركتهم في تلك المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية الأخري والتي أودت بحياتهم حالة كون بعضهم أطفالاً وقد وقعت جرائم القتل المذكورة بناء علي هذا الاتفاق علي النحو المبين بالتحقيقات. ** اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم حبيب إبراهيم حبيب العادلي وزير الداخلية وقتئذ في الشروع في قتل المجني عليهم محمد عبدالحي حسين الفرماوي والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية علي قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرت السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً علي تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع. وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة علي تنفيذ الجريمة وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية علي هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق علي الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين علي التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم علي المجني عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخري حالة كون بعضهم أطفالاً وقد خابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج وقد وقعت هذه الجرائم بناء علي هذا الاتفاق علي النحو المبين بالتحقيقات. وقضت محكمة جنايات القاهرة بضم الجنايتين المشار إليهما ليصدر فيهما حكم واحد قضت في 2 من يونيه سنة 2012 حضورياً بمعاقبة محمد حسني السيد مبارك بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام بالاشتراك في جرائم القتل العمد المقترن بجنايات بالقتل والشروع فيه موضوع الاتهام المسند إليه بأمر الإحالة وبإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المختصة. فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في ذلك القضاء بطريق النقض.. كما قضت محكمة النقض بقبول طعن المحكوم عليه والنيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبإعادة القضية إلي محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد بدائرة أخري. وقضت محكمة الإعادة بعدم جواز نظر الدعوي الجنائية المقامة قبل محمد حسني السيد مبارك بشأن الاتهام بالاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه لسبق صدور أمر ضمني بالأوجه لإقامة الدعوي الجنائية قبله من النيابة العامة سنة .2011 وكانت محكمة الإعادة قد قضت بعدم جواز نظر الادعاء المدني. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده محمد حسني السيد مبارك عن تهمة الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه دون غيرها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.