* حينما قامت ثورة 23 يوليو ..52 أحدثت في حياة المصريين طفرة غير مسبوقة.. إذا تحول المصريون من شعب سلبت إرادته علي مدي عقود وعقود إلي شعب يملك زمام أمره.. وتولي أمره أحد أبناء مصر المخلصين الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر.. الذي وضع عنقه علي كفه هو باقي زملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين هم أعضاء تنظيم الضباط الأحرار. * ثورة يوليو المجيدة لم تكن مجرد حركة للجيش المصري أيدها الشعب المصري علي بكرة أبيه.. ولكنها كانت ثورة بمعني الكلمة إذا اطاحت برءوس الفساد والاستبداد الذي عاني منه المصريون علي مدار تاريخهم من أسرة محمد علي التي نصبت نفسها حاكمة لهذا الشعب حتي أفقرته ونزعت منه حقوقه حتي في أن يكون إنسانا يحكم نفسه بنفسه وحينما أراد الله لهذا الشعب الانصاف قيض له رجالا من أبنائه المخلصين ليكونوا هم حملة مشاعل الحرية ولتكون القيادة لهم.. عاملين لكل ما هو في صالح هذا الشعب.. وبالفعل أعلنت الثورة المباديء الستة الشهيرة.. كان الانجاز تلو الإنجاز وأحس المصريون بالتغيير نحو الأفضل ازيلت اثار الاحتلال البريطاني بموجب اتفاقية الجلاء عام ..54 وغادر آخر جندي بريطاني أرض مصر بعد احتلال دام 74 عاما.. ثم مضت الثورة تقيم وتشيد المشروعات العملاقة صناعية وزراعية وتم إنشاء السد العالي وبدأ تشغيله فعليا عام .70 اضف إلي ذلك القوانين الإصلاحية العديدة التي اقرتها كقوانين الإصلاح وإعادة توزيع الملكية للأراضي الزراعية وهي القوانين التي انصفت الفلاح المصري الذي صار المالك الفعلي لأرضه التي رويت بعرقه علي مدي سنوات طويلة مضت.. هذا علاوة علي قوانين مجانية التعليم التي لاقت قبولا كبيرا لدي جميع شرائح الشعب المصري الذين كانوا محرومين من هذا الحق.. فلم يكن يستطيع تعليم أبنائه سوي أبناء الطبقات الراقية من ذوي الألقاب "الباشا.. والبك" أما باقي طوائف الشعب فإن ملاذ تعليم أبنائهم كان مقتصراً علي الأزهر الشريف لتعلم العلوم الدينية واللغة العربية.. وفقط. أما من أراد الالتحاق بالكليات العلمية أو كما يسمونها كليات القمة لم يكن بمقدوره ذلك.. من هناك كانت قوانين مجانية التعليم واحدة من الأهداف الرائعة التي حققتها ثورة يوليو علاوة علي مجانية العلاج علي نفقة الدولة.. وظل المصريون يتمتعون بهذه الميزة حتي الآن.. ولكن حين يخرج علينا أحد وزراء حكومة المهندس شريف إسماعيل لينتقد وبشدة هذين المكسبين تحديدا من مكاسب ثورة يوليو.. ويقول ان مجانية التعليم والعلاج هما من اسباب ما نعانيه الآن وانه علي الدولة ان تتخلص منهما لأنهما يمثلان عبئا كبيرا علي الموازنة العامة للدولة.. ونسي السيد الوزير "المحترم" انه من الأجيال التي تعلمت في ظل وجود هذه القوانين حتي تخرج في كلية الطب وصار الآن وزيرا للصحة.. يا دكتور عماد العيب ليس في منظومة التعليم المجاني أو العلاج المجاني.. وإنما العيب كل العيب في القائمين علي أمر المنظومتين.. مبدأ مجانية التعليم والعلاج أكثر من رائع.. لو أحسن القائمون علي الأمر هنا وهناك التطبيق العملي لما نصت علي القوانين في مجالي الصحة والتعليم اللذين لو حسن استخدامهما منذ عقود لصارت مصر الآن في طليعة الدول ذات الثقل الاقتصادي والسياسي معا.. ولكن دائما وأبدا نقول ونكرر الاشكالية لدينا تتمثل في سوء الادارة وانتشار الفساد في كثير من مرافق الدولة ومنها بالطبع الصحة والتعليم. * عزيزي وزير الصحة.. التغيير الوزاري الأخير كاد يعصف بكرسي وزارة الصحة.. ولكن شاءت الاقدار أن تستمر فالمرجو ان تتلمس السبل الصحيحة لإصلاح ما أفسده الدهر في وزارتك.. وكفي ما يعانيه المصريون من سوء خدمة المستشفيات بكافة أنواعها ناهيك عن الأزمات المتلاحقة سواء في ألبان الأطفال أو الأدوية التي مازالت مشتعلة حتي الآن ولم تجد لها حلا.. عالج القصور الكثيرة الموجودة في الصحة واترك "الغلابة" يا معالي الوزير يتعلمون.. ويعالجون - بشق الأنفس - في مستشفيات وزارتك التي عليها أكثر من علامة استفهام.