نافس في شبابه النجوم الزاهرة. قبل أن تغرب شمسه وتدور عليه الدائرة.. وينطبق عليه قول الشاعر: "وعادت صروف الدهر جيشاً تغاوره". نجم الحركة الأدبية والفنية. ورمز المسيرة الوطنية. بأعماله الشعرية والمسرحية. عاني في أيامه الأخيرة من الجحود والنكران وزوايا النسيان. صاحب الموهبة والهمة. مؤلف نشيد الأمة وكاتب المقالات والقصص والحوارات والقصائد والمسرحيات. الطائر المغرد في الآفاق. المتألق في جميع الجهات وسائر الاتجاهات بدأت علامات نبوغه. وامارات تفوقه في وقت مبكر خاصة في الشعر والأدب واللغة والرياضيات. ونضجت ثمارها في شبابه. ظهرت مقالاته ومقطوعاته الزجلية في الصحف. وتابعها القراء بشغف واهتمام ورددها القاصي والداني في أرجاء البلاد. نسب الكثيرون أعماله إلي مؤلفين آخرين مما اضطره إلي تسجيل نشيد بلادي بلادي و10 أعمال أخري بالمحكمة المختلطة .1923 مما ساعده علي حفظ حقوقه عند تسجيل أعماله علي اسطوانات. وأول مطربة سجلت أسطوانة بلادي بلادي "شركة مينشان" هي الست تودد. ومن بعدها المطرب محمد بهجت. في أول شبابه طلب منه صاحب إحدي الصحف أن يكتب أزجالاً هابطة كانت منتشرة مطلع القرن العشرين لكنه تردد. ثم عاد وقبل بشرط عدم نشر اسمه. وكان يتقاضي جنيهاً ذهبياً في الشهر. وزاد توزيع المجلة. لكنه تركها بعد أن اكتشف أن صاحبها يتقاضي جنيهاً من كل قاريء يسأل عن اسم كاتب المقطوعات الزجلية. عمل الشيخ يونس القاضي رقيباً علي المصنفات الفنية من 28 1937. 42 1954 وكان أول قراراته هو حذف الأغاني الهابطة التي كتبها قبل غيرها. وقال إن هذه الأغاني لم تكن هابطة بالمعني المفهوم. وأشار إلي أغنيات ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين تسبقها في هذا الاتجاه. من الأغاني التي كتبها وقرر حذفها أو منعها: تعالي يا شاطر نروح القناطر ارخي الستارة اللي في ريحنا بعد العشا يحلي الهزار والفرفشة فيك عشرة كوتشينة في البلكونة من الأغاني التي قرر القاضي منعها وأغنية لأم كلثوم يقول مطلعها: الخلاعة والدلاعة مذهبي لكنها عادت بعد أن هذبها الشاعر أحمد رامي وجعلها: الخفافة واللطافة مذهبي كما عادت أغنية فيك عشرة كوتشينة لمحمد عبدالوهاب. قال الشيخ يونس القاضي في حديث إذاعي 1962 إن أول مقطوعة زجلية وطنية كتبها كانت سنة 1911 في مجلة لسيف يقول مطلعها في سخرية من سلطات الاستعمار : يا ست مصر صباح الخير يسعد صباحك يا غنية فين العدالة يا "مونشير" وبس فين الحرية تذكر يونس القاضي علاقته بمصطفي كامل. ومقالاته في أكثر من 20 صحيفة. وأعماله المسرحية والشعرية والسينمائية. وكلماته التي ألهبت المشاعر خلال ثورة 1919. منها نشيد بلادي بلادي. واحنا الجنود زي الأسود. وأغانيه العاطفية والوطنية: شال الحمام حط الحمام. زوروني كل سنة مرة. يا عزيز عيني. ونذكر نشأته في عائلته. "9 أطفال". وكان حزنه شديداً علي ما انتهي إليه مصيره في سنواته الأخيرة. قال في حديث لجريدة الأخبار 1966 قبل وفاته بثلاث سنوات: "قال: أعيش في ضياع. أريد أن تمر أيامي بسرعة. أعيش الآن تائهاً. صرفت كل ما أملك علي الأدوية والعلاج. والخوف من الأيام يطاردني آلامي من الناس فاقت كل ما تجمع في جسدي من آلام. بدت قصيدة الشاعر العباس البحتري كأنها تجسيد لحالة الشيخ محمد يونس القاضي. بعد أن اجتمعت عليه المتاعب والهموم. رغم أن الشاعر قالها في رثاء الخليفة المتوكل العباسي وتصويره لحال الجعفري "قعد الخليفة في منطقة القاطول في بغداد. وعلامات الزمان الذي ظهرت عليه بعد أن كان رمزاً للبهجة والسرور". يقول الشاعر الذي ينسب إلي أحد أجداده "بختر". محل علي القاطول أخلق دائرة وعادت صروف الدهر جيشاً تغاوره كأن الصبا توفي نذوراً إذا انبرت تراوحه أذيالها وتباكره ورب زمان ناعم ثم عهده ترق حواشيه ويونق ناضره إذا نحن زرناه أجد لنا الأسي وقد كان قبل اليوم يبهج زائره وميشيان للأسطوانات أول شركة في مصر في هذا المجال أسسها الأرمني سيدراك ميشيان جاء إلي مصر 1896. وظهرت أول أسطوانة 1903 للمطرب عبده الحامولي. وبعدها المطربة "منتهي الوحيدة" خفيف الروح بيتعاجب للشيح يونس القاضي. توفي شيخ المؤلفين محمد يونس القاضي سنة 1969. وبعد عشر سنوات تحولت قصيدته بلادي بلادي إلي نشيد وطني يعزف في الزيارات الرسمية وتردده الملايين في المناسبات الوطنية. ندعو له بالرحمة. ونردد كلماته: بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي